جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم: الدكتورة جمانة مفيد السّالم - جامعة الشرق الأوسط
أُسدلَ السّتار قبل أيام على أعمال المؤتمر الدولي الأول لكلية الإعلام في جامعة الشرق الأوسط، الموسوم: (الإعلام بين المخرجات التعليميّة الجامعيّة ومتطلبات سوق العمل)، لكنّ السّتار ما زال مفتوحًا وسيبقى كذلك على توصيات هذا المؤتمر، وعلى نتائج بحوثه العلميّة التي ستتولى متابعتها كلية الإعلام في الجامعة نفسها، وذلك بحسب البيان الختامي له، وبناء على طلب المشاركين فيه من الأردن، ومن الدول العربية الشقيقة، وهو الأمر الذي استوقفني ودفعني إلى كتابة هذه المقالة؛ فأنا ممّن يشغلهم مصير توصيات المؤتمرات العلميّة، ويخيّل إلي في أحايين كثيرة أن معظمها يظلّ حبرًا على الورق؛ فلا يرى النورَ منها إلا ما حظي بالأمناء المخلِصين، الذين تتجاوز همّتهم مجرّد المشاركة في لجنة تنظيمية لمؤتمر، أو تقديم ورقة بحثية فيه، أو حضور جلساته العلمية التي قد تجمعهم بأصدقاء باعدت بينهم المسافات فقرّبها المؤتمر، أو تتيح لهم اللقاء بزملاء مهن أو تخصصات، تجمعهم همومها، وتوحّدهم المشكلات التي تواجهها.
إناطة أمر متابعة توصيات المؤتمر المذكور بكلية الإعلام في جامعة الشرق الأوسط لم تأتِ من فراغ؛ فهي الكلية التي تُبدي دائمًا وبشفافية واضحة اهتمامًا لافتًا بفكرة المؤتمر، متمثّلة في الفجوة الكبيرة بين المخرجات التعليمية ومتطلبات سوق العمل، وبناءً على ذلك دعت إليه، وأحسنت تنظيمه وإدارته، بدعم مشهود من إدارة الجامعة التي لم تألُ جهدًا في توفير متطلبات إنجاحه كافة؛ استكمالًا لمنجز كبير سابق، تمثّل في عقد الجامعة مؤخّرًا لقاء حواريًّا مفتوحًا مع أصحاب العمل، بهدف تحديد احتياجات السوق، وضبط المخرجات التعليمية في اتجاهها، وخلال ذلك اللقاء أطلقت الجامعة إستراتيجيّة التعليم والتعلم فيها للأعوام 2022- 2023، في إطار سعيها الحثيث لتوحيد الجهود في سبيل تحقيق ذلك الهدف السامي، ثم وفي السياق ذاته عُقد مؤتمر كلية الإعلام، وتوقّع حاضرو حفل افتتاحه المهيب، والمشاركون فيه، ومتابعو أعماله وجلساته العلمية، أن يخرج بتوصيات مهمّة، تسهم في ردم الهوّة بين المخرجات التعليمية الإعلامية، وسوق العمل الإعلامي.
وقد جذب سعادة الدكتور يعقوب ناصر الدين رئيس مجلس أمناء الجامعة الأنظار نحو تخصص الإعلام بمجالاته المختلفة، حين قال في سياق كلمته خلال حفل افتتاح المؤتمر:" سيكون الإعلام رافعة لأي دولة، وهو الجيش الذي بيده قلم، وله لسان، وهو رديف لجيش أي دولة مهما كانت في العالم، إذا استخدم بشكل صحيح، وبمحتوى سليم، وبأداء ممنهج مدروس"؛ إذ استطاع بهذا الوصف الدقيق للإعلام أن يضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بالأمور الواجب توخّيها عند إعداد خطط برامج كليات الإعلام، وتوصيف مساقاتها، وتحديد مخرجاتها التعليمية، وصولا إلى تحقيق متطلبات سوق العمل، وهي الأمور التي ناقشتها الأوراق البحثية التي قدمت في المؤتمر، خروجًا بالتوصيات المهمة التي ستؤتي أكلَها بإذن الله تعالى؛ لأنها ستحظى بمتابعة حثيثة من كلية الإعلام في جامعة الشرق الأوسط.
واللافت بشأن تلك التوصيات أنها لم تُغفل نتائج أو توصيات أي ورقة بحثية قُدّمت للمؤتمر؛ لأن القائمين عليه في لجانه كافة كانوا في الأساس قد اختاروا تلك الأوراق بعناية، مؤمّلين أن يبنوا على نتائجها وتوصياتها توصيات عامة مهمة، تسهم في تحقيق هدفه المرسوم ضمنًا في عنوانه. وأكاد أجزم - لأنني حظيت بمتابعة المؤتمر عن كثب - أنّ توصياته راعت توزيع الأدوار على الجهات المعنية بتطوير العمل الإعلامي في مجالاته المختلفة؛ لغايات تنفيذها بمهنية وبنزاهة، مع إيلاء الإعلام الرقمي اهتمامًا خاصًّا؛ لأنه إعلام هذا العصر.
وقد ركزت تلك التوصيات على دور كليات الإعلام في الجامعات بعامة، في تأسيس قاعدة متينة لمخرجات تعليمية قوية تلبي احتياجات سوق العمل، وأوكلت إليها الاستمرار في تطوير خطط برامجها كافة، واستحداث مساقات تعليمية تغذي فكرة الإعلام الحرّ، وتبنِي قواعده وأصوله، وتخصيص مواد درسية مهارية تطور لغة الإعلاميين العربية، والإنجليزية، وكذلك لغة الإشارة التي تتيح لهم التواصل مع ذوي الإعاقة، وتطوير أساليب التدريس فيها بما يتيح المجال للإفادة من خبرات المهنيين الممارسين للعمل الإعلامي في العملية التدريسية، مشاركين كوادر أكاديمية تتمتع بالكفاءة.
وحُمّلت تلك الكليات من جهة أخرى مسؤولية التعاون مع الجهات الحكومية، والمؤسسات الإعلامية، والنقابات، وجمعيات الصحفيّين، لتكون الشريكة والداعمة في مجالات عديدة، تشمل: تشريع القوانين الناظمة للعمل الإعلامي الحرّ المسؤول، وتعزيز المهارات الإعلامية المختلفة، وتنمية القدرات المهنية، وخوض التدريب الحقيقي في الميدان، بإشراف مختصّين متمرّسين في العمل الإعلامي، يفتحون أمام الطلبة آفاقًا جديدة في الريادة، والإبداع، والابتكار.
وبعد، فإن المطلع على توصيات المؤتمر بعامة، يرقب بشغف نتائج تقييم شامل من كليات الإعلام والمؤسسات الإعلامية لواقع سوق العمل الإعلامي ومخرجات تلك الكليات، وينتظر مدونة سلوك تنظم العمل الحر في المجال الإعلامي، ويترقب إنشاء مراكز بحثية ومعلوماتية جديدة في الجامعات، ترفد الباحثين بالمعلومات الموجِّهة للبحث العلمي، وللمشاريع الريادية الملبية لاحتياجات المجتمع.
وبين متابعة تنفيذ إحدى توصيات المؤتمر، والتمهيد لتحقيق أخرى، وفتح الطريق أمام تحقّق توصية ثالثة؛ يأتي دور كلية الإعلام في جامعة الشرق الأوسط، لتكون الحارسة على تلك التوصيات، والأمينة على أحلام المشاركين في المؤتمر، وغيرهم ممّن بدأوا يستعدون للمشاركة في المؤتمر الثاني للكلية؛ وهم يعقدون الأمل على توصيات هذا المؤتمر للنهوض بقطاع الإعلام الحيوي المهم في بلدنا الأردن، وفي البلدان العربية الشقيقة كافة، وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى حصولي على معلومات أكيدة من الدكتورة حنان الشيخ عميدة الكلية، عن تشكيل لجنة طارئة لمتابعة تنفيذ توصيات المؤتمر، وعن وضع خطط عديدة في هذا الإطار، ستفضي إلى ندوات، ولقاءات، واتصالات، ومراسلات، وشراكات، وتوجيه لرسائل طلبة الماجستير، وصولا إلى تنفيذ كل توصية من توصيات المؤتمر. وخاتمة القول تحمل دعوة لعقد مؤتمرات تخصصيّة في المجالات كافة لبحث سبل المواءمة بين مخرجاتها التعليمية الجامعية، ومتطلبات سوق العمل، شريطة متابعة توصياتها وصولا إلى تحقيق أهدافها.