جفرا نيوز - خليف الزيود* - أُطلقت رُؤية التحديثُ الإقتصادية في حُزيران من عام ٢٠٢٢م، لعشَرة سنواتٍ قادمة، برعاية جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه.
والتي تهدف لتحقيق حزمة من المقاصد، أهمُها خلق مايُقارب مليون فرصةَ عملٍ جديدة للأردنيين خلال العقد المُقبل.
ولمّا للإستثمارِ من أهميةٍ بالغة في التنميَة الإقتِصادية باعتباره حجرَ الأساس في الإقتصاد، فلا بُد من تَنظيم وتحسين البيئةِ الإستثمارية لجذب المزيد من الإستثمارات الأجنبية وتعزيز الإستثمارات المحلية،
وهذا لن يتم دون تشريع عصري يُلبّي الطُموح.
لذَلك قامَت الحكومة بِعرض مسودةَ مشروع قانون يُنَظِمُ البيئة الإستثمارية على مجلس النواب، والذي لهُ الحق في قَبول المشروع أو رفضه أو تعديله عملاً بأحكام المادةِ 91 من الدستور الأردني، ووفقَ أحكام المادة 69 من النظام الداخلي لمجلس النواب.
ولدَى استعراض مشروع القانون، يتبيّنُ أنّ المشروع
لم يأتِ واضحًا ومباشرًا فيما يتعلَق بأهمِ عوامِل جَذب الإستثمار كالحوافز والمزايا؛ بل أحال تنظيم البيئة الإستثمارية إلى حُزمة من الأنظِمة التنفيذية، ومنها نظامُ استخدام غير الأردنيين، ونظام تَخفيض ضريبة الدخل ونظام شروط وإجراءات الحصول على الموافقة الواحدة وغيرَها.
لذَلك يتّصف المشروع بالتَشتُتِ التشريعي، فلا يُحقق الأمان للمستثمر؛ بل يُربِكهُ فيبحثُ عندئِذ عن بلدٍ آخر للإستثمار، فلِذلك كانَ مِن الأَولى أن تَكون النُصوص الناظمةُ للعمليةِ الإستثمارية واضحةً ومباشرة، دون تعدُد للمرجعيات وتشعُبها.
ومن المآخذ على مشروع القانون أنه قد رَبط منح الحوافِز والإعفاءات بيد لجنة الحوافز التي تتألف من وزير المالية و وزير التخطيط والتعاون الدولي و وزيرُ الصناعةِ والتجارة والتموين، في الوقت الذي يُفترضُ أن تكونَ فيه الحوافز الإستثمارية واضِحة في نُصوص القانون، ولا سيما أنَّ هذا الرَبط قَد لا يُطمئِنُ المستثمرين، فضلاً عن أنهُ يُعتبر زيادةً في الإجراءات البيروقراطية ولا يَخدمُ فكرة تسيير عجلة الإستثمار وتبسيط الإجراءات المتعلقة بذلك.
لذَلك يجبُ رَبط هذه الحوافز بعدد سنوات مُحدد أو اعتمادها على أساس الموقع الجغرافي أو حسب القطاع الذي يُراد الاستثمار فيه.
كما وأطلق المشروع صفة المُستثمر الكبير على أصحاب رؤوس الأموال، من خِلال حَصر هذهِ الصفة في من يستثمرُ بعشَرة ملايين فأكثر، وبعبارة أُخرى قد حدد صفة المُستثمر الكبير على أساس القيمة فقط، مُستَبعِداً الغاية الأسمى مِنَ الرؤية الإقتصادية وهِي التَخفيف من مُعدلات البطالة إلى جانب نُمو وتطَور الإستثمار في المحافظات.
فلمّا كانت الغاية الأساسية من مشروع القانون أن يخدم الأردن استثمارياً، فيتوجب على المُشَرع تعديل المشروع وسحب صفة المستثمر على من يستثمر بمنطقة أقل نمواً ولو كان الإستثمار بأقل من عشَرة ملايين، إذ أن الإستثمار في المناطق الأقل نمواً وبأقل من عشَرة ملايين سيكون له تأثير أكبر فيما لو تمت مقارنَته مع الإستثمار في منطقة تعتبر من المناطق الأكثر نمواً.
علاوةً على ذلك منح المشروع للمستثمر الكبير الحق في طلب عدم تطبيق أيُّ حكم تشريعي أو تنظيمي جديد يؤثر سلباً عليه خلال ستة سنوات من تاريخ تأهيله كمستثمراً كبيراً.
وهذا الحق إيجابيّ ويُعتبر بمثابة ضماناً للمستثمر لاستمرار استثماره دون أن يختلف عليه شيئ، غير أنَّ اقتصاره على المستثمر الكبير يُجافي العدالة، ويُمايز بين المشتثمرين.
كما أنَّ مشروع القانون لا يُعطي مجلس الإستثمار حق ممارسة الصلاحيات بشكلٍ مُباشر، إنما اكتفى بمنحه التوصية لمجلس الوزراء فيما يتعلقُ بالإستراتيجيات والدراسات الوطنية المتعلقة بالإستثمار، بالإضافة إلى دراسة المعوقات التي تواجه ممارسة الأنشطة الإقتصادية، ويعتبر ذلك بمثابة مزيداً من البيروقراطية.
خلاصة القول، هُناك غياب للدليل الإستثماري في مشروع القانون، كما يغلبُ عليه صفة القانون البرامجي، وبالتالي قد لا نحقق تقدماً في مؤشرات النمو الاقتصادي والإستثماري.
*محامي متدرب، وباحث قانوني.