النسخة الكاملة

حراك انتخابي نشط .. برلمان 1989 في الأردن: سيناريو الزخم التصويتي قد يخلط الأوراق

الخميس-2023-09-17 11:09 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - مسألتان لا يمكن إسقاطهما من حسابات البيدر السياسي في حال تتبع تلك التصريحات الحادة والنارية التي صدرت مرتين على الأقل بأسبوع واحد عن الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي المعارض الشيخ مراد عضايلة تحت عنوان الوصفة الأفضل شعبيا لمغادرة «مأزق الدولة» برمتها عبر صناديق الاقتراع.

لسبب غامض سياسيا يعتقد ان له علاقة مباشرة بسعي العضايلة بتحفيز كادر حزبه قبل بقية المكونات، قرر الأخير أن التكرار واجب، موضحا بأن الرد الشعبي اليتيم المفترض الذي يعيد إنتاج المشهد السياسي الوطني هو المشاركة في الانتخابات المقبلة شعبيا وبزخم جماهيري يجعل العبث بالنتائج أمرا في غاية الصعوبة.

يراهن العضايلة هنا على حالة الاحباط العام وعلى القاعدة التي تقول إن نسبة مشاركة شعبية أكبر في الانتخابات تعني تدخلا أو عبثا أقل بالنتائج عمليا.

تلك طبعا معادلة رياضية  لكن في الفيزياء الرياضية لا يمكن القول إن النتائج ستكون صحيحة ودقيقة، لأن العضايلة ومنذ ثمانية أسابيع وخلال الحملة ضد قانون الجرائم  الإلكترونية الجديد كان مهتما بلفت نظر الرأي العام لأن الهدف من القانون المستجد هو تقليص نسبة المشاركين في الانتخابات المقبلة وبالتالي إحباطها من جهة تيار نافذ يسيطر على المسار والقرار.

تكرار العضايلة لدعوته بخصوص نسبة اقتراع شعبية كبيرة يعني بأن خطاب الحزب الأهم في التعبير الإسلامي يريد استعادة مناخ عام 1989 حصريا ، وقد قال العضايلة بذلك مباشرة وهو يجدد الرغبة في رؤية نسبة مشاركة لا تقل عن 68 في المئة كما حصل عام 1989.

تحقيق هذه النسبة صعب جدا بل ومعقد لكن في المقاربة الخاصة بالتيار الإسلامي ثمة ما يوحي باستدعاء مشهد عام 89 بكل تفصيلاته عبر عملية تقمص وتمثيل تشبيهية تقارن ما بين وثيقة الميثاق الوطني آنذاك بين القوى السياسية في الواقع الموضوعي وبين الانتخابات العامة التي أنتجت أفضل برلمان بإجماع المراقبين في ذلك العام، وهو نفسه البرلمان الذي يريد العضايلة اليوم استنساخه ويهز ذاكرة الأردنيين عمدا بخصوصه.

الظروف كانت مختلفة تماما برأي الدكتور ممدوح العبادي ففي ذلك العام قرر الملك الراحل حسين بن طلال تغييرا جذريا في «النهج» وليس في التحول فقط.

عبارة تغيير النهج وردت في أدبيات المعارضين والشخصيات الوطنية عشرات المرات خلال العامين الماضيين وإن كانت السلطات تفضل عبارة أقل صخبا باسم «تحديث المنظومة السياسية في البلاد» حيث مشروع سياسي طموح تبدل بموجبه قانوني الأحزاب والانتخابات، وحيث شارك الإسلاميون بفعالية بحوارات انتهت بوثيقة يريد العضايلة ضمنا اليوم منحها الوزن النوعي للميثاق الوطني في عام 1989 بدلالة تركيزه في الخطاب الأخير على انه لا حياة ديمقراطية بلا أحزاب سياسية ولا أحزاب بدون حريات.

تلك المقاربة تخدم تكتيك التيار الإسلامي الذي قرر فيما يبدو المشاركة في الانتخابات بصرف النظر عن الأوضاع العامة وبدون شروط مسبقة كما كان يحصل في الماضي وعلى أساس منهجية ووثيقة تحديث المنظومة السياسية وإن كانت ضمانات النزاهة الانتخابية مسألة لا تزال قيد الالتباس.

بخصوص النزاهة اقتراح العضايلة وغيره واضحة وحادة الملامح وأساسها هزيمة أو تقليص فرص أي تدخل محتمل في العملية الانتخابية لعام 2024 عبر وصفة غريبة هي الزخم الجماهيري، بمعنى جعل التدخل مع رفع نسبة الاقتراع أصعب وأكثر تعقيدا وهي مسألة بحد ذاتها أيضا ليست مضمونة إطلاقا بعد لإن ردع التدخل الرسمي يوم الانتخابات ممكن والعكس يمكن فضحه، لكن عبقرية تزوير الإرادة والتصويت الشعبية مسألة سلوكية لا تردعها شروحات العضايلة وغيره من قادة الشارع.

لكن عموما ما يقترح عبر بوابة التيار الإسلامي مثير ويستحق التأمل ،وأي دفع بمشاركة شعبية واسعة في الاقتراع تتضمن إقناع مكونات اجتماعية عريضة ومؤثرة المشاركة وبكثافة ومن بين تلك المكونات لا بل أشهرها الهيئة العامة لنقابة المعلمين الضخمة المغلقة وكذلك الجمهور الوطني الحراكي الذي يرى بالانتخابات عبثا.

استجابة الشارع لمقترحات العضايلة المهمة تتطلب إقناع شخصيات وطنية معارضة أو مستقلة ذات ثقل سياسي بالترشيح أصلا وعندما استفسرت  من نائب نقيب المعلمين ناصر نواصرة أشار أن المعلمين لا يريدون إلا نقابتهم وكل سيناريوهات المشاركة بأي فعالية وطنية مفيدة مفتوحة.

أغلب التقدير أن تكرار العضايلة لدعوته بخصوص الزخم الجماهيري نحو الصناديق يمهد لإطار ما أشمل في السياق التكتيكي الانتخابي، لأن حزب جبهة العمل الإسلامي الأقدر من بين أحزاب المنظومة على خوض الانتخابات بدراية لكنه يبحث عن «تحالفات وطنية» تبرر الزخم المطلوب على مستوى القوائم المحلية.
 

القدس العربي 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير