جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم حمادة فراعنة
سجل الشعب العربي الفلسطيني أنه أكثر شعوب الأرض قاطبة تأثراً من نتائج المذابح النازية الفاشية الأوروبية ضد اليهود و تضررا منها، لعدة أسباب جوهرية:
أولاً لأننا كعرب ومسلمين ومسيحيين، لا نقبل المساس بالإنسان، ولا نرضى السلوك أو الاجراء التعسفي به ومعه لأي سبب كان، قيمنا وثقافتنا لا تسمح لنا قبول العقوبات الجماعية ضد البشر، والتعامل معهم بازدراء، أو كره، أو عداء، على خلفية الدين، أو القومية، أو المذهب، أو لمواقفهم وقناعاتهم.
ثانياً لأن اليهود واليهودية، جزء من شعبنا وأمتنا العربية، فالديانة اليهودية، إحدى الديانات السماوية، المكملة للمسيحية والإسلام، حتى ولو اختلف الاجتهاد والتنوع فيما بينهم، فالفرق بين اليهود واليهودية من طرف والحركة الصهيونية من طرف آخر، كاختلاف الإسلام والمسلمين عن تنظيمي القاعدة ودادعش.
نحن نعمل ضد الصهيونية كحركة سياسية ورثت الاستعمار الأوروبي الإحلالي الاحتلالي التقليدي، وأقامت مشروعها على أرض فلسطين، على حساب الشعب الفلسطيني، واضطهاده وتشريده، ومثلما لا نقبل المس بالآخر من قبل تنظيمي داعش والقاعدة، وضد التوجهات المتطرفة التي تسعى لاجتثاث الآخر والمس به، نعمل ضد المشروع الاستعماري التوسعي الصهيوني الإسرائيلي اليهودي على أرض فلسطين العربية الإسلامية المسيحية.
ثالثاً لقد دفع الفلسطينيون ثمناً باهظاً بسبب الهولوكوست، حيث استغلت الصهيونية وبلدان أوروبا الاستعمارية مذابح النازية ضد اليهود، فعملت على تهجيرهم وتوطينهم في فلسطين، وإقامة دولة يهودية لهم على أرض الشعب الفلسطيني، وعلى حساب حقوقه الوطنية، وتدمير بنيته كشعب ومؤسسات، بدعم وإسناد أوروبي وخاصة: 1- من قبل بريطانيا بقراراتها وتسهيلاتها، 2- من قبل فرنسا بتسليحها التقليدي والنووي، 3- من قبل ألمانيا بتعويضاتها المالية، لصالح المستعمرة الإسرائيلية على أرض فلسطين، وبقاء تفوقها بقرار ودعم أميركي.
رابعاً وهذا هو الأهم، أن الفلسطينيين دفعوا ثمن مذابح الأوروبيين لليهود، فتم استعمار فلسطين، وطرد نصف شعبها خارج وطنهم، وتعريضهم للتشرد والنفي، وارتكاب المذابح بحقهم، فقد قارفت المنظمات الصهيونية اليهودية عشرات المذابح الجماعية بحق الفلسطينيين، وكأنها تنتقم منهم، وكأن الفلسطينيين هم الذين ارتكبوا الجرائم والآثام بحق اليهود في أوروبا.
لهذه الأسباب، نتعاطف مع مأساة اليهود في أوروبا، ونرفض كعرب ومسلمين ومسيحيين مع الفلسطينيين، تلك الجرائم النازية الفاشية ضد اليهود، مثلما نرفض وندين، في نفس الوقت، وبنفس القوة، مذابح المستعمرة الإسرائيلية وجرائمها اليومية بحق الشعب الفلسطيني، من قتل وتدمير وإضطهاد ومحاصرة وتجويع، وكما فعل المجتمع الدولي المتحضر بمطاردة النازيين ومحاكمتهم على ما فعلوه بحق اليهود والشعوب الأوروبية، على قادة مؤسسات المجتمع الدولية وحقوق الإنسان، وأصحاب الضمائر الحية العمل على:
أولاً إنصاف الشعب الفلسطيني باستعادة حقوقه على أرض وطنه وعودة اللاجئين منهم إلى بيوتهم وأملاكهم.
ثانياً محاكمة المجرمين الإسرائيليين وفق القيم العادلة وحقوق الإنسان، وعدم تهربهم من العقاب العادل المنصف.
ما قاله الرئيس الفلسطيني، وما عبر عنه، وما عناه، لهو صُلب الحقيقة المرة التي تحتاج للاستجابة من قبل الشعب الألماني والشعوب الاوروبية، بواقعية وإنصاف بعيداً عن الإنحياز السياسي المسبق.
خلاص أوروبا من عقدة المسألة اليهودية، والإحساس بالذنب نحو الهولوكوست، لا تكون إلا بإنصاف الشعب الفلسطيني والاعتراف بالنكبة التي ألمت به بسبب إنحياز أوروبا لمشروع المستعمرة، والعمل على ردع قادتها عن مواصلة استغلالهم، واستعمارهم لفلسطين.