النسخة الكاملة

روسيا وضم الأراضي الاوكرانية: ما هي أبرز التداعيات؟

الخميس-2022-09-30 07:08 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - حسن محمود جابر* 
    أقيم في موسكو اليوم الجمعة 30-9-2022 مراسم انضمام أربعة أقاليم أوكرانية رسمياً للإتحاد الروسي، وهي: (لوغانسك، ودونيتسك) شرقي اوكرانيا، و (زاباروجيا، وخيرسون) في الجنوب. 
     وتمثل هذه الأقاليم الأربعة ما نسبته (15%) من مساحة اوكرانيا، وتحتل مقاطعتي (زاباروجيا، وخيرسون) على وجه الخصوص موقعاً جيوسياسياً بالغ الأهمية في جنوب اوكرانيا، كما تعتبر هذه المقاطعات مركز الثقل الصناعي والإقتصادي لأوكرانيا، بالإضافة لمحطة الطاقة النووية في (زاباروجيا) والتي تعتبر الأكبر في اوروبا. 
     انطلاقاً من أهمية هذه الأقاليم، سَعت روسيا منذ بداية "العملية العسكرية الخاصة" إلى تثبيت قواتها في شرق وجنوب اوكرانيا، وتغيير الوقائع الجيوسياسية بحكم الأمر الواقع (de-facto)، ومن ثم نظمت استفتاءًا لسكان هذه الأقاليم حول انضمامهم لروسيا وانفصالهم عن اوكرانيا، وهو ما يعتبره الغرب (استفتاءًا شكلياً وتحت تهديد السلاح)، وأياً تكن مشروعية هذا الضم، فإن تثبيت هذ الوضع الجديد في هذه الأقاليم يترتب عليه عدة تداعيات مهمة قد تُغير في مسار الأحداث القائمة، من أبرز هذه التداعيات:
1- استثناء هذه الأقاليم من أي مفاوضات مستقبلية بين روسيا واوكرانيا، على اعتبار أنها أصبحت روسية (برغبة سكانها وإلى الأبد) على حد تعبير الرئيس الروسي.
2- فتح الباب لضم المزيد من الأراضي، حيث أن هذه السياسة تعتبر البديل المفضل لروسيا، وقد اثبتت نجاحها على أرض الواقع منذ ضم شبه جزيرة القرم في 2014.
3- تضييق النوافذ البحرية الاوكرانية في سبيل جعلها دولة حبيسة، وهو ما يترتب عليه خَفض قيمة اوكرانيا الجيوسياسية في أعين الغرب، ومن ثم التخلي عن فكرة الإنضمام لحلف الناتو، على اعتبار أن تكلفة اوكرانيا ستصبح على الغرب أكبر من مكاسبها.
4- تعزيز مكانة شبه جزير القرم والخطوط اللوجستية الممتدة إليها، حيث أن مقاطعة (خيرسون) تقع على الحدود الشمالية المحاذية للقرم، ومن ثم قد يتم إنشاء خطوط نقل برية لوجستية مباشرة مع القرم عوضاً عن خطوط الجسور.
5- تعزيز العقيدة العسكرية للقوات الروسية الموجودة في أوكرانيا، حيث ستتغير هذه العقيدة من التواجد في أراضٍ أجنبية إلى الدفاع عن أرض روسيا، لا سيما بعد إعلان التعبئة الجزئية لقوات الإحتياط الروسية.
6- استنهاض الحِس القومي للأقليات مجدداً، حيث أن روسيا تحاول أن تُثبت لهذه الأقليات الإنفصالية أنها لن تتخلى عن انضمامهم للإتحاد الروسي بأي ثمن، وهو ما قد يمتد ليصل إلى الإقليم الإنفصالي (ترانسنيستريا) شرقي مولدوفا، خاصةً إذا ما ضمت روسيا تتمة الشريط الجنوبي المتبقي من أوكرانيا وتحديداً مقاطعتي (ميكولايف، وأوديسيا). 
يوماً بعد يوم، يزداد تعقيد المشهد في اوكرانيا، وتمتد تداعيات هذه الأحداث على دول العالم بأسره، ككرة الثلج التي تتعاظم كلما تدحرجت، وقد لا يمكن إيقافها أو التنبؤ بمسارها.  

* باحث في العلاقات الدولية وفض النزاعات