جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب- موسى العجارمة
بعد أن ورد إلى مسامعنا حادثة مقتل الشاب الأردني سهل الخطاب، الذي حالفه الحظ بالنجاح في الثانوية العامة ولم يرافقه القدر برسم الابتسامة على وجهِ من يحب؛ لأن الرصاصة المزعومة بالفرحة نهشت جسده وجلبت السعادة من ذويه، دون أي سبب في ساعات الفجر التي كان ينتظرها بفارغ الصبر، من أجل استخراج نتيجته التي قضت من وقته أشهر وأيام، وليالٍ تحوم حولها أمنيات، تكاد تكون اليوم نقمة أمام عقارب الساعة لكي تعود إلى الخلف وتحافظ على فرحة عائلة استبدلت الحلوى بالتمر والقهوة الحلوة بالسادة.
الزغاريد تحولت إلى هجسٍ وألمٍ وويلات، بسبب عادات مقيتة تدعي الفرح وتنشر الهلع والفزع دون أية مبررات، فبأي ذنبٍ قُتل سهل وبأي مسوغٍ وشرعيةٍ تعدينا على حق ذويه بالتعبير عن مشاعرهم المنتظرة تجاه هذا النجاح الذي يقدر بالكثير، طالما الرصاص الطائش حوّلَ أفراحنا إلى أتراح، ومزق ذكرياتنا، ورسم الألم في لحظات الفرح، ما المبرر والغاية منه؟ وكيف لنا أن نسرق سعادة الآخرين ونسلب حق شاب لا يريد إلا معرفة نتيجته بعد جهد كبير قضاه خلال عام متكامل من التحضير.
البيان الذي أصدرته مديرية الأمن العام يوم أمس على لسان ناطقها الإعلامي العقيد عامر السرطاوي ما هو إلا رسالة للقاصي والداني عنوانها بالخط العريض: "لا تقتل الآخرين بفرحتك، والجميع سواسية، وكوادر الأمن قادرة على تحقيق العدالة بثوانٍ ودقائقٍ وساعاتٍ معدودة رغماً عن قلة الأدلة والمصادر".
حوادث أليمة متتالية شهدها الأردن خلال الأيام الماضية، إلا أن نبأ القبض على قاتل سهل كان بمثابة علامة فخر واعتزاز بمنظومتنا الأمنية التي لا تقف مكتوفة الأيدي أمام أي حادثة كانت، بغض النظر عن قلة البراهين التي يتم حصدها وحصرها في مسرح الجريمة، وحادثة هذا الطالب خير دليل.
ومن قرأ البيان الأمني يوم أمس سيجد أن هناك الكثير من الرسائل السامية التي تتسلح بها منظومتنا الأمنية، لتأكيدها التام بأن مطلقي النار لم يعد بوسعهم ارتكاب الجرائم والإفلات من عقوبتها، ويد العدالة ستطال كل من يصر على ممارسة هذه الظاهرة المقيتة، لأنه رغم قلة الأدلة، واعتقاد البعض بصعوبة الوصول للقاتل، إلا أن فرق التحقيق واصلت عملها بثقة، وتمكنت من تحديد هويته، وضبط السلاح الناري المستخدم.
وبصرامة وبالضرب بيد من حديد تحدثت مديرية الأمن العام بلسانٍ شافٍ وحادٍ بأن الآوان قد آن لنسمي الأمور بمسمياتها؛ فمطلق النار هو قاتل أصر على ارتكاب جريمته بإطلاق العيارات النارية رغم علمه بخطورتها، وبغرابة شديدة بكيفية التسبب بالألم في إنهاء حياة طالب ثانوية عامة فرحاً بنجاح طالب آخر، وهذا بحد ذاته يعد النقطة التي قسمت ظهر هذه البدعة الرجعية التي لم يعد بوسعنا تحملها؛ لكونها تشبه الانتحار والذهاب إلى جحيم الهاوية.
ومن هنا نقول إلى الراحل الذي لم يحالفه الحظ بنيل أبسط حقوقه: "ليس من السهل يا سهل وأد فرحتك وقتل ابتسامتك وتتحول مراسم حفل نجاحك إلى بيت عزاءٍ مظلم يحاكي واقعاً أليماً دفعت ثمنه بين ليلة وضحاها. ارقد بسلام فلا يضيع حقك بإذن الله، واسمح لي أن أقول لك: مبارك نجاحك بالثانوية العامة، لأنني على يقين تام بأن هذه الجملة كنت تنتظرها منذ أن تسلمت طلب الالتحاق بالتوجيهي!".