جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم عوني الداوود
بمناسبة اليوبيل الفضّي لتولي جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية وجلوس جلالته على العرش، وجّه جلالته الأربعاء الماضي الحكومة إلى إعداد مشروع قانون للعفو العام والسير بإجراءاته الدستورية.
جلالة الملك أكد على أهمية أن يراعي مشروع القانون المصلحة العامة، وأن يحافظ على الحقوق الشخصية والمدنية، وفق مبادئ العدالة وسيادة القانون، وألاّ يتعارض مع مقتضيات الأمن الوطني والسلم المجتمعي.
كذلك فقد أعرب جلالته عن أمله في أن يسهم مشروع القانون في:
-التخفيف من الأعباء عن المواطنين.
-العمل على مساعدة من حادَ عن طريق الحق وجادة الصواب في تصحيح مساره.
- والمساهمة في بث روح الإيجابية والتسامح في المجتمع وإشاعة مفهوم العدالة التصالحية.
العفو العام مكرمة ملكية امتاز بها ملوك بني هاشم منذ نشأة الدولة الأردنية فصدر 18 قانون عفو عام في تاريخ ملوك الأردن الهاشميين (4 مرّات في عهد الملك المؤسس عبدالله بن الحسين /مرّة واحدة في عهد الملك طلال بن عبدالله / 9 مرّات في عهد الملك الحسين بن طلال..رحمهم الله جميعًا).. وأصدر الملك عبدالله الثاني أعزّ الله ملكه 3 مرات العفو العام بين الأعوام 1999- 2019.
من أهم أهداف العفو العام «التخفيف» من الأعباء على المواطنين (وما أكثرها) في هذه الظروف.. وهو هدف رئيس مهم ومؤثّر وله انعكاسات كبيرة على كثير من العائلات والأسر اقتصاديًا واجتماعيًا، بالإضافة الى الأبعاد الإنسانية العديدة الأخرى.
العفو العام له آثار اقتصادية على «خزينة الدولة» وعلى «الأفراد والعائلات والشركات»..الخ، ويتم الموازنة بين كل الأبعاد والاهداف للعفو العام وبما يفرّج ويخفف من الأعباء على المواطنين، وبما يحفظ في المقابل الحقوق الشخصية والمدنية وفق مبادئ العدالة وسيادة القانون.
العفو العام ربما يشكّل ضغطًا من ناحية على الموازنة العامة، بإلغاء مبالغ تشمل مخالفات السير وغرامات التأخير وإيرادات أخرى للخزينة - يتوقع الكشف عنها خلال الأيام القليلة القادمة - وإنجاز القانون قبل عيد الفطر السعيد، كي تتزامن أفراح رمضان مع أفراح العيد، وبما يخفف من الغمّة السائدة والمؤثرة على المزاج العام للمواطنين الأردنيين الأكثر تأثرًا بما يتعرض له الأهل في غزة من عدوان وجرائم إبادة.
ولكن رغم ما يمثله «العفو العام» في بعض جوانبه من ضغوط على «الخزينة» إلا أن إيجابيات العفو العام ستعود من أبواب أخرى على «الخزينة» اقتصاديًا بالإضافة إلى الفوائد العديدة للعفو العام اجتماعيًا وأمنيًا واقتصاديًا.. وفي ما يلي بعض الأمثلة لما نقول:
1 - في حال شمول العفو العام إلغاء مخالفات أو رسوم أو غرامات، فسوف يوجه ذلك على الأغلب إلى الإنفاق الاستهلاكي فيما تبقّى من أيام الشهر الفضيل وعيد الفطرالسعيد بما ينشّط الحركة التجارية في مختلف الاسواق والقطاعات.
2 - في حال شمول العفو موقوفين أو محكومين على خلفية قضايا مالية أو شيكات بدون رصيد لظروف قاهرة حالت دون السداد فسوف يمهد العفو ويساعد على بثّ روح الإيجابية والتسامح في المجتمع وإشاعة مفهوم العدالة التصالحية، في حال التوصل إلى توافق بين «الدائنين والمدينين».
3 - قد يساهم العفو العام بالتفريج على كثير من المتعثّرين من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة خصوصًا ما يتعلق بإسقاط الحق العام، وسوف يمكّن ذلك بالتأكيد من إعادة ترتيب أمور تلك المشاريع وتصويب أوضاعها لتأخذ دورها الاستثماري في السوق المحلية.
4 - العفو العام قد يشمل شريحة كبيرة من الشركات والمؤسسات وكذلك الأفراد من المتعثرين ماليًا ويساعدها بتخفيف التزاماتها لدى الدوائر الضريبية والجمركية، ولدى الأراضي والمسقفات، وأمانة عمّان والبلديات، ووزارة العمل وتصاريح الاقامة..من خلال إسقاط تلك الغرامات والمخالفات القانونية.
5 - العفو العام له أبعاد حتى بتخفيف كلف السجناء على خزينة الدولة، فالدراسات تشير إلى أن كلفة النزيل الواحد شهريًا تقدّر بنحو (750) دينارًا.
باختصار: العفو الملكي جاء في وقت مهم للغاية يعاني فيه المواطنون من ضغوط الأحداث الإقليمية والحرب على غزة، فجاء العفو بمثابة «عيدية» ومكرمة من جلالة الملك، و«العفو» بعيدًا عن كل الحسابات والكلف الاقتصادية التي يمكن أن يتم احتسابها بدقة أكثر بعد صدور القانون إلا أنه يعدّ «استثمارا في السلم الأهلي وفي تحسين معيشة المواطنين»، وسيكون له بالتأكيد انعكاسات اجتماعية واقتصادية إيجابية، فما قد ينقص من إيرادات كانت متوقعة للخزينة من الغرامات والمخالفات، سيتحوّل إلى إيرادات للخزينة نتيجة لزيادة الإنفاق وتحسن الحركة التجارية.