جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم رمزي الغزوي
في الأسواق نسمع شتائم على التهاب وشياط الأسعار بصورة استثنائية في هذا الرمضان لا سيما أسعار أو «سعار» اللحوم البلدية والمستوردة. نسمع شتائم أرض أرض، وأخرى أرض جو، وأحياناً شتائم عابرة للقارات. وكذلك الذي لا يعجبه ثمن الملوخية يشتم ويسب الجشع والجشعين والانتهازيين ومعهم وزارة التموين، ناسياً أنه لا وجود لهذه الوزارة. ثم يتردد قليلاً ويروز الكيس الصغير بقبضة يده، وكأنه يشاور نفسه ثم يشتريه ويمضي.
والذي يقف مساوماً صاحب بسطة اللوز الأخضر، الذي وصلت أسعاره أرقاما قياسية يشتم اللوز شتيمة من تحت الدست، والغريب أنه يشتري منه ويمضي، وكأنه مفطوم عليه. والأمثلة أكثر من أن نحصرها ونعددها.
عندما تدوس على ذيل قط بيتي سيطلق مواء يشبه شتيمة أيضاً، فأنت سبّبت له ألماً استطاع امتصاصه بهذا المواء الطويل. وكذلك البشر فقد كانوا يصرخون عند تعرضهم للألم، ثم تحولت هذه الصرخات إلى شتائم، هذا ما يقوله (ريتشارد ستيفنز) أخصائي الطب النفسي البريطاني، بعد أن أجرى دراسة أفادت أن استخدام الشتائم، وحتى المقذعة والنابية منها، له تأثير إيجابي على جسم الإنسان، بل إنه يسكّن الآلام، ويساعد على إراحة الأعصاب.
ربما تريحنا الشتائم وخاصة الكبيرة منها، ولربما تروّح عنا، ولكننا نحتاج إلى دراسة أخرى لنفسية للمواطن الأردني، وردود أفعاله، وتصرفاته خلال موجات سعار الأسعار، فهو لا يستخدم التكتيك المعروف، في كثير من بلاد العالم، التي تنتابها مثل تلك الموجات، أي تكتيك (اطلبْ واهربْ)، أي أطلب شيئاً ما، ثم اهرب دون أن تشتريه، مستغنياً عنه، حتى يعود لسعره الطبيعي. لكننا شعب (برنجه)، أو (خوش شعب)، فنحن لا نتهافت على شيء بشكل عجيب، إلا حين يرتفع سعره بطفرة كبيرة.
ارخصوا الاشياء بتركها، فلا أحد يضربك على يدك، ولا أحد يأمرك أن تأخذ قرضاً بنكياً لمواجهة شهر رمضان، وكأنه شهر الأكل وزيادة الوزن. يا أخي إذا لم يعجبك سعر الفجل دعه يذوي، ويخيس ويبور، في حضرة أصحابه، وإذا لم يعجبك سعر البصل الأخضر، فأتركه يصفرُّ و(يطنن) على بسطته، وإذا لم يعجبك سعر الخيار، فدعه يكبر ويشيخ، ويصبح شماماً عند الدكان.
فكم نحتاج إلى فكرة إرخاص الأشياء بالاستغناء عنها، ولو لحين يسير. وهنا يأتي دور جمعيات حماية المستهلك الفاعلة التي تخرج من صلب معاناة الناس، والتي نفتقرها في بلادنا، رغم إصابتنا المزمنة بمرض ارتفاع الأسعار.