جفرا نيوز -
جفرا نيوز - روى أطباء أردنيون عائدون من قطاع غزة ، قصصا ومشاهدات انسانية وصحية كانوا شهودا عليها خلال عملهم في مستشفيات القطاع، وتأديتهم لواجبهم الانساني في انقاذ حياة جرحى العدوان الصهيوني.
ولم يتمكن بعض الأطباء العائدين من القطاع الحديث عن مشاهداتهم وبعضهم اغلق عيادته والتزم بيته من هول ما رأوه باعينهم وسمعته آذانهم ولامسته جميع جوارحهم، فكانت صدمة الواقع اكبر من الاثر الذي تتركه المشاهد التي تبثها الشاشات ووسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي، والذين قالوا انها لاتعكس اكثر من 30 % من الواقع الذي يعيشه سكان القطاع.
عدة فرق طبية ضمت اطباء وممرضين ذهبت الى القطاع من خلال منظمات انسانية وطبية اوروبية وامريكية، عاد منها فريقان طبيان امضيا نحو شهر واخر اسبوعين، فيما لايزال فريق ثالث يتواجد في القطاع ويضم اطباء من مختلف الاختصاصات الطبية.
الاطباء قالوا إن المشهد في غزة مختلط بين البطولة والكبرياء والعزة والصمود في مواجهة العدوان وتحمل اعبائه، وبين الوضع الانساني والطبي الصعب والكارثي في ظل انهيار القطاعات الاساسية وعملها باقل الامكانيات وبغياب اللوازم الطبية والمواد الغذائية ومياه الشرب والنظافة الشخصية.
الدكتور بلال العزام
وقال اختصاصي طب الاطفال الدكتور بلال العزام، إن كل اردني من مختلف القطاعات يتمنى الدخول الى غزة وتقديم المساعدة اللازمة والتي يحتاجها الاهل في القطاع خاصة، وان الشعب الاردني والفلسطيني شعب واحد، وان سكان غزة يعتبرون ان الأردن سندهم اكثر من اي بلد اخر.
وأضاف، عندما دخلنا الى القطاع صادفنا مجموعة اطفال وبدأوا يتحدثون الينا باللغة الانجليزية خاصة واننا كنا ضمن وفد طبي اجنبي، وقلنا لهم اننا اطباء اردنيون فكانت سعادتهم كبيرة وارتفعت معنوياتهم.
وبين العزام ان دخول الوفد الطبي الذي رافقه الى القطاع وضم ستة اطباء اردنيين جاء بعد محاولتين فاشلتين، فيما كتب النجاح للمحاولة الثالثة من خلال منظمة رحمة حول العالم الامريكية بعد مراسلة العديد من المنظمات الطبية والانسانية، وكان الهدف المساهمة في علاج المرضى المكدسين في مستشفيات القطاع، ولكن عندما دخلنا القطاع اكتشفنا ان علاج الجرحى وانقاذ حياة المصابين كان نصف الهدف وان الهدف الاخر الذي لايقل اهمية هو رفع معنويات الكوادر الطبية والصحية العاملة في القطاع.
وقال إن الوفد الذي امضى اسبوعين في القطاع كان متوجها الى مستشفى غزة الاوروبي الموجود في جنوب خانيونس ومستشفى ناصر في وسط خانيونس، وانقسمنا فريقين وعندما وصلنا الاوروبي لم نجد وسيلة للوصول الى مستشفى ناصر ولا يستطيع اي سائق سيارة اسعاف ايصالنا اليه رغم وجود تنسيق كون جيش الاحتلال كان يستهدف كل شيء يتحرك.
واضاف العزام كان عملنا مركزا على انقاذ حياة الجرحى او جزء من اجسامهم، وشرعنا باجراء العمليات للاصابات الصعبة والخطيرة منذ اليوم الاول، وانخفضت مدة الانتظار في المستشفى من 17 يوما الى يومين، الا ان المشكلة كانت تكمن بالعدوى والالتهابات والتي كانت تسبب الوفاة بعد اجراء العمليات وبنسب مرتفعة في ظل وجود عدد كبير من النازحين في المستشفيات.
واشار الى ان الوفد كان شاهدا على وفاة عشرة اطفال دون الثلاثة اشهر جراء موجة البرد الشديد الذي شهده القطاع.
ونقل العزام معاناة الكوادر الصحية التي هي جزء من معاناة الشعب الفلسطيني في القطاع والذي اصبح يعاني كثيرا من اجل شربة ماء والذهاب الى الحمام او الاستحمام، مشيرا الى ان احد الاطباء اكد له انه لم يستحم الا بعد 72 يوما من الحرب، ومنهم اطباء ذو مكانه علمية واجتماعية مقدرة يقطنون في خيم ومنهم من لا يجد مكانا يأويه واسرته او حماما يستخدمه او ان يستبدل ملابسه، والكثير من التفاصيل التي يحاول الاحتلال التضييق عليهم فيها.
وبين أن الاحتلال تعمد استهداف الاطباء والعلماء في غزة، وان من بين الاطباء د.محمد دبور من خريجي الجامعة الاردنية قصفه الاحتلال ولم يعثر له على جثة وان جثته «تبخرت»، وان من الاطباء يتم استهداف منازلهم وافراد عائلاتهم، خاصة وان الاحتلال لديه معلومات عن الاطباء والعلماء في غزة.
ولفت الى انه شاهد احد الاطباء الجراحين المعروفين في المستشفى والقطاع وكان مظهره الخارجي شبيها بمظهر «المشردين» وعندما سألته عما حل به لم يجب وشرح له الاطباء قصته، حيث ذهبت قوات الاحتلال الى منزله لقتله او اعتقاله فلم يجدوه، ووجدوا والده الثمانيني، واخذوه وعروه من ملابسه واسطحبوه بواسطة مركبة والقوة امام مجموعة من المدنيين المسلحين بالاسلحة البيضاء وقاموا بالاعتداء عليه وتقطيعه ووصل الى المستشفى مغمى عليه ومقطع اليدين.
وروى الدكتور العزام قصة الطفل الذي قطعت يداه وعندما افاق سأله ان كانت يداه ستكبران معه عندما يكبر، واخر طلب منه ان لا يؤلمه ثم عاد واستغفر الله كونه طلب من غيره ان لا يؤلمه، وطفلة طلبت ان لا يتم تمزيق ملابسها حتى تتمكن من ارتدائها بعد العملية.
وقال الدكتور العزام ان احد الاطباء مقيم جراحة استشهد له 83 شخصا من اقاربه واصر على مواصلة العمل في المستشفى وعندما طلبنا منه الذهاب لتفقد اسرته رفض واصر على مواصلة علاج الجرحى والمصابين وقال «انا على ثغرة وسابقى اخدم شعبي واعالج جراحه ولن اتركه يصارع آلامه»، ونقل عن بعض الأطباء الذين استشهد اقارب لهم امنيتهم بان يتمكنوا من دفن اقاربهم الذين استشهدوا.
وختم قائلا: عندما غادرنا القطاع ودعنا الاطباء والممرضين والكوادر الصحية الغزيين بدموعهم، وقالوا لنا كيف سنواصل العمل بغيابكم من حجم الدعم المعنوي والنفسي الذي قدمناه لهم خلال وجودنا في القطاع، وان الصور الوداعية كانت مع اطفال لايعرفون سوى «علامة النصر».
الدكتور محمد عمرو
اختصاصي التخدير الدكتور محمد عمرو قال إن الوضع لا تصفه الكلمات هو أكثر من كارثي ومأساوي وما نراه على شاشات
التلفزيون والفضائيات شيء قليل من الحقيقة والواقع الموجود في القطاع، واشار الى ان المراسلين الصحفيين لا يستطيعون الوصول إلى كل الأماكن فهناك اماكن خطرة جدا لاسيما الوسط والشمال وبالتالي هو ينقل مايراه وهو الجزء البسيط جدا أمام حجم المعاناة الموجودة.
وأضاف الدكتور عمرو والذي عمل في مستشفى غزة الأوروبي ومستشفى شهداء الأقصى، كنا نعلم حجم الدمار الموجود في القطاع ولكن على الواقع هو نظام منهار تماما، لذلك قمنا بشراء عدد من المعدات الطبية والمستلزمات وادخلناها نحن كفريق معنا، وهي ما سمح لنا بادخاله لاننا لا نستطيع ان ندخل كميات كبيرة، ولكن هذه المساعدات ساعدت في إجراء العديد من العمليات الا ان النقص شديد ولا يمكن أن يوصف وهو ما يعقد عمل الاطباء والكوادر الصحية.
وبين أن ما كنا نعانيه هو النقص الشديد بالمسكنات التي نحتاجها بعد العمليات الكبرى وكل عمليات غزة دقيقة وكبرى جدا، فهناك نقص في هذه العلاجات وهي علاجات تسمى «علاج الألم ما بعد العملية «. وقال عمرو إن الفريق الأمريكي والذي دخل معنا احضر معه عددا من المعدات واللوازم الطبية الخاصة بجراحة العظام وغيرها من المستلزمات الا انه لم يسمح بمرورها عن طريق المطار ولو دخلت لساعدت نوعا ما في هذا الإطار.
واشار الى ان نقص المعدات والمستلزمات الطبية بشكل كبير، كان للأسف يأخذنا لخيارات سيئة جدا ولاسيما في بتر الأطراف ، مبينا أن بتر الأطراف كان متنوعا من فوق الركبة ومن تحتها وهناك بتر كامل أيضا.
وبين أن كافة الإصابات في غزة شديدة جدا وكلها تحتاح إلى عمليات دقيقة جدا ولكن الخيارات صعبة، وان إصابات البطن كانت شديدة جدا وتحتاج إلى تدخل جراحي فوري؛ لان الإصابات تكون قد وصلت إلى الاعضاء الداخلية؛ فمثلا قص الأمعاء عملية شاهدناها كثيرا في غزة وهي عملية يجب أن تجرى في عملية واحدة بين القص والربط مرة أخرى، لكن في غزة من الصعب أجراؤها بسبب التلوث ونقص المعدات فتؤجل وتجرى بعد شهر واصابات الصدر لا تختلف بشدتها عن إصابات البطن وتؤدي إلى استئصال أجزاء من الرئة للجريح لإنقاذ حياته، إضافة إلى وجود إصابات حروق من الدرجة الثانية والثالثة وهي أصعب أنواع الحروق وهناك العديد أيضا من الإصابات في العيون بشكل مباشر بسبب الشظايا، مؤكدا أن المأساة في غزة هي أن الإصابات والوفيات تطال عائلات كاملة وراينا أطفالا ونساء وشيوخا عائلات كاملة تأتي إلى المستشفيات.
واضاف أن مستشفى غزة الاوروبي كان مأوى للنازحين حيث يعيش فيه أكثر من 25 ألف لاجئ يحتمون بممراته وعلى الدرج وفي كل مكان، عدا عن ذلك يستقبل عددا كبيرا جدا من الجرحى والمصابين.
وقال ان وضع المستشفيات لايمكن وصفه بكلمة تناسبه من مفردات اللغة العربية.
واشار الى ان مستقبل غزة سيكون فيه عدد كبير من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهناك من سيعانون من صدمات نفسية خطيرة جدا تحتاج إلى متابعة وعلاج؛ لان حجم الدمار وما شاهدناه لا يتصوره عقل على الإطلاق، فهناك أحياء محيت بالكامل، فمستقبل غزة مؤلم جدا، وفي غزة لا يوجد شيء آمن حتى الأماكن التي يطلبها جيش الاحتلال.
وعن تجربته في غزة قال عمرو إن قصص اهل غزة مؤلمة أكثر من جراحها عندما تستمع إلى الحديث والرواية، كيف تم الاستهداف والحديث عن معاناتهم كان اسوأ بكثير من الآثار الجسدية؛ لأنك تسمع شعبا يقتل على مرآى ومسمع العالم دون أي موقف.
اما بالنسبة له فإن أصعب المواقف عندما ياتي اطفال من مختلف الأعمار باصابات حرجة غير معروفين؛ لأن هذا الطفل الوحيد الذي نجا من عائلته فهناك أطفال وصلوا إلى المستشفى مجهولي الهوية .. لا شيء يصف غزة.
ولخص الدكتور عمرو تجربته بقوله : اخذنا من غزة نحن كفريق أكثر ما اعطينا؛ لان الكادر الطبي هناك ورغم أنه كادر مستنزف طوال الحرب المستمرة وهو يعمل كان يقف معنا كتفا بكتف ويدا بيد، الا ان لديهم صبرا وعزيمة وارادة وتوكلا على الله، هناك عزة وشرف لم اشاهده في اي مكان آخر، رغم أن الكوادر الطبية مستهدفة من قبل قوات الاحتلال فهي تستهدف الأطباء والعلماء، وتستهدف كافة القامات العلمية وتطلبهم بالاسم.
وقال: جلست مع طبيبين كانا معتقلين لدى جيش الاحتلال أكدا أن قوات الاحتلال حاصرت المستشفيات وطلبتهم بالاسم للخروج واعتقلتهم بطريقة مذلة جدا أمام الجميع، وقال ان احد الاطباء اعتقل لمدة 46 يوما تحت التعذيب والترغيب والتنكيل والتحقيق مربوط اليدين ومعصوب العينين ولا يرتدي ملابس .. ظروف اعتقال صعبة جدا والجميع بات يعلم ما يعانيه الدكتور محمد أبو سلمية مدير مستشفى الشفاء.
وقال ان جيش الاحتلال تعمد إذلال الاطباء حتى لا يقوموا باي دور ومساهمة في العلاج وانقاذ الأرواح، متعمدا كسر الارادة الا انهم لم يستطيعوا ذلك، فاطباء غزة يعملون على مدار الـ 24 ساعة وقد تركوا عائلاتهم في الخيم والنزوح وقاموا بدورهم.
وعن مشاعر مغادرة القطاع قال خرجنا من غزة ونحن بحالة ندم وكنا نتمنى أن تغلق الحدود حتى لا نخرج، وهناك فريق طبي آخر سيدخل وقد خرجنا لظروف قاهرة، ولكننا على استعداد لان نعود الآن إلى غزة، فقد خرجنا وفي قلوبنا غصة، تركنا الاهل هناك ولكن الظروف اجبرتنا وما كان قاسيا علينا أننا تركنا زملاء لنا شعرنا اننا قمنا بالتخفيف من ضغط العمل عنهم ولو لفترة بسيطة، 120 يوم عمل بلا توقف امضاها الكادر الطبي، مبينا انه كان في المستشفى الأوروبي يتم إجراء من 50 إلى 60 عملية في اليوم بـ 5 غرف عمليات وغرفة للاعصاب اي هناك 10 عمليات لكل فريق طبي في اليوم.
الدكتور عبدالرحمن مصلح
الدكتور عبدالرحمن شاهر مصلح، أخصائي الجراحة العامة وجراحة المنظار، قال إن الوضع في قطاع غزة كارثي جدا، وأوضح «قبل ذهابنا كنا نرى، كما ترون أنتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، كيف هو الوضع في القطاع، لكن عندما تذهب هناك وترى وتعيش الأحداث مع أهل القطاع هناك أمور كثيرة لا يستطيع الإعلام نقلها، منها الوضع الإنساني ونفسية الناس ونقص الكوادر ونقص المعدات الطبية، والجانب الآخر هو الإنساني، كيف يعاني الناس من نقص المياه ونقص الطعام، وأيضاً النزوح، وهو قصة بحد ذاتها».
وعن الصعوبات التي تواجه الأطباء، قال «ذهبنا إلى مستشفى غزة الأوروبي، الواقع تقريباً جنوب شرق خانيونس، والمشكلة أن داخل المستشفى عددا كبيرا من النازحين، الذين يعتبرون المستشفيات نوعاً ما آمنة، على الرغم من أن هناك مداهمات لعدد من المستشفيات مثل المستشفى الإندونيسي ومستشفى الشفاء، فلم يكن لدى الكيان الصهيوني حرمة لأي شيء حتى المستشفيات».
وأضاف «المشاكل التي كانت تواجهنا داخل المستشفى، هي أولاً قضية النازحين داخل حرم المستشفى وفي أروقته، فكان في المستشفى في ذلك الوقت من 20-25 ألف نازح، وهذا عدد كبير جداً، وكان يؤثر على أداء الخدمة الطبية للمرضى، فكمية البشر هذه ستؤدي إلى استهلاك للموارد الموجودة من كهرباء وماء وطعام وأسرة للمرضى، عدا أن وجودهم بحد ذاته في أقسام العمليات والأروقة كان يؤدي إلى انتشار كثير للالتهابات الجرثومية، وكان هذا من المعوقات التي واجهناها».
وأشار إلى أن النازحين اضطروا للجوء إلى المستشفى موضحا بالقول «المعادلة كانت صعبة جدا، فلا تستطيع إخراج هؤلاء الناس ولا تستطيع إكمال عملك».
وتابع حديثه عن المعوقات بالقول، إن القضية الثانية هي نقص الكوادر الطبية، «فهؤلاء أطباء من الشعب، أهلهم نازحون، ويعتمدون عليهم».
وأوضج «يكون أهلهم إما في خيمة أو في منزل يكون به 70-100 شخص موجودين في غرفة أو غرفتين. والنازح يجب عليه أن يقف في الصباح بطابور المساعدات، وإذا لم يذهب فحينها سيموت أبناؤه من الجوع. والنازح يجب أن يذهب ليوفر ماء؛ ما يضطره للذهاب إلى محطة الماء والوقوف في الطابور للحصول عليه.
بالتالي فإن هذا الشخص إن كان ممرضا أو طبيبا أو أي شخص يعمل في الكادر الصحي الذي يخدم المرضى أهله موجودون بين النازحين ويعتمدون عليه في هذه المهام، فعليه أن يذهب ويخدم أهله، وهذا يؤدي إلى نقص في الكوادر الطبية».
الامر الآخر، وفق الدكتور مصلح، هو نقص المستهلكات الطبية، «لأن المساعدات كانت شحيحة، فمن الصعب دخول مساعدات طبية، وكان هناك إصابات كثيرة فأصبح هناك استهلاك كبير».
وأضاف «كان هنان نقص على مستوى الضمادات التي هي بالنسبة لنا أبسط شيء، والمستلزمات التي تستخدم لتثبيت الكسور والمضادات الحيوية والإنسولين».
وأشار إلى أنه إضافة إلى مصابي الحرب فإن المستشفى يستقبل المرضى بعدد كبير، ممن يتعالجون من السكري والضغط والسرطان والفشل الكلوي، والأمراض الأخرى، «وهؤلاء عندما يأتون للمستشفى لا يوجد مكان لهم. ومرضى السكري لم يكن في المستشفى الإنسولين اللازم لهم، ولا توجد مساعدات. وأيضاً مرضى الفشل الكلوي ومرضى السرطان لم يكن هناك علاج أو أدوية لهم».
وفي إشارة لحجم المأساة قال «كان يأتينا أطفال توفوا بسبب البرد.. كان الحل فقط توفر بطاينة ليعيش الطفل، لكن حتى البطانية لم تكن موجودة».
ولفت إلى اضطرار الأطباء للمفاضلة بين المرضى بالقول «إذا جاءنا مصابون في الوقت نفسه، حينها يجب علينا أن نفاضل بين الحالات، لأنه يوجد فقط 6-7 غرف عمليات وجميع الغرف ممتلئة بالمرضى، ولدينا أسرة ICU محدودة، وهؤلاء الأشخاص القادمون يحتاجون إلى ICU وعمليات ودم.. الخ، فهنا تتم المفاضلة بين الحالات حسب طبيعة الحالة، ففي الأوضاع الطبيعية تتم معالجة الأشخاص، لكن هناك حالات يتم تركها لتموت لأنه لا توجد إمكانات، وهذا أمر مأساوي».
وعن طبيعة الحالات التي واجهوها قال «كان هناك من لديهم جزء من جدار البطن ممزق لا نستطيع إغلاقه، وأطفال صغار مبتورة أطرافهم، وهناك حالات دخل فيها الرصاص في البطن وأدى إلى تلف كبير في الأمعاء أو الكبد»، مؤكدا أن نوعية الإصابات الغريبة تشير إلى أن هناك أنواعا فتاكة من الأسلحة يستخدها جيش الاحتلال.
وأشار إلى مشكلات كبرى تواجه القطاع الطبي في غزة نتيجة نقص المواد الطبية، مشددا على ضرورة فتح المعابر وإدخال الإمدادات الطبية، كما أشار إلى انتشار الأوبئة وتلوث المياه؛ ما يزيد الأوضاع كارثية.
الدستور