جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم عوني الداوود
صورة المسيرة التي تجاوزت المئة ألف مشارك يوم أمس الأول وسط العاصمة البريطانية لندن تغني عن كثير من الكلام :
- فالعلم الفلسطيني كان مرفوعا فوق الرؤوس والاعناق والاكتاف، يشق وسط لندن عاصمة بريطانيا التي شهدت «وعد بلفور» المشؤوم منذ 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 1917.
- مسيرة لندن - التي تكررت كل سبت - فاقت بأعداد المشاركين فيها عدد من شاركوا بمسيرات في بعض الدول العربية والاسلامية.. وضمت «مسيرة لندن» مشاركون من كافة الملل والنحل، منهم المسلمون والمسيحيون وحتى اليهود وغيرهم.
- المسيرة ضمت بريطانيين ومن مختلف الاعمار.. وكان لافتا مشاركة شباب بريطانيين صرّحوا لوسائل اعلام أنهم لم يكونوا قد سمعوا باسم فلسطين قبل هذه المسيرة !.
- العامل المشترك بين جميع المشاركين كان الضمير الانساني الذي يتواءم مع كل الاديان، الضمير الذي حاولت وتصر اسرائيل ووسائل اعلام غربية التي تتحكم بها اسرائيل بصورة أو بأخرى أن تغيّبه، لم يغب عن أولئك الذين قرروا المشاركة في مسيرة لندن.. هذه المسيرة التي اعتدنا ان ننتظرها كل يوم سبت لتكون بحق «ترمومتر « ضمير العالم الغربي، الذي يشعرنا مرّة تلو الاخرى أنه لم يمت، بل على العكس فقد أيقظته الحرب على غزة والمجازر التي ترتكب ضد الانسانية من سباته.
مهما حاولت وسائل الاعلام والحكومات الغربية المنحازة للرواية الاسرائيلية أن تشوّه الصور، وتقلب الحقائق فان المواطنين في العالم الغربي المتقدم تكنولوجيا وإعلاميا بات يدرك تماما، وبما يمتلكه من وسائل اتصال متقدمة ومنصات تواصل اجتماعي أكثر تحررا وانفتاحا.. يدرك الغث من السمين، والصدق من الكذب والتضليل.. وقد شاهد بأم عينيه المجازر التي ترتكب في غزة، ضد الانسانية، في حرب ابادة جماعية حصدت الاطفال والنساء والشيوخ، ولم تفرّق بين مبنى سكني ولا دور عبادة من مساجد وكنائس ولا دور علم من مدارس وجامعات.. بل تقصف المستشفيات وتقطع المياه والطعام والكهرباء والانترنت عن مواطنين عزّل ألقيت فوق رؤوسهم قذائف يقدّر حجمها بنحو نصف القنبلة النووية وربما أكثر من تلك التي ألقيت على هيروشيما في العام 1945.
- مسيرة لندن ليست الوحيدة، فهناك مسيرات بدأت تتزايد حتى في الولايات المتحدة الامريكية، والمانيا ونيوزيلندا والهند، وغيرها.. لكن مسيرة لندن لها رمزيتها وخصوصيتها لأنها تنطلق من لندن.
- مسيرات في جميع دول العالم العربي والاسلامي مستمرة.. هنا في الاردن وهناك في مصر وكافة الدول العربية والاسلامية.. وكانت أكثرها حشودا مسيرة اسطنبول يوم امس الاول، ومسيرة جاكرتا عاصمة اندونيسيا أكبر دولة اسلامية.. لكن اعود واقول بأن مسيرة لندن لها خصوصية.
- المسيرات مهمة للغاية فهي توجّه رسائل لاسرائيل وللدول الغربية المتعاطفة مع الرواية الاسرائيلية الكاذبة بأن حبل الكذب قصير، وأنه لا مجال لتزوير الحقائق في عصر الانترنت ومنصات التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي، فكل شيء واضح ومكشوف والفضائح والفظائع يراها العالم أجمع، وما هذه المسيرات سوى ارتدادات لما يراه المجتمع الغربي وبات يرفضه ويعبّر عن رفضه من خلال تلك المسيرات القادرة على تشكيل ورقة ضغط على الحكومات الغربية المنحازة وعلى وسائل الاعلام المؤيدة بل والمشاركة بسلاحها الاعلامي لاسرائيل في قتل الاطفال والنساء والابرياء.
قادرة تلك المسيرات على صناعة الراي العام العالمي وتغييره واعادته الى جادة الصواب والانحياز الى الانسانية والى الشعارات الحقيقية لحقوق الانسان والعدالة وحماية المدنيين.
الاخلاق والانسانية والضمير لا تتغير في السلم كما في الحرب وهذه في صلب ديننا الاسلامي الحنيف والعهدة العمرية واضحة وجلية منذ العام 638 ميلادي، والعالم بات يعرفها، لكنّه يغمض عيونه عن جرائم اسرائيل، ومثل هذه المسيرات ستجبره وتضطره لان يفتح عينيه على الحقيقة رغما عنه، لأن العدو الاسرائيلي ممعن في الاجرام الى حد لن يستطيع حتى مجاملوه و داعموه مواصلة اغماض عيونهم عن تلك الجرائم، لأنها ستطالهم بصورة أو بأخرى مع تواصل تلك المسيرات المعبرة عن ارادة شعوب لم تمت، ولن تموت خصوصا بعد أن استيقظت بداخلهم قضية فلسطين.