جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم عوني الداوود
لا القانون الدولي ولا الأمم المتحدة ولا البعد الانساني ولا الاخلاقي ولا حتى الوازع الديني ولا أي شيء مما نتحدث به ونسمع عنه..فما يحكم العالم اليوم هي (المصالح) ولا شيء غيرها..والشواهد على ذلك كثيرة وهي ليست جديدة، ولكن ربما لا نلتفت اليها أحيانا أو لم نكن نعطيها حجمها الذي تستحقه..أمّا اليوم، فقد كشف العدوان على غزة كل التضليلات والعناوين الخدّاعة، وأثبت بكل سفاقة أن الذي يتم على أرض الواقع هو (المصلحة) والمصلحة فقط ولذلك:
1 - لا ولن يستجيب العالم الغربي لنداءات وقف الحرب، الا اذا كانت هناك (مصلحة)، أو تعرضت مصالحه لخطر يستوجب وقفا لاطلاق النار، لأن امريكا والغرب من ورائها ما هرعت الى المنطقة الا حين وجدت أن(مصالحها) تتعرض للخطر، وأن اسرائيل حارستها في المنطقة ليست بالقدر الذي يحافظ على (مصالحها).
2 - لا ولن تستجيب اسرائيل وامريكا والغرب لفتح حقيقيي للمعابر من أجل تدفق المساعدات الانسانية ما دامت (المصلحة) الاسرائيلية والامريكية لم تتحقق في الاهداف (المعلنة) و(غيرالمعلنة) للعدوان على غزة..وفي مقدمتها هدفان:
أ)- (تهجير أكثر من مليون غزيّ الى سيناء).
ب)- اجبار الباقين على (النزوح من الشمال الى جنوب غزة) وهي -اسرائيل - تعمل على فرض هذا الواقع بتكثيف عدوانها البربري جوا وبرا وبحرا..وقد نجحت حتى الان بتدمير (الحجر) لكنّها لم ولن تستطيع اقتلاع (البشر) من غزة الى اي مكان آخر.
3 - توسيع دائرة الحرب ليس (مصلحة امريكية) ولا دول المنطقة..ولكن بعيدا عن الحرب، فهناك دول عديدة لديها مصالح مع امريكا واسرائيل وتستطيع ان تضغط لوقف الحرب..ولكنها لا تفعل لأن ذلك يتعارض بصورة أو بأخرى مع (مصالحها)، وأعني هنا دولا غربية كبرى في مقدمتها:
أ)- (مجموعة السبع G7): التي يجتمع وزراء خارجيتها الآن في طوكيو..وجميع هذه الدول (بريطانيا- فرنسا -المانيا -ايطاليا -كندا -اليابان..بالاضافة الى امريكا) جميع دول السبع التي تستأثر بنحو60 ٪ من صافي الثروة العالمية، لديها (مصالح) مشتركة مع امريكا ولن تضغط لوقف الحرب، وهي التي تشاركها في دعم اوكرانيا في حربها ضد روسيا..ولكنها قادرة -ان أرادت- بالضغط في الجانب الانساني.
ب)- الاتحاد الاوروبي: والذي يضم (27) دولة واقتصاده يشكل (ثالث اكبر اقتصاد في العالم) أيضا مرتبط بمصالح واستثمارات مع امريكا واسرائيل..ولا تشكل له في المقابل (مصالحه) مع المنطقة العربية وحتى الاسلامية شيئا مقابل تلك المصالح.
ج)- الصين: لها (مصالح) في المنطقة وهي ترصد ما يجري انطلاقا من صراعها مع الولايات المتحدة على هذه المنطقة الاكثر سخونة في العالم والتي يمثل فيها مضيق هرمز-على سبيل- المثال أهم ممر للطاقة في العالم (من النفط والغاز)، اضافة لمضيق باب المندب وقناة السويس..والصين تعتبر الشريك التجاري الاكبر لجميع دول الشرق الاوسط، ولكن لديها قضية أهم مع الولايات المتحدة -اضافة الى حربهما الاقتصادية - وهي قضية تايوان.
د)- روسيا: ترصد المشهد وتتمنى مزيدا من توريط امريكا في المنطقة لتخفيف الضغط عنها في حربها في اوكرانيا ولديها مصالح (اقتصادية) في المنطقة وتحديدا مع السعودية حيث تقودان معا تحالف (اوبك+) الذي بات يتحكم بأسعار وحجم انتاج النفط العالمي..ولدى روسيا (مصالح سياسية ) وهي حاضرة بقوة على الساحة السورية ولها علاقاتها الوطيدة مع ايران.
ه)- ايران وتركيا :كدولتين كبيرتين في الاقليم لكل واحدة (مصالحها)..فالأولوية لايران «ملفّها النووي»، وخصوصا بعد الافراج عن 6 مليارات دولار حوّلتها امريكا للمصارف القطرية قبل أسابيع من بدء العدوان على غزة..أما تركيا فلديها مصالح (اقتصادية) واستثمارات مع دول المنطقة ولديها مصالح (اقتصادية وعسكرية) مع اسرائيل و(مصالح) أكبر مع امريكا وروسيا والصين، وهي توازن بين كل (مصلحة) بما يحقق مصالحها بالدرجة الأولى.
4)- الدول العربية كل واحدة لها (مصالحها) وحساباتها السياسية والاقتصادية والعسكرية، ولكل دولة أوراقها، لكن قرار استخدام تلك الاوراق أو عدمه تحكمه مصلحة كل دولة، ومن هنا نرصد توافقا على أساسيات، واختلافا في تفاصيل.
5)- الأردن: رغم أن القضية الفلسطينية بالنسبة له أكبر من كل المصالح ومع ذلك فان (مصلحة) الأردن وبوصلته واضحة ليس منذ 7 تشرين الاول الماضي بل وقبل 75 عاما..لخّصها جلالة الملك عبدالله الثاني بقوله: «ستبقى بوصلتنا فلسطين وتاجها القدس»..والقضية الفلسطينية مصلحة أردنية بكل تفاصيلها من (الوصاية الهاشمية - وحل الدولتين - وعودة اللاجئين -..الخ)، لذلك تضغط الأردن وستبقى تضغط اليوم بكل أوراقها من أجل: وقف الحرب على غزة، وادخال المساعدات الانسانية، وحماية الاردن من كل مؤامرات التهجير والوطن البديل..وصولا الى حل شامل وعادل.