النسخة الكاملة

سليم المعاني رحل متأخراً !

الخميس-2023-05-02 12:15 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز- بقلم عبدالحافظ الهروط 

رحل الاستاذ الصحافي سليم المعاني عن الدنيا متأخراً، وهذا ليس قياساً على تجاوزه  العقد السبعين.

المرحوم المعاني كان يغازل الموت منذ الأيام التي كانت تتراكم عنده أكوام من باكيتات الأدوية قبل أن يلتهمها، تارة مكرهاً، وتارة وهو يضحك.

هذا ما عرفته منه وهو يسرد عبر صفحته الفيسبوك قصصه ورحلته مع مهنة المتاعب وتعامله مع حالات المرض التي داهمته من سنة لأُخرى.

ورغم مسيرته الصحفية الطويلة في وكالة بترا وفي صحف محلية وعربية ومواقفه تجاه القضايا الوطنية والقومية  ، إلا أنني لم أزامله سوى باسم المهنة. 

أظن أن توليه وظيفة مستشار في الوكالة التي انتقلت اليها متأخراً ، كان تأكيداً على أن "المستشار لا يستشار"، والمعاني وأمثاله لا يقبلون بهذه الوظيفة، إلا "للشديد القوي"، وهو المرض الذي ظل يطارحه طوال عمره.

الزيارة الوحيدة التي قمت بها الى منزله  مع الزميلين بلال العقايلة وحازم عكروش، كانت لطلب صوته الانتخابي لأحد المرشحين لمنصب نقيب الصحفيين، وقد كنا مشدودين لذاك المرشح، فنظر إلينا نظرة الحزن علينا، وقال " بالكوا في نقابة صحفيين"؟! وزاد "إكراماً لكم وثقتي بكم سأنتخبه وأعذروني عن انتخاب الأعضاء، الى حين أعرف الأسماء، وسأنتخب منهم حسب قناعتي، مع أنني لست مقتنعاً بكل العملية الانتخابية" وسرد قصصاً كثيرة، ( حينها لم يكن أي واحد من ثلاثتنا مرشحاً لعضوية النقابة).

شخصياً، أكثر ما لفت اعجابي بالأستاذ الراحل، تلك القصص والروايات ، سواء المتعلقة بحياته المهنية أو مشاكساته ومشاغباته الودية المحببة مع الزملاء ، والتي اوردها بكل موضوعية وصدق وتشويق على صفحة الفيسبوك الخاصة به، وتمنيت أن يطول به العمر لنقف عند تجربته الثرية، بعيداً عن الأخبار واللقاءات والمهمات الوظيفية التي أوجعت قلمه وأتعبت قلبه.

هذا الأسلوب الذي يكشف عن احترافية الصحافي والاعلامي في مجال مهنته، سواء اتفقنا مع هذا  أو اختلفنا مع ذاك، يذكّرني بالقصص التي كان يسردها الاستاذ صالح القلاب في صحيفة "الرأي" والبعيدة كل البعد عن فكره ورأيه في ما يكتبه في "زاويته" التي لست معه فيها لا هوى ولا مهنية، حتى أن الراحل الاستاذ الزميل اللغوي في الصحيفة سلامة جدعون وأنا تطابق رأينا، لو أن القلاب يتفرّغ لمثل تلك القصص لأكسب "الرأي" المزيد من القراء.

التحق المعاني بالأساتذة والزملاء الراحلين الذين تركوا أثراً في المهنة، فمن يعوضنا عنهم، وليعيدنا الى صحافتنا وإعلامنا الذي أخذنا بهجره والتهريج في أماكن أُخرى؟!

رحمهم الله جميعاً.