إخلاء طفلة من غزة لاستكمال علاجها بالمدينة الطبية حلف الناتو يدرس إمكانية فتح مكتب في عمان اعلان عمان أول عاصمة بيئية في الشرق الاوسط البنك المركزي يطرح سندات خزينة نيابة عن الحكومة بـ100 مليون دينار زخات مطرية على المملكة الخميس الشواربة: مركز تحكم لإدارة الأزمات والمخاطر في عمان تعزيز التخصص القضائي سرّع الإجراءات وجوّد الأحكام استطلاع : 54% من المستثمرين يرون أن الأمور تسير بـ "الاتجاه الخاطئ" الأمانة تستقبل 2434 شكوى وملاحظة خلال أيلول الماضي تنفيذ عطاء تنظيف مجاري الأودية ومناهل تصريف مياه الأمطار صحفيون جدد يؤدون القسم القانوني إعلان نتائج ترشيح الدورة الثانية للمنح الخارجية - رابط ضبط اعتداءات ضخمة على خط ناقل لمحافظات الشمال الأردن يوجه مذكرة احتجاج إلى السفارة "الإسرائيلية" الحنيطي يستقبل نائب الأمين المساعد لحلف الناتو السفير عياد يقدم أوراق اعتماده لرئيس جنوب إفريقيا إجراء حكومي يتعلق "بالمكسرات" قرارات مجلس الوزراء الأربعاء - تفاصيل موافقة على مشروع نظام العمل الأكاديمي بالجامعات والكليات الرسمية فئات بحاجة ضرورية لمطعوم الإنفلونزا الموسمية
شريط الأخبار

الرئيسية / قضايا و آراء
الخميس-2023-05-11 11:57 am

الرّزُ المُقمّط

الرّزُ المُقمّط

جفرا نيوز - بقلم رمزي الغزوي

قبل يومين كدت أُتهم بجريمة حرب كبرى حين تساءلت على «فيسبوك» عن سرّ تعلق سيداتنا بطبخة ورق العنب، مع كل ما تحتاج إليه من جهد صبر وأناة وتركيز، رغم أنها مهما علت تبقى أكلة «نص كم»، تدرج كمقبلات أو نقرشات على المائدة لا أكثر.

بالطبع أنا أُكبر وأقدّر كل السيدات اللواتي يبذلن ذلك العناء الكبير من أجل أسرهن متذكرا أمي رحمها الله وهي تحاول أن تقنعني دون جدوى بأن طبختها وجبة مكتملة لا تقبل أن تكون ظلاً لوجبة أخرى. لكني كنت أقول إن ورق العنب الملفوف، والذي كنت أسميه في صغري «الرز المُقمّط»، يصلح أن يكون فواصل مبهجة بين الوجبات، أو تصبيرة لذيذة لحين الغداء.

وعلى عادة أمهات زمان كانت أمي تعدُّ كميات قياسية من هذه الطبخة، وكنت أمازحها وهي منهمكة بنكتة طرزان فتى الأدغال، وكيف غضب مزمجرا عندما وجد أمه تلفُّ سراويله. حينها كانت تأمرني في الحال أن أغيب عن مدى قذيفتها القريبة منها.

واليوم ما زلت أرثي لحال الأمهات والزوجات والأخوات وهن يقضين الكثير من الوقت في إعداد وتجهيز وتجميل هذه المعزوفة الموسمية، في حين لا يأخذ منا الأمر نحن الرجال لإفناء ما تعبن به لساعات إلا دقائق معدودة. ومع هذا صار يحلو لي أن أفسر شغفهن بهذا الجهد الجهيد على أنه ونس موسمي وربما سنوي.

أحد الأصدقاء كتب إن سرّ ذلك التعلق هو ذاته السر الذي يجعل الرجال يعتقدون أنها أكلة لا تكتفي بذاتها، فيما كتب صديق ثان إن في إيران مثلا شعبيا يقول «أكر حيلة نادري لفلف مكوني»، أي إذا لم يكن هناك حيلة، فلماذا يلفون الرز واللحم؟. عندها كتب ثالث إنها أكلة تستحق اللف والدوران. وأيّد رابع أن السيدات إذا لم يلففن ورق العنب يلففن رؤوسنا.

أيام الدراسة الجامعية في الخارج قررت ذات نزوة أن أتحف رفقاء السكن بهذه الأكلة، فاشتريت التجهيزات، وعدت مسرعا لأطلق العنان لفيروز تؤنسني. وبعد أن سلقت الورق جهزت (التتبيلة) حسب وصفة اقترحتها لي زميلة سورية، ثم خلطت اللحمة المفرومة كثيرةَ الدهن بالأرز المسقّى بالسمن الساخن، بعد أن فتفتُّ كبريتة مرق الدجاج، أضفت فركتين من النعناع الناشف، وختمتها بحفنة فلفل أسود.

لكني وبعد أن تربعت للفّ الورق مسترجعا مهارة أمي التي تلفها بسرعة أكبر من سرعة جدي في لف سيجارته، تفلتت الحبة الأولى من بين أصابعي، والثانية انبرطت، فيما «شوربت» الثالثة، أي صار لها شوارب كشوارب القط، والرابعة تهدلت مني؛ فنفد صبري، فرفعت صوت فيروز.

أمام ذلك الفشل الذريع أتتني الفكرة الشيطانية ففرمت الورق فرماً حثيثاً يليق بالتبولة، وخلطته بالأرز وطبختهُ كالطبخة التي لا أجيد غيرها: المقلوبة. وعندما وصل القوم مهترئين جوعاً تحلقوا المائدة ونسفوا ما «عسته» لهم بشراهة المحاربين. ولما استفسروا بعد الواقعة عن اسم «هذه العجقة»؛ قلت ضاحكا إنها «محاشي على الماشي»، إن لها ذات المذاق لو تعلمون يا أوباش.