جفرا نيو - خاص
تلوح في الأفق بوادر أزمة حقيقية بمعدلات قبول الطلبة في معظم التخصصات من جهة وعجز الجامعات بعد قرار تطبيق معايير معايير جديدة بشكل لا يسمح لجميع خريجي 'التوجيهي' بدخول الجامعات وفي التخصصات التي يرغبونها
، وأمام ذلك ارتفعت الاحتجاجات ومن طلبة التوجيهي "العلمي" الحاصلين على معدلات مرتفعة على قرار وزارة التعليم العالي القاضي بتقليص المقاعد عبر الاعتصامات ، وقول أحدهم " معدلي 97.6 أدرس تنسيق زهور" ؟ .
إلى ذلك التسريبات تتحدث عن تقليص عدد المقاعد المخصصة لطلبة الجامعات، لنحو 23.8 % وسيتم قبول ما يقارب من الـ42 ألف طالب وطالبة .
ولكن ما أثار الجدل تخفيض قبول الطب عن العام الماضي من 2150 مقعدًا الى 640 مقعدًا، وبنسبة 70 % .
وزارة التعليم العالي قالت بتصريحات إعلامية إن تخفيض أعداد المقبولين في كليات الطب بالجامعات الرسمية، جاء بسبب الطاقات الاستيعابية للكليات
وأشارت إلى أن ارتفاع أعداد الطلبة، جاء بسبب اضطرار مجلس التعليم العالي لمعالجة مشاكل اجتماعية مر بها الطلبة، كالطلبة العائدين من السودان واوكرانيا، والتضخم الكبير في معدلات التوجيهي خلال الأعوام القليلة الماضية.
وبينت، أن عدد الطلبة على مقاعد كليات الطب في الجامعات الرسمية وصل الى 20 ألفا، في حين أن الاستيعاب لا يتجاوز 15 ألفا، ولو التزمت هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي بمقدار استيعاب الكليات لهذا العام، لما قبلت أي طالب
،
بدورة كشف رئيس لجنة التعليم والشباب في مجلس النواب الدكتور طالب الصرايرة ، أن هناك اجتماعا سيعقد ما بين مجلس النواب و وزير التربية والتعليم العالي قريبا بهذا الخصوص .
.وسط ذلك هناك انتقادات نيابية للقرار الذي وصف بـ "غير المدروس" وجاء دون تخطيط ، وكان يتوجب على الوزارة تخفيض النسبة تدريجيا على ان لا تتعدى 10% وليس 70% ، وسط توقعات بلجوء آلاف الطلبة لدراسة الطب بالخارج أو الجامعات الخاصة .
وكشفت ورقة نقاشية لجماعة حوارات عمان أن تكلفة دراسة (19) ألف طالب للطب في الخارج تبلغ حوالي مليار دينار.
موزعين على دول عديدة، نصفهم في مصر وأوكرانيا، كما ان السنوات الثلاث الأخيرة شهدت تخرج ما يقارب (1000-1100) طبيب سنويا من الخارج، وهي قابلة للزيادة في السنوات القادمة.
وأظهرت ان الكلفة السنوية لكل طالب (رسوم مع معيشة وسكن) تقدر بـ 10 الاف دينار، مما يعني ان كلفة الموجود حاليا تقريبا مليار دينار اردني عند تخرجهم جميعا.
.
وبينت أنه يمكن الإبقاء على ديمومة كليات الطب الموجودة حاليا بالمملكة، والعمل على تطويرها وزيادة جودة مخرجاتها،
كما طالبت الورقة النقاشية بزيادة فرص الأطباء بالتعيين والالتحاق في برامج التدريب المحلية والدولية، بالإضافة للعمل على نشر ثقافة مختلفة عن نظرة المجتمع للطب، والتركيز على انها مهنة إنسانية لخدمة البشرية لا اكثر والا اقل.
وتتكون هذه الورقة النقاشية من وصف واقع الحال في كليات الطب في الأردن، مدعمة بالأرقام من حيث عدد الطلبة وخريجيها، ووصف وضع الأطباء في الأردن وتخصصاتهم، ومقارنة ذلك مع النسب العالمية ومن ثم اسنتاجات وحلول مقترحة.
ووفق الورقة النقاشية فإنه يوجد (6) كليات طب حكومية ومستشفيين جامعيين في عمان وإربد. كما تعتبر كليات الطب مصدر دخل رئيسي للجامعات، في ظل غياب الدعم الحكومي وخصوصا في البرنامج الدولي والموازي (30-40%من الموازنات)، بالإضافة الى ان نسبة قبول الطلبة في آخر 3 سنوات، شهدت زيادة مضطردة تصل الى25% سنويا.
وبينت الورقة ان هناك تفاوتا كبيرا بين اعداد المقبولين ما بين تنسيب مجالس الأمناء وقرار مجلس التعليم العالي، وما توصي به هيئة الاعتماد، ووجود نقص في مدرسي العلوم الطبية الأساسية وخصوصا في الجامعات الناشئة حديثا، ناهيك عن التوسع الملحوظ في عقد اتفاقيات مع المستشفيات الحكومية والخاصة، لاعتمادها كمستشفيات تعليمية، وهناك عدة ملاحظات تتعلق بجودة التدريب السريري في ظل هذا التوسع.
وأشارت الى ان معدل الاضمحلال (عدد الطلبة الذين يغادرون الكلية قبل انهاء متطلبات التخرج) يصل الى 13-17% سنويا، كما ان نسبة الطلبة الاجانب في جميع الجامعات تقريبا 17-20%، (86% في الجامعة الاردنية وجامعة العلوم والتكنولوجيا).
وفيما يتعلق بالجامعات الطبية الخاصة، اعتبرت ان لها عدة فوائد «على اعتبار التزامها بشروط ومعايير التعليم العالي وهيئة الاعتماد»، منها استقطاب نسبة لا بأس بها من الطلبة الاردنيين الدارسين في الخارج، وتقليل نسبة الهدر من العملة الصعبة، واستقطاب طلبة اجانب من البلدان المجاورة مما يعتبر استثمارا محليا، وخلق فرص عمل للاكاديميين في القطاع الطبي على مستوى العلوم الطبية الاساسية والسريرية.
وستعمل الجامعات الطبية الخاصة على تنمية المناطق الجغرافية المحيطة بهذه الجامعات: انشاء مستشفى جامعي، فرص توظيف، مسؤولية مجتمعية، وإذا تم الالتزام بمعايير جودة التعليم فان اعداد الطلبة المنوي قبولهم سيتلقون تعليم ذا جودة عالية.
أما بخصوص التعيين في وزارة الصحة او القطاع الخاص او الخدمات الطبية كطبيب عام بعد التخرج، فقد أظهرت ان الارقام متفاوتة في السنوات الاخيرة (150-100 سنويا)، مع زيادة طفيفة في التعيينات خلال فترة كورونا، وان الانخراط المباشر في برامج الاقامة المحلية (جامعات، خدمات طبية، قطاع خاص) بلغ 650 مقعدا تقريبا.
ولفتت الورقة النقاشية الى ان السجلات في السنوات العشر الأخيرة تشير الى ان معدل تسجيل الأطباء في النقابة حوالي الف لكل سنة حتى عام ٢٠١٨، حيث بدأت الزيادة في أعداد الأطباء المسجلين تأخذ بالزيادة بشكل ملحوظ، وعدد الأطباء العاملين في الأردن بين طبيب عام واخصائي تقريبا (31000 )، في حين ان عدد سكان الأردن تقريبا (11 مليون نسمة).
وأضافت ان هناك توزيعا غير منتظم وعشوائي في الاختصاصات بجميع أنواعها على المناطق الجغرافية، حيث ان معظمها في العاصمة عمان وهو ليس نقطة سلبية اذا كان هناك نظام تحويل للمرضى فعال على مستوى الوطن، لكن يجب ان يدرس في التوسع في الاختصاصات الشحيحة في المناطق الطرفية، من حيث الاعداد ورغبة الطبيب ومكان اقامته.
وفي بيانات ديوان الخدمة المدنية كما ذكرت الورقة النقاشية، فقد أظهرت انه يوجد ما يقارب ٢٣٠٠ طبيب عام ينتظرون التوظيف في القطاع الحكومي، ولا يعني ذلك انهم لا يعملون في قطاعات أخرى او خارج الأردن، حيث ان هناك نسبة لا بأس بها يطلبون للتعيين، لكن يتم الاستنكاف ولا يوجد بطالة معلنة لاطباء الاختصاص، كما ان هناك ما يقارب من ١١٥ تخصصا عاما وفرعيا مسجلا لدى النقابة، وما يقارب الف طبيب لديهم اكثر من اختصاص، علما بانه في الولايات المتحدة يوجد ما يقارب ١٥٠ تخصصا فرعيا وعاما، مما يجعلنا ان نتوسع بفتح الاختصاصات الفرعية ?لغير متوفرة وزيادة الفرص المتاحة.
وشددت على أن معظم اعداد الأطباء في الاختصاصات الرئيسية والفرعية يتماشى مع النسب العالمية الى حد ما، الا اننا مازلنا بحاجة لعدة تخصصات فرعية في طب الأطفال: الخداج والنفسية والعناية الحثيثة، وتخصصات جراحية: الاوعية الدموية والترميم وتخصصات فرعية في طب العيون، تخصصات باطنية: الحساسية والمناعة والامراض المعدية والعناية الحثيثة للبالغين، ناهيك عن الاشعة التداخلية المتخصصة.
واقترحت الورقة النقاشية تفعيل الدور الرقابي لمجلس التعليم العالي وهيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي، لضبط سياسات القبول في كليات الطب، بحيث تكون اعداد القبول المنسب بها من قبل مجالس الامناء، تدرس سنويا من قبل لجان مختصة، ويؤخذ بعين الاعتبار الاحتياجات وطبيعة الجامعة من حيث الموقع والامكانيات وسمعتها الاكاديمية.
كما اقترحت توسيع رقعة البدائل وايجاد الفرص ما بعد التخرج من قبل المؤسسات المعنية، وزيادة التعيينات في جميع القطاعات بما يتناسب مع النسب العالمية المشار اليها (قد يترتب عليها خفض الاجور نسبيا لكن زيادة رقعة التعيين)، مع مراعاة التوزيع الجغرافي للاختصاصات.
ودعت إلى توسعة القبول في برامج الاقامة والتخصص الدقيق ذات الطلب العالي على المستوى الوطني والاقليمي والعالمي (مصدرا لتصدير الكفاءات)، ومراعاة النقص الجندري في بعض التخصصات، وإيجاد ضوابط وتعليمات اكثر صرامة لدراسة الطب في الخارج (تحديد الاعداد، رفع المعدلات، نوعية الجامعات)، وإعطاء فرص متساوية لطلاب الثانوية من البرنامج الدولي من الأردنيين، للقبول في الجامعات المحلية والاستفادة من تفوقهم، كذلك عدم التوسع في فتح كليات طب في المستقبل(على الاقل في العشر سنوات المقبلة).
واقترحت أيضا التركيز من قبل هيئة الاعتماد وضمان الجودة والمؤسسات الرقابية على تطبيق كليات الطب المعايير المحلية والدولية في التعليم والتدريب السريري بشكل موضوعي، وبدون أي تهاون واتخاذ إجراءات حازمة بحق المخالفين.
ونوهت الى انه قد يكون من المناسب دراسة مقترح جعل سنوات الدراسة في الطب خمس سنوات، يتبعها سنتين من الامتياز، كما هو معمول في مصر الآن: حيث الفائدة في التدريب السريري المناسب وتقليل كلف الدراسة (مراعاة الأعداد ضروري في هذه الحالة
وفي ملف التخصصات الطبية حدث ولا حرج فما كان متاحا في الأعوام السابقة بات هذا العام صعب المنال وهو ما يطرح مجددا البدائل للسيطرة على مأساة القبولات في هذه التخصصات، فقد أظهرت النتائج الأولية لقائمة القبول الموحد
وفي النهاية يطرح ملف القبولات الجامعية علامات استفهام عديدة حول مستقبل التعليم العالي وعن مصير جميع الخطط والإستراتيجيات والأموال اتي تم انفاقها للنهوض بهذا القطاع فضلا عن أهمية التنسيق مع الوزارات الأخرى وخاصة وزارة التربية والتعليم لوضع حد لحالة الفوضى غير المسبوقة في ادارة القطاع.
ولا يعرف بعد إذا ما نجحت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في السيطرة على سياسة قبول الطلبة الأردنيين في الجامعات، عبر بوابة تخفيض مقاعد الطلبة فيها، بخاصة التخصصات الطبية "المشبعة والراكدة"، أم أن خطتها لن تكون ذات جدوى