النسخة الكاملة

توصيات «مالية النواب».. وآليات التنفيذ

الأربعاء-2024-01-24 09:56 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم عوني الداوود

صحيح أن المشكلة في التعامل مع مشروع الموازنة المقدّم من الحكومة الى النواب، وكذلك الاعيان، غير قابل لأيّ زيادات بل قابل للتخفيض، وصحيح أن «مالية النواب» و «مالية الاعيان» عوّدانا على اصدار توصيات الى الحكومة بعد لقاءات ومناقشات مع كافة الجهات المعنية، وصحيح أن تلك التوصيات أيضا لا تعدو كونها توصيات فهي بالنتيجة «غير ملزمة»، لكنّ الأهم من كل ذلك أن مجلس النواب يستطيع - بل هذا دوره الدستوري - أن يحاسب وأن يسائل الحكومة عن مدى التزامها بتنفيذ ما يرد وما يتم الاتفاق عليه في مشروع الموازنة.

هناك توصية دائمة بضرورة المراجعة «الدورية» للموازنة وأن تقدم الحكومة لمالية النواب - على الأقل - تقريرا حول سير الانجاز في الموازنة، خصوصا ما يتعلق بالمشاريع الرأسمالية التي يعوّل عليها في جميع الموازنات للمساهمة في رفع معدلات النمو وخلق فرص عمل جديدة، لينتهي العام - عادة - دون تحقيق الانجاز المطلوب ودون مراجعة أو مساءلة من مجلس النواب.

توصيات اللجنة المالية لمجلس النواب حول مشروع موازنة 2024 مهمة ومقدّرة، ولكن هناك بعض الملاحظات من الواجب الاشارة اليها:

1 - ما يتعلق «برؤية التحديث الاقتصادي» : أعتقد ان على مجلس النواب دور اكبر في متابعة برنامج الحكومة التنفيذي لهذه الرؤية، ولا بد من المساءلة الدورية، ومن جميع لجان المجلس وليس اللجنة المالية فقط وكل حسب اختصاصه، فمن المهم والضروري ان تتابع اللجنة السياحية مشاريع ومبادرات الرؤية في القطاع السياحي، وان تتابع لجنة التعليم مبادرات الرؤية المتعلقة بقطاع التعليم.. والصناعة.. والاستثمار.. والصحة.. وهكذا، لأن رؤية التحديث الاقتصادي مسؤولية الجميع، وقد شارك نواب واعيان في مناقشاتها واطلاقها، ودور السلطة التشريعية ان تتابع بجدية دون كلل ما يتم تنفيذه في برنامج الحكومة لرؤية التحديث الاقتصادي.

2 - ما يتعلق بتوصيات اللجنة حول شبكة الامان الاجتماعي فقد نفّذت الحكومة بالفعل توصية تحييد ارتفاع اسعار شحن السلع من المستوردات في معادلة الرسوم الجمركية والضريبة العامة على المبيعات، واعتماد كلف الشحن الى ما قبل 7 اكتوبر 2023.

3 - كذلك وجّهت الحكومة بالفعل لتنفيذ توصية اللجنة المتعلقة بتكثيف الرقابة على الاسواق بما يضمن استقرار اسعار السلع.
4 - هناك توصيات تحتاج لزيادة مخصصات (وهذا غير ممكن)، ولكن الحديث حول تلك البنود يتكرر في كل عام، الأمر الذي يستوجب مناقشات تسبق تقديم مشروع الموازنة بين النواب والحكومة لارتباطه مباشرة بشبكة الامان الاجتماعي وأعني هنا « صندوق دعم الطالب الفقير» فهذا يستوجب مناقشات مستفيضة بحيث يتم بالفعل دعم الطالب الجامعي الفقير والطالب المتفوق ضمن آليات وأسس تحقق أكبر قدر من العدالة.

5 - توصية الالتزام بمسار تنفيذ «مشروع الناقل الوطني لتحلية المياه»، تعيدنا لما ذكرته بداية من ضرورة قيام مجلس النواب بدوره بمراجعة تنفيذ المشاريع الراسمالية خصوصا وقد رصد لها مبلغ كبير و «تاريخي» قياسا بالموازنات السابقة، ولو تم تنفيذ المشاريع بمخصصاتها لاحدثت فرقا بتنشيط الاقتصاد وخلق فرص عمل.

6 -.. ولكن حتى تضمن اللجنة المالية تحديدا ومجلس النواب عموما تنفيذ باقي التوصيات ومنها :

معالجة هيكل الضرائب - اعلام المجتمع الدولي بنتائج دراسة مالية النواب عن كلف اللجوء السوري وبخاصه اثره على الفقر والبطالة - دراسة اداء الشركات المملوكة للحكومة وبخاصة شركة المجموعة الاردنية للمناطق الحرة والمناطق التنموية - اعادة النظر بكافة تعاقدات توليد الطاقة الكهربائية بما يحقق التوازن في موازنة شركة الكهرباء الوطنية - والتوسع في ابراز المناطق ذات الاهمية التاريخية جغرافيا.. وغيرها من التوصيات، فانها على أهميتها تحتاج لآليات متابعة مع الحكومة لتنفيذ ما يمكن تنفيذه منها.

- باختصار: فقد بذلت اللجنة المالية في مجلس النواب جهدا معهودا ومشكورا وخرجت بتوصيات، وكذلك ستفعل اللجنة المالية في مجلس الاعيان وستخرج بتوصيات، وجميع هذه التوصيات من «مجلس الامة» هي عصارة وخلاصة مناقشات ولقاءات، ومن المهم وضع آليات تضمن تنفيذ الممكن والاهم منها، بدلا من أن تبقى مجرد توصيات غير ملزمة للحكومة.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير