جفرا نيوز -
جفرا نيوز -بقلم - المستشارة والكاتبة التربوية : د.ريما زريقات
أبدأ طرحي هذا بتهنئة الوطن وسيدنا الغالي والشعب الأردني بالشهر الفضيل ، أعاده الله على الوطن وهو بأمنه واستقراره وسموه ، كنت قد كتبت مقالة سابقة أو أكثر تحدثت فيها عن التعليم ولقاء تلفزيوني أيضا ، وكنت سعيدة وانا أتابع معالي وزير التربية والتعليم د.عزمي محافظة الأكرم - وأجزم أنه قرأ هذه المقالات لمعرفتي به متابعا لهذا النوع من المقالات والمتعلق بوزارة التربية - بلقاء له وتصريحاته بكلية الدفاع الوطنية وعلى قناة المملكة حيث طرح ما يتعلق بفلسفة التربية والتعليم والمبادئ والأسس وغيرها ، كما تمت العودة لأسس النجاح والإكمال والرسوب ، وبكل صراحة ومع كل تقدير ، كانت اللغة مهنية وتربوية وليست كغيرها من تصريحات سابقة ، لكني معاليكم أريد أن أكتب كلماتي هذه وأنا ابنة التربية والتعليم في جميع الخبرات والوظائف في الميدان ومركز الوزارة ومعاصرة لكل ما حدث فيها لمدة 29 عاما وأرجو معاليكم ألا تسجل عتبا علي ، بل اعتبروها لمصلحة وزارتي الحبيبة ووطني الغالي الذي أغار على مصلحته وسمعته ، خاصة أن ما دفعني للكتابة هو تناقل البعض فيديوهات لتقريرين بثتهما قنوات غير أردنية ، استفزت عاطفتي وغيرتي وكينونتي ، لكم كل احترام وتقدير .
معالي الوزير ....قبل قرابة أربعة شهور تم الإعلان عن ترتيب الأردن في الاختبار الدولي بيزا وقد ساءني كثيرا وكنا نتمنى أن يخرج علينا المعنيين وتقديم تغذية راجعة بخصوص هذه النتائج أو تبرير هذه النتائج بطرح تربوي عميق موضحا الأسباب والمسببات ، لكن للأسف لم يحدث ذلك بالرغم من استياء المجتمع الأردني من ذلك والأثر والبعد السلبي الذين تركتهما هذه النتائج .
صرحتم معاليكم بأن طلبة العاشر لا يقرؤون ولا يكتبون وهذا ما أثار استياء أعظم لدى أولياء الأمور والمجتمع وتراجع الثقة في مؤسستنا الوطنية ، لذلك دعني أسأل معاليكم ما يلي : هل جاء تصريحكم هذا وتعميمكم بناء على نتائج الاختبار الدولي "بيزا" في اللغة العربية مثلا ؟! إن كان بناء عليه فهذا التعميم تربويا غير مقبول لأن عينة المدارس التي طبق عليها هذا الاختبارالدولي هو " 265 مدرسة " حكومية وخاصة ووكالة غوث وثقافة عسكرية ومخيمات ، علما بأن عدد المدارس الحكومية 4000 مدرسة تقريبا ، والخاصة قرابة 3600 عدا عن وكالة الغوث والثقافة العسكرية ، وهل تعلمون معاليكم أن هناك 31 مدرسة خاصة من ضمن العينة و ثلاث مدارس من مخيمات السوريين ضمن العينة وست عشرة مدرسة من وكالة الغوث / الأونروا ضمن العينة و احدى عشرة مدرسة من مديريات الثقافة العسكرية ضمن العينة ، وفقط 204 مدارس حكومية صباحي ومسائي ، ذكور وإناث ضمن العينة ، فهل نعمم نتيجة لتنوع مدارس وعدد محدود على تعليم الوطن بأكمله أو على طلبة الصف العاشر في المملكة ؟! وكذلك أريد أن أضيف معاليكم بأنني مطبق ومصحح لاختبار البيزا مسبقا ، فالاختبار يقيس مهارات تراكمية عليا مرتبطة بالتوظيف والتركيب والتقويم وربط المعرفة بالحياة ، وليست أدنى المهارات الأساسية لدى الطلبة ، كذلك فالتصحيح مختلف تماما ، لا يعتمد الإجابة الصحيحة فقط بل نمط وطريقة تفكير الطالب ويصحح ذلك ، ولا ننسى أن الطلبة لا يولون هذا الاختبار جل اهتمامهم لأنهم يعلمون أنه لن يتم احتسابه في معدل الطالب أو تحصيله العلمي ، ولا ننسى خطورة المرحلة النمائية .
اسمح لي معاليكم ، وإن كان تصريحكم مبني على تقييم طلبة العاشر لهذا العام وهم طلبة المسار المهني والتقني وهي مدراس ذات عدد محدود، وبناء على مقررات بيرسون البرنامج البريطاني، فلا يجوز تعميم نتائجها على جميع طلبة العاشر في المسارات الأكاديمية أيضا ، ثم اسمح لي معاليكم ، أعتقد أنه كان من الأجدر تأجيل المسار المهني للعام القادم - بالرغم من قناعتي التامة به وضرورته - وتنفيذ دراسة مسحية أو اختبار كاختبار ضبط نوعية التعلم الوطني وتطبيقه من قبل أشخاص من خارج المديرية وليس المدرسة فقط وتصحيحه مركزيا في وزارة التربية والتعليم وليس على عينة ، بل على جميع طلبة الصف الثامن العام الماضي ، وتقييم المهارات وتصنيفهم معرفيا و مهاريا وموائمة منهاج بيرسون مع مناهجنا ، والعمل على تكثيف تأهيلهم للصف التاسع هذا العام للتأكد من نجاح البرنامج الرائع وضمان ديمومة استعداد الطلبة لذلك ، وأعلم معاليكم أن تغيب الطلبة عن هذا المسار لأنهم فوجئوا به بعد الاختيار ،ولم يتمكنوا من التراجع بسبب بدء العام الدراسي ، كم أن الفصل الثاني بدأ مبكرا وفي وقت الشتاء القارس أيضا ،وهذا سبب نسبة الغياب ولم نعاني مسبقا من ظاهرة الغياب أو التسرب المدرسي بنسبة كبيرة سوى طلبة التوجيهي وانتم تعلمون أن غالبية الطلبة ملتحقون بالدروس الخصوصية وجاء ذلك نتيجة لاعتيادهم أيضا على العطلة أثناء كورونا ، وأضيف معاليكم أن تخفيض نسبة الغياب لن تغير شيئا كثيرا ، فليكن 10% بعذر و 10% بدون عذر ، فليس أيضا جميع الطلبة يكون غيابهم كاملا ، وهناك طلبة متميزون قد يحتاجون لإجراء عملية مثلا ولن تقل عطلتهم عن 3 أسابيع ، فهل يرسبون ؟! وأيضا لن يتم فصل الطلبة لغاية الصف العاشر لأن التعليم الأساسي إلزامي ، والحل السماح بالرسوب لمرات عديدة فهذا أيضل سنجعل الطالب يتسرب من المدرسة لأنه لن يقبل بإعادة الصف مع طلبة أصغر منه بعامين أو ثلاثة ، بل قد يتحول لمعيق للحصة الصفية ويحول دون تعلم الطلبة الاخرين ، وكذلك هناك موضوع أخطر وهي المرحلة النمائية ،فهل يمكن أن يكون الطالب بعمر 14سنة مثلا مع طالب العشر سنوات ؟! فهناك محددات وموانع لذلك معالي الوزير ... كذلك معاليكم تدني مستوى الطلبة له أسباب كثيرة وليس الغياب سبب مباشر عفوا ولا ننسى أن المرحلة النمائية حرجة وهي فترة المراهقة أيضا.
معاليكم صرحتم بما يتعلق بطلبتنا ، هل هناك دراسات مسحية وأرقام ثابتة تتعلق بجميع طلبة الصف العاشر؟! ، فلا يجوز في موضوع التحصيل أن نأخذ عينة -وقد تكون غير ممثلة أيضا- للتعميم ، هل تعلمون معاليكم أن احدى الدراسات في 2021 كانت العينة فقط 70 مدرسة ، وتم التعميم بناء على نتائجها ؟! هل تعلم معاليكم أن دراسة احد البرامج المطبقة حاليا كانت العينة غير طبقية وتم توحيد عدد الطلبة في العينة وعدد الصفوف في العينة وعدد المدارس في مديريات التربية بغض النظر عن عدد الطلبة وعدد الصفوف وعدد المدارس في المديريات؟! وقد اعترضت على ذلك في احدى الجلسات مع الجهة المسؤولة عن البرنامج ؟! أيضا فقر التعليم 60% كان بناء على أي دراسة ؟! تحديد النسبة تكون نتيجة دراسة مسح شامل ولا أذكر ذلك .
أتذكر في مؤتمر التطوير التربوي وحين قام معالي الأستاذ الدكتور محمد الذنيبات بالتصريح برقم محدد لطلبة الصفوف الثلاثة الأولى بأنهم لا يتقنون القراءة والكتابة والحساب، كان ذلك نتيجة دراسة لبرنامج اقرا و اجما ( الاسم السابق لبرنامج القراءة والحساب ) ، وقد كنت واحدة من مطبقي هذا التقييم في مديريات الجنوب حين كنت مشرفة تربوية وتم تدريبنا قبل ذلك ولمدة أسبوعين ، وعلى مهارات اللغة العربية والرياضيات للصفوف الثلاثة الأولى ، وقد كنت رئيس فريق تقييم وتم تدريبنا من الخبير الأجنبي ارنط ، وكان من توصيات المؤتمر تنفيذ برنامج القراءة والحساب ، وقد نجح هذا البرنامج وأحرز تقدما في أداء الطلبة وقد كنتم جزءا من ذلك عام 2018 في فترة تسلمكم منصب وزير التربية والتعليم سابقا .
يؤسفني معاليكم أن يتم إغفال جهود مؤسسة وطنية عريقة شغلها الشاغل تحصيل الطلبة وكوادرها التعليمية على مدى سنوات عديدة ، بذلوا قصارى جهودهم كل في موقعه وبعضهم مازال موجودا وإغفال جهود وزراء سابقين كانت غايتهم جميعا رفع أو تحسن مستوى تحصيل الطلبة وهو أول نتاج تطويري في جميع الخطط التطويرية للمدرسة والمديرية والوزارة ، وقد كنا أنا وأنتم جزءا من ذلك ، وفي نفس الوقت الذي تسعى فيه الجوائز وخاصة جائزة الملكة رانيا للتميز التربوي إلى تعزيز الطالب والمعلم وإظهار تميزهم ، كنت أتمنى من معاليكم ومنذ شهور العمل على التشخيص والمعالجة وهما أساس أي تطوير تربوي في وزارتنا ومخرجاتنا وليس هذا التصريح ، واقبلوا مني فائق الاحترام واعتذر لغيرتي الشديدة ....