جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم عوني الداوود
هذا سؤال للمجتمع الدولي الذي بهرنا بخطاباته البرّاقة حول حقوق الانسان، واذا به يقصد الانسان اليهودي والاسرائيلي والصهيوني.. بينما الانسان الفلسطيني والغزّي تحديدا يوصف دون خجل ولا وجل بالحيوانات البشرية.
-أشبعنا الاعلام الغربي شعارات لدعم اللاجئين.. واذا به يقصد أولئك من ذوي الشعر الاشقر والعيون الزرقاء الاوكرانيين ولا يلتفت أبدا لأولئك من ذوي البشرة الشرقية السمراء أو الحنطية أصحاب العيون السوداء أو حتى العسلية.
- إعلام غربي يظهر أنه رافض للعنصرية بكافة صورها ويدعم ذلك شكلا بانتخاب رؤساء وقيادات من ذوي البشرة الداكنة ومن أصول آسيوية وأفريقية ليتضح أن كل ذلك مجرد مظاهر شكلية تكشفت عن عنصرية مقيتة لا ترى سوى من يطلقون على أنفسهم «شعب الله المختار».. عنصرية مقيتة أعادت للبشرية صور ظلم وعنجهية الرجل الابيض في القرون الوسطى ضد كل من يختلف معه في اللون والعرق والدين والجغرافيا.
- مجتمع غربي رفع شعارات حقوق الطفل واذا به شريك في جريمة عصر حصدت حتى الآن أكثر من ألفي طفل من أصل أكثر من 5 آلاف شهيد ارتقوا حتى الامس جلّهم من الاطفال الرضّع، علاوة على آلاف الجرحى..ويتباكى الغرب على أطفال اسرائيل، بل ويزرع العداوة في قلوب أطفاله برسوم متحركة تحرّض على أطفالنا بأنهم مجرمون وقتلة يجب قتلهم في مهدهم لأنهم مشاريع شهداء - أو عفوا- لأنهم مشاريع ارهابيين يريدون قتل من احتل أرضهم ودنّس مقدساتهم.
- إعلام لا يزال يتحفنا بشعارات حقوق المرأة وتمكين المرأة، واذا به يستهدف ما يزيد على ألف امرأة شهيدة ارتقت حتى الآن في غزة العزّة والآلاف من الجريحات.. ثم يداهم سجون الأسيرات أمس الاول ويعتدي على السجينات والموقوفات بلا تهم ولا جريمة سوى أنهن صانعات الرجال والابطال.
- ماكينة الاجرام تحصد الأرواح تحت شعار «الدفاع عن النفس» في حرب ابادة لشعب محاصر، وهو يحرم اليوم من الماء والغذاء والكهرباء، على مرأى ومسمع مجتمع غربي يتباكى على الجلاد دون أن ترمش عيناه على ذبح الضحية.
- في الحرب على غزة..كل الاقنعة سقطت..وبعد السابع من اكتوبر/ تشرين الأول، سقط الجدار العازل ليكشف صورة قميئة من العنصرية والتطرف والهمجية ربما لم يكن كثيرون يتوقعونها..لم يخجلوا منّا لأنهم لا يقيمون لنا وزنا..ولنكتشف أن كل تلك الشعارات الاعلامية التي (باعونا إياها) ونرددها ليل نهار ليست لنا، ولسنا نحن المقصودين، فلا حقوق انسان لنا..ولا حقوق لأطفالنا..ولا لنسائنا.. بل كل ذلك لهم فقط.
وما دام الحال كذلك فكيف سنصدقهم بعد اليوم؟ لماذا علينا أن نصدق المجتمع الدولي الكاذب؟ هل سنصدقهم مرّة أخرى بأنهم حريصون على سلام عادل وشامل؟ هل سنصدق بأنهم جادّون فعلا ومقتنعون بحل الدولتين وهم يزيلون كل معالم الدولة ويجرفون ما تبقّى من أراض ويدفنون شعبها تحت الركام ويسعون لتهجير أهلها؟..لماذا؟ وكيف سنصدقهم ؟..ولماذا نحاول اقناع انفسنا بأنهم فعلا يجاملوننا ؟.
ان من أهم ما أفرزته الحرب على غزّة العزّة ليس كشف كذب المجتمع الدولي فحسب، بل ان حجم الكذب يجب ألا يبقي- بضم الياء -ذريعة لأي منّا للتفكير بتصديق ما يقوله المجتمع الدولي بعد اليوم.
علينا اعادة حساباتنا وخطابنا الاعلامي والدبلوماسي وعلاقاتنا مع من يقف مع قضايانا ومن يكذب علينا ويعادينا..فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرّتين، وقد لدغنا ولدغنا.. لا لمرتين بل لمئتين ولا زلنا لا نتعلم - أو لا نريد أن نتعلم -..واعتقد أنه قد آن الأوان لأن نستيقظ وأن نستفيق من غفوتنا..فقد بدأت مجتمعات غربية بل واسرائيلية باكتشاف كذب لم تعد قادرة على احتماله.. شعوبهم لم تعد تصدقهم فلماذا يصرّ كثير منّا على تصديقهم..لست أدري؟؟.