النسخة الكاملة

«فرصة» القرن !!

الإثنين-2023-12-04 09:41 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم عوني الداوود

العمل على تهجير واخلاء وتفريغ غزة من كل أهلها هي -كما تعتقد اسرائيل -اليوم تمثّل ما أسميه بـ«فرصة القرن» بالنسبة لها..وما دامت «صفقة القرن» لم تنجح رغم ضغوطات ودعم الجمهوري دونالد ترامب قبل سنوات، فاسرائيل اليوم تمنّي النفس بوجود «فرصة القرن» الممكن تحقيقها بدعم منقطع النظير من ادارة الديمقراطي جو بايدن، والذي تخوض ادارته الحرب «مباشرة» ضد مقاومي غزة..والدليل على ما أقول ان اسرائيل زارتها كل امريكا خلال الـ58 يوما الماضية على اندلاع العدوان على غزة.. واذكروا لي أي دولة حظيت بمثل هذه الفرصة في العالم؟؟.. حتى اوكرانيا لم تحظ بهذه الفرصة، وهي اليوم تعاني وتتخوف من نسيان الادارة الامريكية لها لانشغالها تماما بالحرب على غزة. 

الرئيس بايدن زار تل ابيب خلال الأيام الأولى على الحرب، و هو على اتصال دائم مع نتنياهو رغم كل الخلافات بينهما طوال السنوات الثلاث الماضية، ووزير الخارجية بلينكن «شبه مقيم» في المنطقة لمتابعة الحرب على غزة وتقديم كل الدعم لاسرائيل..وزير الدفاع لويد اوستن زار تل ابيب..نائبة الرئيس الامريكي كامالا هاريس في المنطقة، مدير الاستخبارات المركزية «سي.آي.أيه» وليم بيرنز، شخصيا زار الدوحة مرتين لمتابعة تفاصيل الهدنة وتبادل الرهائن.. الخ..كل هذا الدعم الامريكي التاريخي منقطع النظير ألا يشكّل لاسرائيل «فرصة تاريخية» أهم بكثير من «صفقة القرن»؟ 

لذلك، اسرائيل رفعت سقف أهدافها وهي تحاول قلب هزيمتها المروّعة أمام العالم في 7 اكتوبر الى انتصار تحت أي مسمى، فان فشلت «عسكريا»- وقد فشلت بالضربة القاضية منذ 7اكتوبر- ومهما فعلت اليوم حتى لو أبادت غزّة فلن تعوّض فضيحتها التاريخية.

اسرائيل لم ولن تحقّق أهدافها بالقضاء على «حماس» والمقاومة، وهي باتت تدرك ذلك تماما ولهذا غيّرت مخططاتها وباتت تبحث عن هدف أكبر وأشمل. 

اسرائيل لم تحقق هدفها بتحرير الرهائن والأسرى «عسكريا» بل بالتفاوض، وهذا شكّل لها هزيمة أخرى أمام المجتمع الاسرائيلي..ولذلك فهي اليوم لم يعد أمامها لتحقيق «نصر» سوى ما تقوى عليه بفعل التفوق العسكري بالآليات الامريكية المتطورة، وصار هدفها الواضح أمام العالم «إبادة غزّة «ومحوها من على الخارطة تحقيقا لاحلام اسحاق رابين عام 1992 الذي كرّر أمنيته بأن يستيقظ من النوم «فيرى غزة وقد ابتلعها البحر»، واستدراكا لفشل شامير واستسلامه بالخروج من غزة عام 2005، لذلك فماكينة الدمار الاسرائيلية تنفذ حرب ابادة مبرمجة للخلاص مما تسببه غزة لها من وجع وهي -والولايات المتحدة -يسعيان اليوم لتنفيذ «فرصة القرن» على النحو التالي: 

-عبر «الوسائل العسكرية» في الميدان من خلال الاستمرار بالقصف الجوي وجعل غزة كلها -وليس الشمال فقط -منطقة غير قابلة للحياة فيها واجبار سكانها على مغادرتها، بمعنى «التهجير القسري» بقوة السلاح والتدمير وقتل أكبر عدد ممكن. 

-في المقابل الولايات المتحدة، تعمل على نفس المسار ولكن تحت مسمى «التهجير الطوعي» من خلال ما أعلن عنه مؤخرا من خطة يتم تداولها بعيدا عن الاعلام في أروقة الكونغرس الامريكي والتي تهدف لتهجير مليون غزّي الى سيناء ونصف مليون الى تركيا وربع مليون الى العراق وربع مليون الى اليمن، والخطير في هذه الخطة أنها تربط المساعدات الامريكية المقدمة لتلك الدول بمدى تقبلها لاستقبال اللاجئين، الذين لن تزيد نسبتهم في كل دولة من هذه الدول الاربع - بحسب سيناريو الخطة - على 1 %.

سيناريوهات ما أسميه «فرصة القرن»، هي حصيلة تقارير عالمية ودراسات ومشاهدات لما يجري على الارض..أكثر من ذلك فان «سيناريوهات اعادة الاعمار» لما بعد غزة يجري الحديث عنها بأفكار متعددة بين: (مشاريع لمدينة استثمارية ترفيهية كبرى مكان غزة - وبين اعادة احياء مشروع قناة بن غوريون منافسة لقناة السويس- وبين مدينة صناعية كبرى لاستثمار غاز غزة)..وغيرها من المشاريع التي تطمح اسرائيل لتحقيقها وجاري مفاوضات حولها بين الولايات المتحدة ودول في الاقليم والعالم -وفقا لتقارير- حتى ولو اتخذت الولايات المتحدة نتيجة للضغوط العالمية منحى آخر من خلال «الفعل بعكس التصريحات»، فهي (اعلاميا) ضد تقسيم غزة أو قطعها عن الضفة، لكنها على الارض تدعم وتمد اسرائيل بما يلزم لتنفيذ تلك المخططات. 

خلاصة القول: إن سيناريوهات التآمر على غزة وفلسطين والمنطقة مستمرة..ولكن المقاومة وثباتها وبسالتها وصمودها، وصلابة الموقفين الأردني والمصري تحديدا بمواجهة كل مؤامرات التهجير، واستفاقة شعوب العالم، ستشكل «فرصة القرن» للقضية الفلسطينية التي عادت بقوة الى الواجهة من جديد، مكتوبة بدماء الشهداء من الاطفال الابرياء والنساء والشيوخ على ثرى غزة وفلسطين والقدس..معلنة عن بداية مرحلة جديدة بعد 7 أكتوبر لاستعادة الحقوق المغتصبة.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير