جفرا نيوز -
تحقيق اخباري - قد تكون مدينة تعز أكثر المدن اليمنية التي تأثرت بفعل الحرب التي تدور رحاها في اليمن منذ ثمان سنوات، بعد انقلاب جماعة الحوثي المدعومة من إيران على السلطات الدستورية في البلاد.
قُسمت المحافظة التي تقف إلى الغرب من اليمن، إلى نصفين، إحدهما تسيطر عليها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، والأخر تسيطر عليه جماعة الحوثي بما في ذلك منطقة الحوبان حيث المدينة الصناعية، والطرقات الرئيسية التي تربط المدينة بالمحافظات الأخرى.
وللعام الثامن على التوالي, يواصل الحوثيون المدعومون من إيران حصار المدينة وإغلاق الطرقات الرئيسية المؤدية إلى مركز المدينة. وفشلت الأمم المتحدة مراراً في فتح هذا الحصار رغم وجود بنود تنص على ذلك في اتفاق ستوكهولم الذي وقع بين الحكومة والحوثيين عام 2018، واتفاق الهدنة الأخيرة التي ترعاها الأمم المتحدة.
وقال مصدر محلي, إن إغلاق الطرقات الرئيسية أدى إلى اتخاذ طرق فرعية وعرة للوصول إلى المدينة عبر المنفذ الغربي. وأضاف "في السابق كان الوصول من وسط المدينة إلى منطقة الحوبان يستغرق قرابة 15 دقيقة وفي الأثناء أكثر من خمس ساعات". ويعبر المواطنين أثناء الوصول إلى المدينة قرابة خمسة طرقات فرعية وعرة تمر عبر سلاسل جبلية شهدت العديد من الحوادث المرورية وأودت بحياة العشرات.
ورفضت جماعة الحوثي ثلاث مقترحات قدمها الوسيط الدولي الى اليمن هانس غروند برغ لفتح تدريجي للطرقات المؤدية إلى تعز ومحافظات أخرى، وتمسكت بفتح طرقات فرعية تقول الحكومة إنها لا تلبي احتياجات المحافظة التي يقطنها قرابة خمس مليون، حتى بنسبة عشرين بالمئة.
وقال مصدر حقوقي، إن مدينة تعز تعد اكثر المحافظات التي سجلت أعداد ضحايا بصفوف المدنيين خلال الفترة الممتدة من عام 2014 وحتى العام الجاري.
وفي وقت سابق، قتل مدني وأصيب خمسة أخرين جميعهم أطفال بقصف مدفعي شنته جماعة الحوثي على الأحياء السكنية عند الضواحي الغربية للمدينة. كما زرع الحوثيون مناطق شاسعة من الأراضي بالألغام الأرضية لمحاولة كبح اي تقدم لقوات الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
يقول الصحفي أدونيس الدخيني، إن مركز المدينة التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية تعيش حالة من الفوضى وانتشار الجريمة المنظمة التي أودت بحياة العشرات من اليمنيين.
ومضى يقول "إلى جانب حصار ميليشيات الحوثي والانتهاكات التي تمارسها تشهد المدينة عمليات تصفيات وسباق على نهب الأراضي وفرض الجبايات". وأضاف " يتورط في هذه الانتهاكات قيادة الأجهزة الأمنية والعسكرية الاستخباراتية وجميعها يقودها قادة ينتمون إلى حزب الاصلاح الفرع المحلي لجماعة الإخوان في اليمن".
وقال مصدر حقوقي، إن "الحزب ذاته يملك اكثر من عشرة سجون سرية في مدينة تعز.. تم احتجاز المئات خلال الفترة الماضية في هذه السجون وقد أفرج عنهم، لكن هناك أكثر من 30 مختطفا مخفيين حتى اليوم".
مراراً، شهدت المدينة مواجهات بين فصائل القوات الحكومية المعترف بها دولياً على خليفة صراعات على السيطرة على إيرادات المؤسسات الحكومية. وسقط مدنيون خلال هذا المعارك، بحسب إفادة مصادر محلية.
وادت هذه المواجهات والتدخلات في سلطات المؤسسات المدنية إلى شل قدرة المؤسسات في تقديم الخدمات للمواطنين.
وقال مواطن يعمل في بيع الخضروات داخل المدينة " الحوثي يحاصرنا وقيادة القوات الحكومية تضاعف معاناتنا". وأضاف " فقدنا الأمل بتحررنا من هذه المعاناة".
وبعد نحو ثمان سنوات من الصراع يمكن أن يتجسد واقع اليمن الأليم في هذه المحافظة التي تقع بين الجنوب والشمال، والتي تضم أكبر عدد من السكان، فالمدينة التي أنهكتها حرب السنوات الطويلة، أضحت مقسمة بين من يمكن وصفهم بأمراء حرب يسيطرون يفعلون فيها كل ما يحلو لهم بما في ذلك الاعتقالات والتعذيب وإنشاء السجون الخاصة وفرض الجبايات والقتل خارج إطار القانون، وهو ما يشبهه الصحفي الدخيني بحال العاصمة الصومالية مقديشو خلال الحرب الأهلية في تسعينيات القرن الماضي، ويضيف:"فعليا لإن مدينة تعز تحت حكم جماعت دينية متطرفة فالحوثوين الشيعة يسيطرون على جزء منها، بينما تسيطر جماعة الإخوان المسلمين عل أجزاء أخرى، وأصبح السكان منذ السنوات بين رحى هذين الطرفين، اللذين أو قفا القتال بينهما منذ حوالي ثلاث سنوات ليتقاسموا المحافظة باتفاض ضمني، ويمارس كل طرف فيها ما يحلو له من دون رقيب، إنه بالفعل زمن أمرا الحرب، هذه المدينة لا تستحق ذلك أبدا".