النسخة الكاملة

الأعصاب مشدودة في عمّان وسط تحذيرات من انهيار الأوضاع في الأراضي المحتلة برمضان

الخميس-2023-03-07 11:40 am
جفرا نيوز -
 جفرا نيوز - يتقدم الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير بخطوة إضافية تؤشر على دفن توصيات ومقررات ما سمي بقمة العقبة الأمنية، ولاحقاً دفن نسختها في شرم الشيخ قبل ولادتها أصلاً وهو يعلن باسم حكومة الكيان تكليف أجهزة الشرطة المحتلة بهدم بيوت الفلسطينيين في القدس خلال شهر رمضان المبارك.

شهر رمضان هو السقف الزمني الذي سبق أن ارتبط هاجسه في ذهن صانع القرار الأردني وهو يحذر من انهيار الوضع القانوني في الأراضي المحتلة، وعليه تصبح دعوة بن غفير جزءاً من سلسلة الإرهاق الذي يتسبب به للأردنيين والمصريين
 والأمريكيين وزراء اليمين المتطرفون خلافاً لأن تصريحات بن غفير هي الوصفة الأقرب لتفعيل وتنشيط الانفلات والفوضى.

ضبط الأمريكيون بغلاظة قليلاً
 
تصريحات وزير المالية الإجرامية، ونجحوا في محاصرة نشاطات بن غفير قليلاً، لكن مفاجآت الأخير تواصل التقدم وتربك كل الخطط التي وضعت أصلاً في العقبة، ولاحقاً شرم الشيخ من أجل تجاوز التصعيد، وحصراً في شهر رمضان المبارك. أبلغت خلية الأزمة في وزارة الخارجية الأردنية فوراً الجانب الأمريكي بأن الوزير بن غفير لم يعد مجرد شخص متطرف ويميني، بل يحيك صناعة الأزمة في الأراضي المحتلة وبكل قصدية.

لذا، قد يتحقق هنا ما تم التلميح له أردنياً عدة مرات باعتباره مكسباً دبلوماسياً بعنوان إبلاغ العالم بهوية الجهة التي تعرقل التهدئة، بمعنى فضح حكومة اليمين الإسرائيلي في الوقت الذي رد فيه خبير من وزن الدكتور مروان المعشر في ندوة مغلقة متسائلاً عن الجهة التي فضحت الأخرى بعد مسارات التكيف. في كل حال، الأعصاب السياسية والأمنية في عمان مشدودة الآن وبقوة خارج نطاق الاحتواء، والعدو واضح

 حسب البرلماني محمد الحجوج، الذي تحدث مع عن قيمة مضافة برزت مؤخراً، عنوانها أن العدو للأردن وفلسطين وللسلام ولكل قيمة إنسانية محدد واضح الملامح اليوم.

لم يعرف بعد أردنياً إلى ماذا ستقود الأعصاب المشدودة في دوائر القرار، خصوصاً أن شهر رمضان المبارك يطرق الأبواب وفيه خليط من الجرعات الدينية العقائدية والإشكالات الاقتصادية المعيشية، بمعنى أن التأزيم الإسرائيلي في الشهر الفضيل بدأ يوحي بأن الصراع ديني. وهو أكثر محظور يمكن أن تصل إليه الأمور بمواصفات ومقاييس الأردن الرسمية خلافاً، لأنه محظور يطلق الرصاص على الرأس في الاشتباك مع برنامج التهدئة.

مفردة "التهدئة” نفسها بدأت تثير غضباً واحتقاناً في عمان، والمحلل السياسي عريب الرنتاوي سأل علناً: تهدئة مع من ومن أجل ماذا؟

وفي الوقت نفسه، يتكرر السؤال أردنياً هذه المرة بعد إصدار شهادة وفاة لحل الدولتين عن طبيعة المكاسب التي يرتجيها الأردن من وراء الاهتمام الجذري بملف التهدئة. والجواب المقترح، في رأي المعشر، هو أن المسألة مرتبطة فقط بالتكيف المجاني، لكن التهدئة -برأي خبراء اقتصاديين- ضرورية للأردن حتى تصل بعض اللقيمات الاقتصادية والاستثمارية إلى الفم ضمن حزمة المشاريع الإقليمية.

لكن التهدئة اليوم بعيدة المنال، وجرس الإنذار في غرفة العمليات الأردنية السياسية والدبلوماسية قرع بقوة، لأن سياسة هدم المنازل في شهر رمضان التي قررها الوزير المتشدد بن غفير هي أقرب وصفة لخدمة المتطرفين في المنطقة، الذين يؤمنون بالخلفية الدينية للصراع. وبما أن التهدئة هي نقيض انهيار الوضع القانوني، ففرصة انعقاد نسخة شرم الشيخ الأمنية ثم مؤتمر "النقب 2” أصبحت بعيدة المنال مع حكومة تل أبيب الحالية.

بلغة المؤسسات الأردنية، لا يعني ذلك إلا حقيقة واضحة الملامح، قوامها ترقب أيام صعبة جداً في شهر رمضان المقبل، وعبارة "أيام صعبة” لا ترتبط بالتصعيد المحتمل في الأرض المحتلة فقط، ولكن أيضاً بالداخل الأردني.

وهو ما تلمح له بعض مقالات الصحافة العبرية. وما يحتاجه الأردن عملياً اليوم هو ابتعاد مشاريع الإقليم الاقتصادية المهمة وانفلات الصراع الديني على خلفية القضية الفلسطينية في ظل أزمة معيشية واقتصادية حادة داخل المملكة.

ويعرف الأردنيون هنا قبل غيرهم بأن الانتفاضة الثالثة إذا ما اندلعت في شهر رمضان وبتوقيع بن غفير ونتنياهو، قد تصبح الأمور فوضوية للغاية أكثر، حيث قدّر المعشر علناً بأن الانتفاضة الثالثة ستكون كما يبدو عليه المشهد مسلحة وبلا قيادة واضحة الملامح، ما يعني بأن كل السيناريوهات محتملة وإلى حد بعيد.

الأردن في المتابعة لتصعيدات اليمين الإسرائيلي على الحافة اليوم؛ فمبادرة لقاء العقبة خرجت عن سكتها مبكراً، ووزراء اليمين الإسرائيلي يحترفون صناعة أزمة تلو أخرى ويرهقون الجميع.

وما لا تعلنه السلطات والنخب هو الرغبة في الاستيقاظ قريباً وقبل شهر رمضان في سياق حالة تسقط فيها التركيبة اليمينية الحالية برفقة نتنياهو، وعلى قاعدة أن أي وضع مرتبك في إسرائيل هو أفضل كثيراً من بقاء الحكومة الحالية.
 القدس العربي. 


القدس العربي