النسخة الكاملة

الأردن بين الأربعة الكبار.. كيف تخلق النصر بالتحدي؟

الإثنين-2024-02-05 12:23 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم أ.هاشم أيمن العفيشات - تعتبر الرياضة من بين النشاطات الرئيسية التي تُستخدم لقياس مستوى التطور والتنمية في المجتمعات. فكلما ازدادت نسبة ممارسة الرياضة بين المجتمعات بشكل متسارع، وأرتفعت مستويات الأداء الرياضي إلى مستوى  أعلى، كلما ارتفع مؤشر التقدم والتطور لدى المجتمع والدولة، وبالتالي  الوصول الى المكانة الريادية في الساحة العالمية. هذا ما يؤكده السياق التاريخي ويدعمه الإطار المعرفي، حيث يعتبر وجود النشاط الرياضي الفاعل إشارة إلى تحقيق التوازن والنمو في المجتمع.

يعد ظهور المنتخب الوطني في بطولة آسيا ظاهرة إيجابية تستحق التقدير والدراسة بعناية، حيث يمكن تحليلها لفهم كيف يمكن تحويل نجاح الفريق إلى نموذج يحتذى ليشمل جميع نواحي  الحياة . وذلك عندما جسد المنتخب الوطني هذا الأداء المتميز المنقطع النظير بالرغم من الإمكانيات اذا ما قورنت بدول العالم المتقدم حتى اصبح مصدر فخر ووحدة وطنية، ويمكن الاستفادة الكبيرة من دراسته لتحقيق تأثير إيجابي على مختلف المجالات في المجتمع.
 
تستدعي هذه الظاهرة دراسة مستفيضة لفهم كيفية استخدام نموذج الفريق الوطني لتعزيز الشخصيات الوطنية في ميادين متعددة. حيث يمكن إنشاء برنامج خاص يركز على صقل المواهب وتنمية القدرات، ويتناول مختلف الجوانب الحياتية في المجالات السياسة، والأكاديمية، والمعرفة، والأدب، والفن، والإعلام، والأمن الوطني . هذا البرنامج سيسهم في بناء جيل جديد من القادة والمبدعين الذين يحملون روح الفريق الوطني ويسهمون في تطوير وتعزيز الوطن ومنشئاته .
 
باستخدام الفريق الوطني كمصدر إلهام وتحفيز، يمكن توجيه الطاقات الوطنية نحو تحقيق أهداف رفعة الوطن وتقدمه في مختلف الميادين. هذا النهج يمثل "رسالة أمة في وطن" يسعى إلى بناء جيل متميز قادر على تحقيق الفارق بين الماضي والتأثير الإيجابي في المجتمع المتقدم .
 
النهج الذي دعا إليه الأمير الحسين ولي العهد حفظه الله ورعاه في بناء الموارد البشرية وتطوير الذات الوطنية يمثل استراتيجية حكيمة ومبتكرة لتعزيز الهوية الوطنية ورفع مستوى الأداء في مختلف المجالات. 
نستنتج من هذه الخلاصه  أن هذا البرنامج يتطلب إنشاء هيئة مستقلة تعنى ببناء القدرات، وتسعى إلى تعزيز النمو الوطني من خلال توظيف القدرات البشرية المحترفه والمميزه في مختلف جوانب الحياة.
 
لتكون هذه الهيئة المستقله محوراً أساسياً لتعزيز برنامج النماء الوطني، الذي يركز بشكل خاص على تنمية الموارد البشرية وتطويرها. حيث يهدف هذا البرنامج إلى تسهيل اندماج المميزيين  والمبدعين في خارطة الحياة العامة، شاملا كل جوانب الحياة الوطنية، التي تطرقنا لها في البدايه.
 
بفضل هذا النهج، يمكن بناء جسور فعّالة بين القيادة والمواطنين، وتحفيز الأفراد على تحقيق أقصى إمكانياتهم والمساهمة بفاعلية في بناء وتقدم الوطن. تتمثل الرؤية في إنشاء جيل من المحترفين والمميزين والمبدعين الذين يعكسون القيم الوطنية ويساهمون في صناعة مستقبل مشرق للوطن.
 
عندما يتحول المجتمع إلى "وطن المواهب و الخبرات"، يكون ذلك تجسيدًا للدولة ومؤسساتها، حيث يحمل هذا المجتمع ميزان التميز كقيمة جوهرية، ولا يقتصر على القدرات  الفردية فحسب، بل يمتد الى التميز الجماعي ويرتبط بأسس ميزان التميز وروافده بشكل ارتباط وثيق. على الرغم من أهمية الوصول إلى القمة، إلا أن المحافظة عليها تتطلب تأسيسًا قائمًا على مفاهيم الحواضن والروافد.
 
تعتبر المبادرات الذاتية هامة في رحلة التطوير، ولكن الأهم هو إيجاد بنية تحتية تحتضن هذه القدرات وتسهم في تطويرها بشكل دائم. لذا يجب أن تكون هذه المؤسسات قادرة على توجيه القدرات الفردية نحو مسارات تنمية مؤسسية شامله، بحيث تكون جزءًا من الركب العام للتقدم. والاهتمام فبالاعتماد على البنية التحتية للمبادرات تسهم في استدامة النجاح وتحقيق تأثير إيجابي دائم في جميع مناحي الحياه.
 
عندما تكون المبادرات الفردية جزءًا من نظام محكم لتطوير المواهب، يصبح بالإمكان تحقيق حلم الوطن في التألق في ساحة الرياضة العالمية وغيرها من النشاطات وتحقيق مكانة مرموقة في مربع آسيا. إن الاستثمار في هذا النموذج الشامل يضمن أن يكون التألق ليس مجرد هدف مؤقت، بل يصبح مستداماً ومحدداً بتطوير القدرات والمؤسسات التي تستند إليها.
.
إن الحلم بعودة المنتخب الوطني "النشامى" إلى الأردن محملين بكأس آسيا يمثل حقًا نستحقه جميعًا كمواطنين، وهو إنجاز يفتخر به الجميع. يعكس هذا الإنجاز الكبير تكاتف الجهود، بدءًا من رعاية جلاله سيدنا وولي العهد المحبوب وصولاً إلى التفاني الجاد من قبل الجهاز الفني والإداري والنجوم الذين يمثلون منتخبنا الوطني.
 
ومع هذا الإنجاز الذي جعل المنتخب الوطني الأول من بين المتأهلين العرب للمربع الذهبي، فعلينا الآن النظر إلى الامور التالية. وهو الاهم  دعم المنتخب الوطني فنيا ، والاعتناء بالمرافق الرياضية والإدارية في جميع انحاء المملكه التي تعد حواضن العمل والتطوير. ومن الضروري توفير بنية تحتية قوية، وأنشاء بيئه رياضيه تضم في كنفاتها مدربين ذات خبره كبيره لانشاء جيل رياضي محترف ليظل التألق الرياضي جزءًا من رؤيتنا الوطنية.
المستقبليه ، لذا يجب أن نتفق على أهمية إصلاح جذري للمقياس الداخلي للأداء. على الرغم من التقدم في المؤسسات الأمنية والعسكرية والصورة الخارجية للدبلوماسية، إلا أن هناك حاجة إلى تطوير وتحسين الأداء الداخلي لتحقيق التوازن. علينا أن ننظر في الأمور بشكل شامل، ونسعى للتحسين المستمر في جميع الجوانب لنرتقي بمستوى الأداء الوطني.
 
يجب أن نفرح بالإنجازات التاريخية للدولة، ولكن علينا أيضًا أن نكون صادقين في النظر إلى الإصلاحات التي تحتاج إليها لضمان استمرار التقدم والتألق في جميع المجالات.