جفرا نيوز -
جفرا نيوز - د. حمزه العكاليك
أثار الكشف عن تصدير تجار من الأردن لكميات من الخضار والفواكه لإسرائيل موجة من الاستنكار والشجب والنقد الشعبي، في الوقت الذي استمرت فيه عمليات استيراد كميات من الفواكه الإسرائيلية من قبل عدد محدود من التجار. وحسب بيانات جمعية مصدري الفواكه والخضار الأردنية، فإن تجارا أردنيين صدروا في شهر فبراير/شباط الماضي 3700 طن من الخضار والفواكه، في حين استورد تجار أردنيون نحو 922 طنا من المنتجات الزراعية معظمها لأصناف من الفواكه. ودفع الكشف عن هذه الأرقام نقابات أردنية وتجارا يعملون في تصدير المنتجات الزراعية لدعوة الحكومة إلى وقف كافة أشكال التعامل الزراعي مع إسرائيل. أمين سر جمعية مصدري الفواكه والخضار عبد الرحمن غيث قال للجزيرة نت إن الكميات التي جرى تصديرها تعتبر محدودة جدا من حجم صادرات الأردن الزراعية.
ان اهتمامي بالشأن الارردني واعتزازي باردنيتي ونظرراً لحساسية ومأساوية الاوضاع التي تحدث في للاخوة في غزه دفعني الى متابعة هذا الموضوع المخزي لأتبين الخيط الابيض من الاسود؛ حيث تصدر هذا الموضوع الاخبار وطالعتنا به وسائل اعلام عبرية وعربية للاصتياد بالماء العكر وما تبع ذلك من انتقادات لاذعه ليس فقط للحكومة وانما للدولة الاردنية بكل هياكلها مما دفعني الى التساؤل حول مصداقية وجدية مواقف الدولة من اعلى الترتيب الهرمي الى العسكري الموجود على الحدود. فهذا الخبر وكمية وهول الانتقادات التي وجهت الى كل مؤسسات الدولة والتي شككت بكل ما قدمة الاردن عبر المائة عام الماضية الى الاخوه في فلسطين المحتلة وغزه المحاصره خصوصاً مع موجود بعض الاصوات الداخلية التي تبنت وجهة النظر هذه وغردت بها وان القوم في السر ليس كالقوم في العلن.
وبنفس الوقت كنت اقرا كتاب العرب وجهة نظر يابانية لمؤلفة المهندس الياباني نوبواكي نوتوهارا، الكتاب الذي يقول لنا ما لا نحب سماعه عن أنفسنا، العرب متدينون جدا فاسدون جدا. كثيرة هي التناقضات في بلدي التي تجعل الحليم حيراناً وتذهب لب الحكيم السليم فحياتنا تضج بالتناقضات. ونحن ايضا، تعج شخصياتنا بالمتناقضات ومن ابسط هذه التناقضات اننا يوميا نوجه الانتقادات الى السياسات الحكومية ومن يتولون المناصب العامه رغم انهم اردنيون واغلبهم كان يوجه النقد الى الى السياسات العامه قبل ان يحل بالمنصب العام؛ الا ان الحال يتغيربمجرد ان يباشر مهامه كمسؤول فيقوم بتنفيذ لا بل قد يطبق سياسات اشد تناقضاً من التي كان ينتقدها قبل ان يلبس الجبة الحمراء. وتصبح الارادة الملكية وسام شرف لنفس الشخص الذي كان اشد المنتقدين لمن صدرت بهم هذه الارادة بهم سابقاً.
وبمراجعة بسيطة لما ثار من جدل حول موضوع بيع الخضار لاسرائيل والذي يحدث بناء على علاقات تجار حتى قبل وخلال احداث غزه فهناك تجار ورجال اعمال يرتبطون بعلاقات تجارية مع هذا الكيان وهذا ليس بسر؛ الا ان ما يدور من حرب بربرية لا إنسانية على الاخوه في غزه سلط الضوء اكثر على هذه التبادلات التجارية وكالعادة فاسهل الطرق واكثرها اقناعا هو توجيه اسهم الانتقاد الى الدوله بجميع مؤسساتها حتى الامنية منها لم تسلم وان هؤلاء المسؤولين يمارسون العمالمه لهذا الكيان المحتل وان ما تقوم به الدولة رغم كل الجهود والمساعدات المرسلة والتماهي مع الموقف الشعبي الى اقصى مدى ممكن دون اللحاق الضرر بالدولة الاردنية اقتصادياً وسياسياً؛ حيث انه على الرغم من انخفاض صوت الانتقاد بالعلن فقد ارتفع مستوى الانتقاد بالهمس والمجالس الخاصه.
فهل الدوله من باع وصدّر الخضار الى اسرائيل او حتى شجعَ على القيام بذلك؟ وكيف ممكن ان تكذب على الاردنيون في وقت ينتقدها تقرير السفارة الامريكية بوقت ليس ببعيد من انها لا تتخذ من الخطوات ما يخفف من التزام الاردنيين بالمقاطعه واكثرهم دعما للاخوة في فلسطين؛ فالتناسق بين الموقف الرسمي والشعبي غير مسبوق؛ الا ان السقوف المرتفعة لانتقادات للنظام تجعل الحليم حيران؛ فهل من اشترى الخضار وسمّسر وصدّر ونقل الخضار الدوله ام مواطنين وتجار كان الكسب المادي اهم من المواقف الوطنية واهم من دماء الشهداء والاطفال والنساء في غزه؟ وكان المكسب المادي اهم من الموقف الوطني واهم من صورة الاردن امام مواطنية والعالم؟ وبمزيد من الايضاح والتوضيح فمن اشترى وباع الخضار ومن سمسر على شرائه ومن صدره ونقله ليست مؤسسات الدوله او بتوجيهات من الدولة وانما مزارعون وتجار وسمارة وناقلون يتعاملون مع الكيان المحتل وقدموا ملىء جيوبهم بالمال المغمس بالدم الفلسطيني على احترام مواقف الدوله بكل اطيافها من شعب وملك وملكة وحكومه.
ان من قام بهذه الخطوة المشينه هم أصحاب مصالح وضعاف نفوس سببوا حالة من التشكيك بالمواقف الوطنية للدولة الاردنية فلقد اكدت جمعية مصدري الخضار والفواكة وكذلك تجار يصدرون خضارهم من ميناء حيفا الى اروبا؛ اكدّوا جميعهم والعهدة على ارائهم ان الحكومة لا تعلم عن الوجهه النهائية للتصدير؛ فمن الممكن ان يطلب التاجر شهادة منشا للخضار الاردنية لغايات التصدير الى اروبا من خلال ميناء حيفا بسبب عدم القدرة على التصدير من خلل سوريا؛ فمن الممكن ان تباع هذه الخضار بمجرد وصولها الى الموانىء الاسرائيلية لان العروض السعرية التي يقدمها الصهاينه أعلى من الاسعار التي يتم الحصول عليها في اروبا فبذلك يحصل التاجر او المصدر على سعر أعلى وبكلفه أقل لان النقل اقصر والطلب عالي. فالتعامل مع الكيان الصهيوني من عدمه يعود الى ضمير واخلاق التجار وليس الى ان الدولة هي من سمح واشترى وصدر الى اسرائيل.