جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم الإعلامي العميد المتقاعد هاشم المجالي .
في إحدى المناسبات الإجتماعية استوقفني أحد الأشخاص الذي يدعي بأنه معارضا وطنيا و يرأس تيارا معارضا ، وقال لي : اريدك ان تبتعد عن التسحيج والنفاق ، فقلت له : وهل تريدني أن أكون شتاما رداحا وقاذفا للمحصنات مثل فلان الذي انت معجبا به ، فأنا اعارض نهجا و سياسات وأعْظِمَ الإيجابيات وانتقد السلبيات ، كما أن عندي خطوط وطنية حمراء لا أسمح لنفسي أو لغيري بتجاوزها ، هذه الخطوط التي قد تؤدي إلى إثارة الفتن وخلق الفوضى في الوطن ، فغضب مني وغضبت منه على كلامه .
ولأنني أعلم عن هذه الشخصية الكثير من المعلومات والقضايا الإفسادية التي جرت في عهده إبان أن كان يحمل حقيبة وزارية والتي لم يستطيع منعها أو إيقافها ولكنه الأن بعد أن ترك الكرسي صار يتغنى فقط بالإعلان عنها وإعلان معارضته لها ولكنه لم يمنعها أو يوقفها .
كما أنني أعلم ولا بل إنني متأكدا بأن الغاية من معارضته هو وغيره من بعض الشخصيات فقط العودة للكرسي الذي يتوسط الطاولة ، ويريد أن يحصل على حق التوريث السياسي في المنصب إسوة بقرناءه من نفس الطبقة .
كما استوقفني هو فإن هناك بعضا من الناس يسألونني عن رأيي في فلان وعلان الذي يخرجون على السوشيال ميديا بلايفات و بوستات أو مقالات ، ويُظهرون لي بأنهم من أشد المعجبين بهؤلاء أبطال السوشال ميديا الذين يقولون قصصا من نسج خيالاتهم ويخترعون معلومات كاذبة ومضللة، أو حوادث لا تمت إلى الواقع بصلة، وكل ذلك من خلال السب والشتم وقذف المحصنات، وكلما هاجموا شخصيات عامة أو حكومية زادت نسبة المشاهدات لهم وزادت أيضأ عبارات التشجيع لما يلفظون من أسوأ القول ، وكأنهم يعتقدون بأن السب والشتم وإطلاق الاتهامات هي الرجولة بعينها ، أو هي المعارضة الوطنية المنشودة في محاربة الفساد والمفسدين .
إن اسهل شيء يمكن عمله هو أن تسب وتشتم حتى أن الأطفال الصغار قادرين على فعل ذلك ، ويا للأسف حتى أن هذه العادة شائعة في تربيتنا الأسرية للأطفال حيث أننا نربت على كتوفهم ونظهر لهم علامات الإعجاب اذا ما سمعناهم يسبون ويشتمون، كما أن المعاقين عقليا في بعض الأحيان تنجذب الآذان لسماع مسباتهم وشتائمهم وتظهر لهم علامات الإعجاب من العاقلين فور سماعهم ينتهجون هذا النهج والسلوك .
إن المجتمعات الراقية والمتحضرة تعتبر لغة السبً والشَتِم لغة تستخدمها العصابات والمافيات أو المساجين في السجون أو الذين يعيشون في الشوارع ، بينما هي مرفوضة نهائيا في الأوساط الراقية المتعلمة والمثقفة، وليس لها حضور أو مكانة في مجتمعاتهم ، فبمجرد ما سمعتها على برنامج أو في حوار فإنهم يرفضونها ويعاقبون من ينتهجها من خلال عدم اشراكه مستقبلا بأي نشاط علمي ثقافي وإجتماعي، لا بل أنهم يتعرضون لعقوبات اجتماعية وقانونية تردعهم وتردع غيرهم من إتباع هذا الأسلوب الواطي . وللأسف هذا على عكس ما يحدث في مجتمعاتنا العربية التي ترغب بسماع هذه النوتات وتطرب عليها وتتداولها أكثر من النصوص القرآنية أو الأحاديث النبوية .
ولنتعمق قليلا في مشاهير السوشال ميديا في مجتمعنا الأردني والذين يطلقون على أنفسهم بالرجال الشجعان أو المعارضين الوطنيين الجريئين والذين يحصدون نسبة مشاهدات عالية ومتابعات متداولة ، فما هي ثقافاتهم؟ وماهي وظائفهم السابقة وخبراتهم العملية ؟ وما هي مكانتهم الإجتماعية في المجتمع ؟ أنتم كما انا نعرف حقيقتهم ، فهم لا يقدرون على كتابة موضوع إنشائي أو تعبيري في سطرين ، وهم لم ينجحون في المراحل الإعدادية إن لم تكن الابتدائية ، ويقومون بطرح فكرا او برنامجا مسروقا أو مُسَرّبا إليهم من بعض المتابعين الحاقدين على الوطن والقيادة ، فمن شخص شاذ جنسيا وشكليا وعقليا إلى شخص أخر كل حياته وعيشته وخبراته مع العاهرات في الملاهي الليلة إلى شخص أخر مدمن على المخدرات و يتلعثم في قول إسمه ، إلى شخص مطلوب أمنيا على جرائم مالية، فكلهم يشتركون بنهج إطلاق المسبات والشتائم ليحققون عوائد مالية من أكبر عدد ممكن من المشاهدات في اللايفات اليوتيوبية و الفيسبوكية .
والله أن زماننا صار هو زمان الصمت للمتعلمين و المثقفين وبروز للرويبضة والمعاقين السبابين الشتامين الذي يدّعون بأنهم معارضة وطنية ويصلون إلى مرحلة أنهم يريدون أن يشكلون حكومات إنقاذ وطنية .
وأخيرا أتمنى على كل شخص وطني يتابع هؤلاء السبابين والرداحين أن يبحث في سيرتهم الثقافية والاجتماعية وحتى المرضية قبل أن يضمهم إلى أصدقاء صفحته أو جدول متابعاته الإعجابية .