جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم محمد خرّوب
ما يزال إعلان حكومة ريشي سوناك, عن تعريفٍ بريطاني جديد للتطرف, ردّاً على ما وصفته تصاعد جرائم الكراهية ضد «اليهود والمسلمين», منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي وما أعقبها من حرب إبادة وتجويع بدأها جيش العدو الصهيوني ضد قطاع غزة المُحاصر والمنكوب، يثير جدلاً ونقاشات وخلافات داخل بريطانيا وعبرها إلى القارة الأوروبية كما الولايات المتحدة الأميركية، خاصة أن بريطانيا ذات «خِبرات» قديمة ومُتعددة طالما لجأت سابقاً, في إصدار عدة «تعريفات» للتطرّف، خاصة بعدما أخذت زخماً مُتدحرجاً منذ هجمات الحادي عش? من أيلول/2001 على الولايات المتحدة، والتصاعد اللافت لظاهرة الإسلاموفوبيا, التي اتسع نطاق استخدامها، حتى باتت شائعة الاستخدام المُتعسِّف, كلما تورط فرد أو تنظيم يدّعي الإسلام أو يحمل شعاراً قريباً منه, خاصة في الأوساط الانجلوساكسونية وجماعات وأحزاب اليمين المُتطرف في أوروبا، وعلى الأخص في دولة العدو الصهيوني واستثمار اللوبيات اليهودية كما المُتصهينة في المعسكر الغربي, لهذا المفهوم في تبرير وحشية وعنصرية وإجراءات العدو الصهيوني, واستمرار الاحتلال الصهيوني واستيطانه في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وإذ كان المجتمع الدولي قد اختلف وما يزال, بشأن التوصّل إلى تعريف دقيق لمفهوم «الإرهاب», في ظل إصرار دول المعسكر الغربي على وصفِ حركات التحرّر الوطني وبخاصة المقاومة الفلسطينية بـ«الإرهاب»، في مسعى غربي لتبرير تقاعسه بل تضامنه وشراكته مع الكيان الصهيوني الاستعماري العنصري في فلسطين، فإن مفهوم «التطرّف» ذاته ما يزال أسير السردية الغربية الاستعمارية ذاتها, ويمكن رصد ذلك على نحو جليّ في الـ"تعريفات» البريطانية المتعددة ذاتها طوال العقد الأخير من القرن الحالي, والتي سبقت التعريف الأخير الذي أصدرته حكومة سوناك ا?خميس الماضي/14 آذار، رغم الانتقادات التي طالته داخل بريطانيا ذاتها وخارجها, وبخاصة أن التعريف الجديد (الذي «ألغى» تعريف سابقاً) يُهدد حرية التعبير.
من هنا يمكن التوقف عند تصريح رئيس الحكومة البريطاني/سوناك, الذي كان حذّر في وقت سبق صدور التعريف الجديد، عندما قال من أن «المتطرفين الإسلاميين واليمين المُتطرّف يقوّضون عمداً الديمقراطية مُتعددة الأعراف في بريطانيا, داعياً إلى «بذل المزيد من الجهود لمعالجة المشكلة»..
صحيح أن منظمة «يهودية» بريطانية, كما مجموعة «إسلامية» في المملكة المتحدة, قد اعلنتا «كل على حِدة», أن الحوادث المُعادية للسامية قد ارتفعت 147% خلال العام 2023 إلى مستويات قياسية منذ السابع من أكتوبر الماضي، كما قالت المنظمة «اليهودية». في الوقت ذاته الذي قال مجموعة «تِل ماما» التي تُراقب الحوادث المُعادية للمسلمين الشهر الماضي, أن جرائم الكراهية ضد المسلمين ارتفعت 335% منذ السابع من أكتوبر 2023. إلا أن التعريف البريطاني الجديد الذي وصفه منتقدون, بأنه قد يُؤدي إلى «نتائج عكسية قبل البدء العمل به«, على ما قا? رئيس أساقفة كانتربري/ جاستن وِلبي, لافتاً أن «المشكلة» في تعريف التطرّف من الجهات العليا, هي أنه يصطاد الذين «لا نُريد الإمساك بهم», مُضيفاً: أنه قد «يحرِمنا ذلك عن طريق الخطأ, مما نتمتع به على نحو كبير للغاية في هذا البلد, وهو حرية التعبير الواسعة جداً والقدرة على المعارضة بقوة».
كيف يصِف التعريف البريطاني الجديد.."التطرّف"؟.
• بالنصً الحرفِي يقول: إن التطرّف هو «ترويج أو تعزيز أيديولوجية تقوم على العنف أو الكراهية أو التعصب، تهدف إلى تدمير الحقوق والحريات الأساسية؛ أو تقويض أو استبدال الديمقراطية البرلمانية الليبرالية في بريطانيا, أو خلق بيئة للآخرين عن عمد لتحقيق تلك النتائج».
• إلغاء أو تدمير الحقوق والحريات الأساسية للآخرين.
• تقويض أو قلب أو استبدال نظام المملكة المتحدة, للديمقراطية البرلمانية الليبرالية والحقوق الديمقراطية.
• تهيئة ظروف عن عمد تسمح للآخرين بتحقيق النتائج في (1) أو (2).
المُدقق في النص السابق يلحظ عموميته فضلاً أنه يمنح الجهات الحكومية ذات الصلة هامشاً واسعاً لتفسير مسألتي «الترويج والتعزيز» لأي أيديولوجية يُراد إستهدافها, الأمر الذي دفع جوناثان هول، المُراجع الحكومي المُستقل لتشريعات الإرهاب، إلى التحذير من أن السياسة الجديدة «قد تُقوض سمعة المملكة المتحدة؛ حيث سيُنظر إليها على أنها غير ديمقراطية». فيما قالت زارا محمد، رئيسة المجلس الإسلامي في بريطانيا، لمحطة BBC NEWS، أن التعريف الجديد سيُؤدي إلى «استهداف غير عادل للمجتمعات الإسلامية». وهناك مَن أكد أنَّ الحكومة البريطا?ية قلَّصت بالفعل تعاملاتها مع المجلس الإسلامي البريطاني، وهي أكبر جماعة إسلامية في بريطانيا، وقيّدت اتصالاتها مع مختلف الإدارات الحكومية. دون إهمال ما استبطنته تصريحات ريشي سوناك في وقت سابق أمام مجلس العموم أثناء مناقشة الاحتجاجات المُؤيدة للفلسطينيين التي اندلعت منذ حرب غزَّة، بقوله: «في مناسبات عديدة في الآونة الأخيرة، إختطفتْ شوارعنا مجموعات صغيرة مُعادية لقيمنا، ولا تحترم تقاليدنا الديمقراطية». مُضيفاً إن هناك «قوى هنا في الداخل تحاول تمزيقنا».
** استدراك:
ثمَّة تعريف بريطاني «سابق للتطرف» تم اعتماده عام/2011 تالياً نصه: التطرّف هو «مُعارضة صريحة أو نشِطة للقيم البريطانية الأساسية، ومنها الديمقراطية وسيادة القانون والحرية الفردية والاحترام المتبادل والتسامح بين الأديان والمعتقدات المختلفة».
فيما تقول حكومة سوناك: إن القانون الجديد «أضيق نطاقاً وأدقّ», وسيُساعد في «التعبير بوضوح» عن كيفية «إثبات» التطرّف في السلوكيات.
... فـَ«تأمّلوا.