جفرا نيوز -
حمادة فراعنة
لا أحد يتوهم أن الفجوة الطارئة بين إجراءات واشنطن وسياساتها المستجدة، وبين مواقف المستعمرة وعنادها في مواصلة خيار اجتياح قطاع غزة نحو رفح يمكن أن تؤدي إلى انفصال أو إعادة النظر بصيغ التحالف الاستراتيجي العميقة القائمة بين الولايات المتحدة والمستعمرة، فالتحالف بينهما أعمق من أن تؤدي التباينات إلى شرخ عميق بينهما، فالتباين والاختلاف في الأولويات بينهما، هو اختلاف داخل المعسكر الواحد، وفي إطار التحالف المشترك والمصالح المتبادلة، ضد معسكرات متعددة: ضد الصين وروسيا، ضد الموقف العربي الاستقلالي المتحرر إن وجد، ضد نضال الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، بل وضد قرارات الأمم المتحدة وخاصة قراري التقسيم 181 وعودة اللاجئين 194.
الولايات المتحدة تقدمت خطوة إلى الأمام، عبر تصويتها السلبي على قرار مجلس الأمن الصادر يوم الاثنين 25/3/2024، بأغلبية 14 صوتاً مقابل صوت الولايات المتحدة بالامتناع وعدم استعمال حق النقض الفيتو ضد قرار مجلس الامن خلاف ما سبق وفعلت بالمرات الثلاثة السابقة، حينما أحبطت إصدار قرار مماثل.
قرار واشنطن في تصويتها السلبي لدى مجلس الأمن، بالامتناع عن تأييد أو رفض مشروع قرار مجلس الأمن الداعي إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، صفعة سياسية و فركة اذن لحكومة نتنياهو العدوانية المتطرفة، وانقلاباً إجرائياً على مواقفها الثلاثة السابقة التي أحبطت فيها صدور قرار عن مجلس الأمن بوقف إطلاق النار، بعكس موقفها الحالي أول أمس، وهذا يعود لسببين جوهريين:
أولهما تطرف وتعنت وتصلب حكومة نتنياهو التي لا مصلحة لها في وقف إطلاق النار لانه لا يخدم برنامجها في استكمال هجومها على منطقة رفح، ومواصلة جرائمها الدموية الهادفة إلى تقليص الوجود البشري المدني الفلسطيني في قطاع غزة عبر القتل المباشر المتعمد، أو التجويع وفقدان مقومات الحياة، وصولاً نحو التهجير القسري، تحاشياً وهروباً من الوحشية الإسرائيلية.
حكومة نتنياهو في إصرارها على القتل والتدمير فقدت مواقف الأصدقاء الأوروبيين الداعمين لها ونحوها، وعظم من حجم الاحتجاجات الشعبية الأوروبية والاميركية ضدها، مما شكل حالة حرج للإدارة الأميركية، فاضطرت مرغمة لاتخاذ الموقف السلبي في عدم تأييد أو رفض قرار مجلس الأمن.
وثانيهما استجابة لموقف شعبي داخلي أميركي يُطالب الإدارة بالعمل على وقف إطلاق النار في فلسطين، وهو موقف تقوده الجالية الفلسطينية اعتماداً على موقف قادة الجاليات العربية والإسلامية والإفريقية الأميركية.
بايدن في سنته الانتخابية، لم يعد أسيراً لخيار اللوبي الصهيوني اليهودي وحلفائه من المسيحيين الإنجيليين المؤيدين للمستعمرة وحدهم، بل بات أسيرا لخيارين مزدوجين متعارضين و بين مواقف معسكرين: 1- اللوبي الصهيوني وحلفائه وأتباعه اميركيا، 2- والمعسكر العربي الإسلامي الإفريقي في الولايات الاميركية، ولهذا نجده يُقدم السلاح والدعم المادي والتمويلي والغطاء السياسي للمستعمرة طوال الأشهر الماضية، منذ 7 تشرين أول أكتوبر 2023، وتحول ليكون متوازناً ما أمكن ذلك في اتخاذ قرار يتضمن وقف إطلاق النار بعكس كافة مواقفه السابقة.
نتنياهو حردان فأمر بوقف سفر وفده التفاوضي الأمني العسكري لواشنطن، وردت عليه الخارجية الأميركية بوصف القرار الإسرائيلي، على أنه قرار «مؤسف ومستغرب».