جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم محمد خرّوب
رغم علم الجميع انحياز الصحفي الأميركي توماس فريدمان كاتب العمود في صحيفة نيويورك تايمز لدولة العدو الصهيوني وتبنّيه الرواية الإسرائيلية بحماسة, (الذي زار ويزور الكيان كـ«يهودي» لا كأميركي). إلا أنه في مقالته الأخيرة قبل أربعة أيام، والتي جاءت تحت عنوان «إسرائيل كما لم أرها من قبل», ذهب بعيداً في انحيازه الأعمى لإسرائيل على نحو بدا فيه غارقاً في الترويج للبروباغندا الصهيوأميركية, التي لم تتوقف عن اعتبار الكيان الصهيوني «فيلاً في غابة», وأنها الدولة الديمقراطية في المنطقة. رغم أن قادة العدو على اختلاف توجّهاتهم السياسية والحزبية, لم يتوقفوا ذات يوم عن اعتبار «إسرائيل» دولة تنتمي إلى المعسكر الغربي «قيماً,مجتمعاّ وحضارة».
فريدمان في مقالته كال المديح لدولة الاحتلال وفق لغة ومصطلحات مغرقة في العاطفية, مُقارناً بين إسرائيل قبل السابع من تشرين الاول/2023, وبعد ذلك التاريخ الذي حفر عميقاً وكثيراً في الذاكرتيين الفلسطينية/والعربية من جهة, والصهيونية/الغربية من جهة أخرى. إذ زعم أن أشخاصاً حذّروه قبل ذهابه إلى تل أبيب, لأن – وفق تبريره- إسرائيل 7 تشرين الاول هي إسرائيل التي لم يزرها من قبل. مُضيفاً أن الذين حذّروه كانوا على حق, ثم يبدأ فريدمان في بث البروباغندا الصهيونية خاصته, قائلاً: أنه رأى إسرائيل مكان لم يعش فيه الإسرائيليون من قبل, وهي ــ أضافّ ــ أمة لم يضطر جنرالات إسرائيل إلى حمايتها من قبل، وهي حليف لم تضطر أميركا إلى الدفاع عنه, وبالتأكيد - واصلَ- ليس بالسرعة والعزيمة التي تدفع رئيساً أميركياً للطيران إليها ومواساة أمة بكاملها.
ثم يُتابع في سردية تفيض كذباً وتلفيقاً, يُلخصها في ثلاث نقاط.. زاعماً أنه من «الواضح» تماماً» بالنسبة له بالطبع, أن إسرائيل تُواجه خطراً حقيقياً وهو خطر ـ يستطرد ــ أكبر من أي وقت مضى، منذ (حرب الاستقلال 1948) والعبارة دخل القوسين له, وذلك لثلاثة أسباب رئيسية كما يفصلها على النحو التالي:
أولاً: تواجه إسرائيل تهديدات من مجموعة من الأعداء, الذين يتقاسمون آراء دينية تعود إلى القرون الوسطى ويحملون أسلحة القرن الحادي والعشرين –» ولم يعودوا مُنظمين كمجموعات صغيرة من رجال الميليشيات، ولكن كجيوش حديثة تضم ألوية وكتائب وقدرات إلكترونية وصواريخ بعيدة المدى وطائرات بدون طيار.
لم يكتفِ بذلك بل يمضي برفع منسوب الأكاذيب المحمولة على تحريض فظّ, بالقول: أتحدث عن حماس المدعومة من إيران، وحزب الله، والميليشيات الإسلامية في العراق، والحوثيين في اليمن, والآن حتى «فلاديمير بوتين الذي يحتضن حماس علناً». لقد كان هؤلاء الأعداء يُاصل فريدمان موجودين منذ فترة طويلة، ولكن يبدو أنهم ظهروا معًا مثل «التنانين» خلال هذا الصراع، مما يُهدد إسرائيل بحرب شاملة في وقت واحد.
هنا ولاحقاً يبدأ بالحديث عن إسرائيل الديمقراطية المُسالمة والتوّاقة الى السلام مُتسائلاٍ: كيف يمكن للديمقراطية الحديثة أن تعيش مع مثل هذا التهديد؟. هذا هو ــ أضافَ ــ بالضبط السؤال الذي أرادت هذه القوى الشيطانية زرعه في ذهن كل إسرائيلي. إنهم لا يسعون إلى تسوية إقليمية مع الدولة اليهودية. هدفهم هو انهيار ثقة الإسرائيليين في أن أجهزتهم الدفاعية والاستخباراتية, غير قادرة على حمايتهم من الهجمات المفاجئة عبر حدودهم–لذلك سيبتعد الإسرائيليون أولاً عن المناطق الحدودية ثم سيخرجون من البلاد تمامًا.
ماذا عن الخطر الثاني؟.
يقول:
الخطر الثاني الذي أراه, هو أن الطريقة الوحيدة التي يمكن تصورها لكي تتمكن إسرائيل من اكتساب الشرعية والموارد والوقت والحلفاء, لخوض مثل هذه الحرب الصعبة مع هذا العدد الكبير من الأعداء, هي أن يكون لديها شركاء لا يتزعزعون في الخارج، بقيادة الولايات المتحدة. لقد حاول الرئيس بايدن، (بشكل بُطولي)، مساعدة إسرائيل في تحقيق هدفها الفوري والمشروع, المتمثل في تفكيك نظام حماس الإرهابي في غزة, والذي يشكل تهديداً لمستقبل إسرائيل بقدر ما يُشكل تهديداً للفلسطينيين, الذين يتوقون إلى دولة كريمة لوطنهم في غزة (أو) الضفة الغربية. ثم ينتقل لتبرير حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش النازية الصهيونية. لكن يُتبع فريدمان حرب إسرائيل ضد حماس في غزة, تستلزم قتالاً في المناطق الحضرية، من منزل إلى منزل، مما يؤدي إلى سقوط آلاف الضحايا من المدنيين- رجال ونساء وأطفال أبرياء–الذين تحصّنت حماس بينهم عمداً, لإجبار إسرائيل على قتل هؤلاء الأبرياء من أجل قتل قيادة حماس واقتلاع أنفاقها الممتدة على مسافة أميال.
إلى أن يقول:هذا يؤدي مباشرة إلى هاجسي الثالث العميق. مُفسّرا: لدى إسرائيل أسوأ زعيم في تاريخها، وربما في التاريخ اليهودي كله. والأسوأ من ذلك أنني مندهش من الدرجة التي يواصل بها ذلك الزعيم/تنياهو، وضع مصالحه في التمسك بدعم قاعدته اليمينية المتطرفة, وإلقاء اللوم بشكل استباقي على أجهزة الأمن والمخابرات الإسرائيلية في الحرب, قبل الحفاظ على التضامن الوطني أو القيام ببعض الأشياء الأساسية, التي يحتاجها الرئيس بايدن من أجل تزويد إسرائيل بالموارد والحلفاء والوقت والشرعية التي تحتاجها لهزيمة حماس.
هذه «مزامير» فريدمان... فـ«تأمّلوها».