جفرا نيوز : محمد خرّوب
بعدما تمزَّقت صفوف المُعارضات السورية ولم يعد لها أي حضور سياسي أو مجرد تأثير إعلامي، خاصة بعد أن لفظتها العواصم الداعمة.. إقليمية كانت أم دولية, وبخاصة بعد أن تخلى عنها ما كان يُعرف ذات يوم مؤتمر «أصدقاء سوريا», الذي عقد اجتماعه الأول في تونس يوم 24 شباط 2012, عندما كانت تحت حُكم «الثنائي»..الرئيس العلماني (منصف المرزوقي و«الشيخ» راشد الغنوشي). خاصة الدور «الجهادي» الذي لعبته حركة النهضة بزعامة الأخير ورئيس الحكومة علي العريّض, الماثل أمام المحاكم التونسية الآن والذي صدر قرار بـ«حبسه» بعد التحقيق معه (ومع الغنوشي) لدورهما في «قضية التسفير», أي «تسيير» قوافل «المجاهدين» للقتال في سوريا.
نقول: بعد انفراط عقد الذين راهنوا على المعارضات السورية منذ أن شكّلوا في البداية ما وُصِفَ المجلس الوطني السوري, ثم انتهى إلى خليط مُتنافر اطلقوا عليه «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية»، وما تبع ذلك من تطورات متلاحقة وصلت ذروتها في «طلب» الرئيس التركي من نظيره الروسي ترتيب لقاء له مع الرئيس السوري. وجد (الإئتلاف السوري) نفسه أمام حال غير مسبوقة من «الافلاس المالي» (دع عنك الإفلاس السياسي المبكر بانتهاء دوره الوظيفي). إذ تواترت الأنباء عن انه «وللشهر الثالث على التوالي»، لم يتسلّم الائتلاف الوطني السوري «مخصصاته» المالية. ما أوصله عملياً إلى حال من الشلل، ترتّب عليها إعلان عجزه عن انعقاد المؤتمر الدوري للهيئة العامة, الذي كان «مُقرراً» منتصف الشهر الجاري.
ليس فقط أن هذا ما ترتّب على «توقّف» معظم موظفي «الائتلاف» والعاملين فيه عن الدوام, بسبب عدم حصولهم على رواتبهم الشهرية منذ مطلع شهر تشرين الأول الماضي حتى الآن، ما زاد من القناعة لديهم, بأن تكون تركيا هي التي أوقفت تحويل «المنحة"الشهرية المُخصّصة للائتلاف والتي تبلغ (250) ألف دولار شهرياً تمنحها دولة عربية، لكنها تمر عبر وزارة الخارجية التركية، بل خصوصاً «تهديد» مالك المبنى الذي يستأجره الإئتلاف بـ"إخلائه». لكن مسارعة أحد أعضائه بدفع قيمة «الإيجارات» المُتراكمة ورواتب «بعض» الموظفين الأساسيين من جيبه الخاص على سبيل «الديّْن", حال دون انفراط عقد الائتلاف الذي أوشك أن يكون على قارعة الطريق.
من الصعب تجاهل الأسباب التي أوصلت «الائتلاف» إلى حاله الراهنة, من افلاس مالي فاقمَ حال الإفلاس السياسي الذي سبق ذلك بكثير. دون اهمال طبيعة «التحوّل» الذي طرأ على السياسة التركية حيال الملف السوري, حتى لو كان تكتيكياً أو مؤقتاً محمولاً على مراوغة وانتهازية سياسية, يروم الرئيس التركي من ورائها, تحسين فرصه في الانتخابات الرئاسية التركية المُقرَّرة في حزيران القريب.
ما أدى الى قيام مظاهرات «مُرتَّبة» أيلول الماضي, في المناطق التي احتلتها تركيا في الشمال السوري. احتجاجاً على التصريحات التي صدرت عن انقرة تدعو الى «المصالحة» بين تركيا وسوريا, وأيضاً بين «المعارضة» السورية والحكومة الشرعية في دمشق.. الأمر الذي أغضب المسؤولين الأتراك – وفق مصادر تركية وأخرى سورية معارضة–, الأمر الذي تجلّى في «إعادة النظر بالمخصصات المالية ورواتب ومصروفات الإئتلاف»، على ما قالت تلك المصادر.. علماً أن تركيا كانت أبلغتْ رئاسة الائتلاف في وقت سابق على التطور الأخير, بتقليص الرواتب بنسبة 30%وبما يشمل ذلك «الأعضاء» والموظفين.
الائتلاف في «مِحنته» الأخيرة، دخل طور الإحتضار, بعد أن لم يعد له أي دور أو تأثير في مجريات ووقائع المشهد السوري، حتى لو أن تركيا في تحولاتها الأخيرة (غير الجدية في واقع الحال), تدعو إلى مُشاركة الائتلاف (والحكومة المؤقتة) في المصالحة العتيدة, وغيرها من العناوين والشعارات «التبريرية»، التي تُغطي بها» أنقرة» استعدادها لتطبيع العلاقات مع دمشق, باعتبار أن (الحوار السياسي أو الدبلوماسية لا يمكن التخلي عنهما تماماً بين الدول) على ما صرَّح الرئيس التركي أكثر من مرَّة.
في السطر الأخير... إفلاس ائتلاف المُعارضات المالي والسياسي، ينسحب بشكل او آخر على ما يُسمّى الجيش الوطني السوري, الذي جنَّدته أنقرة لخدمة مُخططاتها التوسعية والمشاركة في غزواتها الثلاث. حيث يتقدّم أفراده صفوف جيشها الغازي, في ما يواصِل اردوغان التهديد يهدد به لإقامة منطقة آمنة بعمق «30"كم.
ليس مهماً على الإطلاق ما يُطْلِقُهُ سالم المسلط/ رئيس الإئتلاف في هذا الشأن عندما يقول: بالنسبة لقوى الثورة والمعارضة السورية, فإن «فكرة» المصالحة مع نظام الأسد «مرفوضة تماماً ومستحيلة التطبيق». المطالب الشعبية -أضاف- بإسقاط نظام الأسد واضحة، ومبادئ الثورة السورية لا يمكن الحياد عنها. أما بالنسبة إلى «تركيا فهذا شأن دولة لها قراراتها ولا يمكننا التدخل بشؤونها».
kharroub@jpf.com.jo