جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب رامي الخياط
حالة ال (كان) و ال (كنّا) و هذا التاريخ الذي يسكن فينا و يعيش معنا أصبح مرضاً...
حتى في العالم الافتراضي الذي صار عالما مرادفاً لعالمنا الواقعي بل انه صار لبعض الناس عالما وحيدا يعيشونه بعد ان صارت وسائط التواصل الاجتماعي جريدة مجانية توزع في العالم ، فقد غدا معظم ما يوضع على صفحاتنا هو عن تاريخ مضى و ماضٍ انقضى !!!
فبعضنا ما زال يوقظ عليٌ و معاوية من قبريهما و يدخل في نقاشات بائسة محزنة فهذا شيعيٌ و ذاك سنيّ !!!
و كثيرون ما زالوا يستحضرون ارواح زعماء رحلوا كعبدالناصر او السادات او الملك فاروق او نور الدين السعيد و غيرهم و غيرهم من قادةٍ و زعماء رحلوا... ورما زالوا ينبشون ترابهم و يشبعونهم سباً و قدحاً او مدحاً و تكريما...
ما زالوا يفتحوا كتب القصص و الروايات و المعارك التي صار جنودها تراباً و يدخلوا في خزعبلات التاريخ و فلسفة الامور (ليشطحوا) فينا و يتناظروا في سفاسف الامور أو في أحقية ذاك او هؤلاء او تخوين تلك الفئة او غيرها في عهود ولّت منذ آلاف السنين..
يا أصدقائي ... يا احبابي.. لا بأس في احياء ذكرى هنا او هناك، لا بأس في ان نعرّج بين الفينة و الاخرى على شخصية تاريخية سياسية او دينية افتقدناها او تذكرناها فهدا سيكون و فاءً و نبلاً..
لكن ان نعيش و نستوطن في الامس، و قبل الامس ، و قبل قبل التاريخ، نختلف في التوافه، و نطفوا على سطح السطحية .. نختلف حد الشتم و السب و القطيعة بسبب شخصٍ او حادثةٍ حصلت منذ عشرات بل مئات و آلاف السنين ..!!!! فهذا و الله دليلٌ على التخلف و السخف و الفراغ..
نحن نستحضر الماضي دائماً لأننا ضيعنا الحاضر و يئسنا من المستقبل.. فخسرنا حاضرنا و ضيعنا مستقبلنا ..
عيشوا ليومكم... و عيشوا لِغَدكم...
ما زلنا نحفر في القاع... و كل الامم سبقتنا...، الجميع صاروا يعيشون في الغد، و نحن ما زلنا نتجادل هل فلان خائن او وطني، و من المسئول عن هزيمة ال ٦٧، و هل صحيح البخاري بعضه مدسوس ، و ما العمر الذي تزوجت به السيدة عائشة رسول الله، و هل يجوز المسح على القدم عند الوضوء ام غسل كل القدم ...!!!!!!!!!
يا عمي بكفي... بلادنا ضاعت، و ارضنا تقسمت، و شعوبنا تشتتت ، و الأمم الاخرى سبقتنا آلاف السنين علماً و حضارةً و رقياً.... و نحن ما زلنا نؤكد في كل يوم ان ضحالتنا عميقة، و اننا نعيش في الامس …. بل اننا نعيش الآن عصر الجاهلية الحقيقية ...!!!!!!
يكفي …