جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم رمزي الغزوي
رغم أنَّه كان تعيساً جداً مع زوجته؛ إلا أن الفيلسوف الكبير سقراط نصح الشّباب قائلاً: تزوّجوا. فأما أن تكونوا سعداءَ، أو تصبحوا فلاسفة. ولهذا كتب أحدهم، وكان يبحث عن زوجة: البشر أنصاف برتقالات. وكلٌّ يبحث عن نصفه الثاني. وكثيرا ما يصدف أن يلتصق بنا نصفٌ لا يكون مطابقاً تماماً لنا. ومع هذا تبقى البرتقالة شبه الكاملة أفضل من نصف مكشوف تنتابه صنوف التلف والخراب.
هذا الشاب، كما أخبرني، أنه حين تزوّج، وعاد سعيداً إلى عمله بعد أسبوع، نزع حزامه وانهال على زملائه ضرباً؛ لأنهم كانوا يخفون عليه لذاذات الزواج وطيبته. ولكن أحد الذين نالتهم ضرباته صرخ فيه: يا زلمة. الزواج برميل بوجهين: وجه العسل ووجه الزفت. اصبر وستعرف المذاق الحقيقي حينما تخلطك الحياة.
تداعت علي هذه الذكرى لأنني رايت الاهتمام المتزايد بيوم العزابية الذي سيحييه الشباب العزاب حول العالم بعد يومين. ففي الصين وقبل أكثر من ربع قرن أرادت بعض الجمعيات أن تلفت أنظار المجتمع إلى مضار الوحدة التي تسببها العزوبية، فاختاروا يوم 11/11 ليكون احتفالا كبيرا يلتقيه فيه الشبان عل وعسى أن يجدوا أنصافهم الثانية. وقد كان اخيار ذلك اليوم ذكيا لأن الآحاد الأربعة في التاريخ تشير إلى كم مضاعف للوحدة التي يعانيه العزاب في حياتهم غير المكتملة.
لكن التجار كان لهم رأي آخر كالعادة. فهم دوما يرون فرصة في كل محنة؛ ليبيعوا سلعهم الكاسدة. فمثلا عندما تراجع منسوب الحب في الناس، تم استعادة عيد الحب، فروّج له فأصبحت الأسواق تغص بورود حمراء ودببة طيبة تسعد بالاحتضان.
قبل أربع سنوات التفت (جاك ما) مؤسس موقع علي بابا عملاق التجارة الإلكترونية إلى هذا اليوم، وعده مناسبة تسوق كبيرة، فحقق مبيعات خيالية تقدر بمليارات الدولارات. ولهذا أتوقع أن يستغل تجارنا هذا الفرصة في الأعوام القادمة لتحقيق ارباح من أوجاعنا.
الفقر ليس السبب الوحيد المعيق لإقبال الشباب على الزواج. فنحن نعرف شبانا وشابات شقوا طريقهم في الحياة، وهم ناجحون جدا، ولكنّ فكرة الزواج تبدوا بعيدة عنهم جداً وتبتعد كلما إزدادوا نجاحا. ولربما هذا مرده إلى قصور في الفهم. فلو أن النوايا سليمة لديهم لبحث عن أنصافهم ليكون في نجاح مكتمل.
مؤلم كثيراً أن بعض هؤلاء الشبان ذكورا كانوا أم إناثا ينهمكون في تحقيق الذات، ويسعون إلى تحسين حياتهم؛ فينظر إليه المجتمع بأنهم ليسوا مشاريع جيدة للزواج وخاصة الفتيات منهن. ولهذا يخاف الشباب أن يرتبطوا بهن؛ لإعتقادهم بأنهن استحواذيات وسيضيعون في جوارهن. وهذا أكبر سوء فهم نقع فيه كمجتمع.
كم أحزن أن كثيراً من الناجحين والناجحات يبقوا على قيد الوحدة القاسية ولا تتحقق لهم فرصة تكوين بيت سعيد وأولاد صالحين. مؤلم هذا حتى ولو خيل لنا أنهم/ أنهن يبدون سعداء/ سعيدات للمجتمع.