جفرا نيوز -
محمد داودية
عجيبة، مريبة، بعض هتافات المظاهرات، التي تنطلق منذ بضعة أيام في الرابية، لأنها تنحرف عن الهدف السامي لمظاهرات شعبنا، وتنحرف عن سياق المظاهرات المستمرة منذ نحو 6 شهور، الموجهة ضد جرائم الإبادة الجماعية الإسرائيلية، تلك المظاهرات التي تتم بحماية قوات الأمن العام، التي تمسح خط سير المظاهرات عدة مرات في اليوم، خشية ان يتسلل إرهابي مضلل إليها ليوقع بنا كارثة.
يحاول نفر مدسوس ان يحرف مظاهرات شعبنا، بإطلاق هتافات مشبوهة وإدراجات تحريضية على منصات التواصل، ضد الدستور والقانون والعرش والاستقرار والأمن الوطني. ويقومون ويقمن بالتطاول على رجال الأمن العام، الأكثر وطنية والأشد حرقة على مصاب إخوانهم الفلسطينيين. رجال الأمن العام الذين نقدر صبرهم وانضباطهم وتحملهم المهني النبيل.
تعبر مظاهرات الغضب الأردني النبيل عن وجدان شعبنا العربي وتضامنه مع اشقائه ابناء الشعب العربي الفلسطيني ضد جرائم الإبادة الجماعية الإسرائيلية، فأي دعم لأهلنا في غزة والضفة، هذا الذي يحاول حرف الانظار عن وحشية نتنياهو وعن جرائم عصابات المستوطنين، إلى الأردن، الذي هو المتنفس الإغاثي الوحيد لأهلنا في قطاع غزة والضفة الغربية، ورغم ذلك لم يهتف المتظاهرون للأردن والملك والجيش الذي يمطر قطاع غزة بجسر جوي يومي من انزالات الإغاثة شديدة الاهمية وتعمل كوادره الطبية البطلة في القطاع والضفة بكل سخاء وفدائية ونكران ذات.
أيهما أهم لأهلنا الصامدين في قطاع غزة والضفة: المستشفيات الميدانية والانزالات الجوية اليومية؟ أَم الهتافات والشعارات التي تستفز وتنتقص وتجرّح من يبذل ويقدم ويعطي؟!.
ومن المساخر والهبوط والإفلاس والبلاهة والتحدي الفاشل، ان يستبدل المتظاهرون المسيسون، إسم الملك في اغنية «يا بيرقنا العالي عبد الله الثاني» باسم المذيع الشاب أبو عبيدة، الذي لا يفعل سوى قراءة ما يصله من بيانات حماس، لا يزيد ولا ينقّص !!.
أطلق الطابور الخامس إشاعة ان السفارة الإسرائيلية في عمان مفتوحة، وأن السفير الإسرائيلي موجود في مكتبه بالرابية، فانطلت الإشاعة على الشباب المتحمس، وتدفقوا على الرابية في محاولة لاقتحام السفارة الإسرائيلية المغلقة الفارغة !!.
ثمة ثغرة فاغرة وثقب أسود دائم متكرر في مسألة الشارع، هو غياب أحزابنا الوطنية، التي تعد بالعشرات، عن المظاهرات الوطنية وعن التأثير في الشارع بشكل عام، مما يهيئ فرصاً لإطلاق الإشاعات السامة، التي توتر الأجواء وتسمم الهتافات وتحرفها عن أهدافها الوطنية السامية.
لقد ظل الأردني على الدوام، وسيظل، سَنداً قوياً لشقيقه الفلسطيني ولقضيته العادلة وكفاحه الطويل ضد الاحتلال والاستيطان والعدوان.
وستبوء بالفشل، كل محاولات أعداء الأردن، لتشويه دوره، كما باءت بالفشل، جميع المحاولات السابقة.
وإن هذا التحريض ضد بلادنا، يلتقي ويتطابق مع محاولات الإرهاب والتهريب والميليشيات الطائفية، التي تشاغل جيشنا العربي العظيم على الحدود الشمالية والشمالية الشرقية.
وإن أجهزتنا الأمنية الوطنية المحترفة، قادرة على فرز الشرذمة الضئيلة التي تلعب دوراً تخريبياً، مشبوهاً، وعزلها ومحاسبتها وشكمها.
ان قوة بلادنا وعرشنا، ستظل توفر فرصاً ثمينة جديدة، لتدعيم خط الإسناد الأردني الطويل الثابت لشعبنا العربي الفلسطيني، الخط الممتد من عام 1920، عام مؤتمر شيوخ شمال الأردن في بلدة قم، بزعامة الشيخ الزعيم ناجي باشا العزام.
1920 هو عام المقاومة الأردنية المسلحة للاستيطان اليهودي، بقيادة الشيخ كايد المفلح العبيدات، بطل معركة سمخ وتلال الثعالب وشهيد فلسطين في 20 نيسان عام 1920، وما تلاها من مئات المعارك، وآلاف الشهداء الأردنيين، دفاعا عن المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، التي ستعود حرة عربية مستقلة وعاصمتها القدس، {وما ذلك على الله بعزيز}.
ويعرف من يحاولون، دون جدوى، توجيه الغضب إلى الأردن، ان مزاودتهم على العطاء والدور الأردني، هو حراثة في البحر الميت.
وسأظل أردد: أنا فلسطيني من أصل أردني.