جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم عامر طهبوب
سطع نور الميلاد في بيت لحم في ليلة الميلاد، لم يأت المسيح عليه السلام إلا نصيراً للمعذبين والمتألمين، تلك هي رسالة المسيح، الرسالة التي بعث بها الصوت المسيحي المنادي بالعدل والحق، نور المسيح سطع في بيت لحم، كان نوراً حزيناً، وما كان يمكن لأبناء المسيح أن يفرحوا ويبتهجوا في ليلة ميلاد حزينة، لم يطلب من أهل المسيح أن يحزنوا، وقفوا للصلاة من أجل غزة، ومن أجل فلسطين، ليس لأنهم من أبناء فلسطين فحسب، بل لأنهم ورثة رسالة المسيح التي تنصف المظلوم، وتسعى إلى تعزيز قيم الحق والإنصاف، ولذلك وقف الكاردينال «بيير باتيستا» ليطلب بصوت عال، إيقاف المجازر والإبادة الجماعية التي يتعرض لها أهل قطاع غزة.
كانت البازيليكا في الكنيسة الرومانية حزينة، وخيم الحزن على المذود في مغارة الميلاد، وعلى أيقونة المسيح وأمه، واستبدلت شجرة الميلاد بحاضنة خدّج، وطغى اللون الرمادي الحزين على كل ما يرمز إلى الحداد، غابت الموسيقى، ساد الصمت الحزين، الصوت الوحيد الذي صدح هو صوت المصلين الضارعين إلى الله، أن يرفع البلاء والظلم عن أهل غزة وفلسطين، والقدس مدينة السلام التي حرمها الاحتلال من نعمة السلام.
نتنياهو أنحى باللائمة في خطابه في الكنيست ليلة أمس على البابا في الفاتيكان، وقال إن زوجته سارة - وطالما اقحم سارة ونافقها - أرسلت برقية إلى البابا تناشده بالتدخل للسماح بالصليب الأحمر الدولي بزيارة الأسرى للاطمئنان على سلامتهم، وهذا يعيدنا في كل مرّة إلى ازدواجية المعاير، فلماذا لا يسمح المحتل الإسرائيلي للصليب الأحمر بزيارة الأسرى من بنات وأبناء فلسطين في سجون الاحتلال، وهم يتعرضون للتعذيب والقتل تحت التعذيب، والحرمان من أدنى الحقوق.
هوة كبيرة في فهم مفردة الأخلاق، فصبي إسرائيلي محرّر من غزة قال للإعلام الإسرائيلي إنه سأل أفراد القسام فيما إذا كان بإمكانه أن يستمع إلى إذاعة عبرية، قال: وافقوا، وقالت إحداهن: دخل علي ثلاثة منهم، ظننت أنهم يودون اغتصابي، وقررت أن أمنح نفسي لهم حفاظاً على سلامة أمي، لكنهم أعطوني قطعاً من التمر، وبعض الماء، وقالوا لي: أنتم ضيوفنا، شباب القسام كانوا يحموننا بأجسادهم، وكاسر أحدهم الأم بيده، ولكنه أحضر منشفة لف بها يده، قالت البنت: إنهم يقدسون المرأة، وقالت: كانوا يمازحونني، ويقولون لي أنهم سيزوجونني شاباً من غزة، وأنهم أطلقوا عليها اسم سلسبيل، وشرحوا لها معنى الاسم.
رسالة الرحمة في الإسلام، والعطف في المسيحية، رسالة واحدة، المفردة تختلف، لكن المعنى واحد، وهي الرسالة التي بعث الله رسله من أجلها، والحب مفردة من مفردات الرحمة، كما العطف، مظلة من مظلاتٍ يعدّ الحب إحدى مفرداتها، ولا يمكن أن تتفق هذه المعاني الإنسانية السامية، مع تصريح رئيس وزراء إسرائيل من على منبر الكنيست: «سنزيل كل حجر، وكل شجرة، من أجل إعادة المخطوفين»، وكأن 120 من الإسرائيليين، أكثر قيمة من مليوني فلسطيني، نصفهم من الأطفال.
المسأة لا تتعلق فقط بازدواجية المعايير، ولكن في اختلاف المفاهيم أيضاً، فرئيس إسرائيل «إسحق هيرتزوغ»، تحدث في كلمته الأخيرة حول «التزام الجيش الإسرائيلي بقواعد الانضباط في الاشتباك»، ذلك ما يجعلنا في واد، وإسرائيل في واد آخر، الكراهية تعمي القلوب، والمفارقة عجيبة أن يقول نتنياهو إنه لا يوجد للشعب الإسرائيلي أي مكان يذهب إليه غير هذه الأرض، ونقف موقف المتسائل لنتنياهو: وهل هناك مكان آخر يذهب إليه الفلسطيني؟.
هذا عدوان «أطرم»، احتلال عنصري بغيض، يقوده جيش من الحمقى، المجانين، الحاقدين الذين تملأ قلوبهم كراهية الآخر، وتلك بداية نهاية الكيان؛ وما يفعله في غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، مؤشر نهاية لكيان هش، يقرر وسط هذا العدوان، تخصيص ميزانية بقيمة 21 مليون دولار للمستوطنات الناشئة في الضفة الغربية، وكل ما يفعله جنون سيقود إلى انفجار أكبر من انفجار يوم السابع من أكتوبر، يعيد السلام إلى أرض الميلاد ومعراج محمد، ويعيد فلسطين حرة مستقلة.