النسخة الكاملة

فزعة النشامى

الخميس-2022-08-29 12:39 pm
جفرا نيوز -

جفرا نيوز - بقلم : علاء عواد

رسالة استنجاد من فتاة أردنية لإنقاذ دخل والدها الوحيد كانت أول ما رأيته صباح اليوم على مواقع التواصل الإجتماعي كالنار في الهشيم إنتشرت هذه الرسالة لم يبقى شخص أو موقع أو صفحة على تلك المواقع إلا ونشرت هذه الرسالة ..
(والله بكتب ودموعي على خدي، اليوم حكيت مع بابا وكان صوته كتير تعبان واخر اشي صار يبكي، امانه ساعدوني بطلب صغير).
بمجرد أن تقرأ تلك الكلمات تشعر بغصة تلك العائلة أنت لم تكمل الرسالة بعد لكنك بكل تأكيد تعلم ماذا يعني استنجاد فتاة لمساعدة والدها ,فتاة ليست من دير غبار ولا من عبدون إنها من سحاب إنها من مدينة أردنية صناعية وتعد من المدن الصناعية الإنتاجية والتي يتم فيها إنتاج الأدوية والمواد الغذائية وغيرها من الصناعات ، لكنها أيضا أوجدت تلك العائلة وأجزم أنها ليست الوحيدة التي تكابد في هذه الحياة العصبية لتأمين أدنى متطلباتها.
سحاب ولدت فتاة أصرت أن تكون سند والدها أصرت أن تكون ذلك السور, السور الذي كلما إرتفع كلما صد العواصف والرياح ,تلك الفتاة قلبت المعادلة وأعيد التأكيد على أنها ليست الوحيدة التي وقفت إلى جانب والدها وأهلها فأمثالها كثر من بنات هذا الوطن .. "فإنهن المؤنسات الغاليات"
لكن ما المميز في هذه القصة ؟
ما أدهشني وأثلج صدري في هذه القصة ليست تلك الفتاة ولا ذلك الأب الذي قام بتلك التربية الصالحة لإن أمثالهم كثر ما أدهشني وجعلني أفكر مليا ما رأيته على مواقع التواصل الاجتماعي من فزعة تجعلك تفخر بإنتماءك لهذا الشعب العظيم, كنا بحاجة لتلك الرسالة من تلك الفتاة لأبيها لنسترد طاقتنا وإيجابيتنا وفزعتنا وشهامتنا التي تربينا عليها في كل وقت وحين وفي كل جلسة وحوار تجدنا نسهب بالحديث على سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي وكمية الإنفتاح والتواصل ,وأننا نعاني من عدم الخصوصية بالإضافة إلى إزدياد معدلات الطلاق والإنتحار والموت والمشاكل, لا بل كانت نظرتنا سودواية بكل المقاييس حتى إنني أجزم بأن الكثير منا يتمنى أن يبتعد عن تلك المواقع ليرتاح نفسياً إلا أننا لا نستطيع أن نتخلص من ذلك الإدمان والخروج من العالم الافتراضي.
أيتها النشمية لم تكوني أنتِ بحاجة الينا بكل صدق بل نحن من اكتشفنا أننا من كنا بحاجة إليكِ بحاجة لأن تُخرجي منا تلك الإيجابية تلك الحرارة المعروف بها شعبنا الكريم كنا بحاجة إليكِ لتجعلينا نعيد أنفسنا لنا إنسانيتنا لنا بعد أن كانت تلك المواقع مجرد نشر للتفاهة والانتقاد والتدخل بخصوصية الأخرين ولا أعمم لكننا نتحدث بواقعية, صحيح أن النشامى فزعوا لكِ لكننا نحن من احتجنا لتلك الفزعة لا أبالغ بل أقول ما أشعر به الآن لا ننتظر أن تقولي شكرا بل نحن من يجب ان نقول لكِ شكراً شكراً لأنكِ أعدتي لنا شعورنا بالأخوة والتعاضد والتكافل في وقت كنا نحتاج فيه بعد إنشغالنا في معترك الحياة وإنشغالنا في السعي لا بل في الركض وراء لقمة العيش نحتاج لذلك الشعور الجميل من العطاء وأجمل رسالة فيما حدث أننا أثبتنا كمجتمع أننا لم نتغير فأصول الجدود والأسلاف باقية فينا ماحيينا لطف الله لا يتأخر وإنما يأتِ بوقته المناسب.

قال رسول الله ﷺ " الخير في أمتي إلي يوم الدين ".