جفرا نيوز- رغم من أهمية تربية النحل في القطاع الزراعي ودوره في المحافظة على التنوع الحيوي للنباتات البرية، الا أنه وفي ظل الممارسات الخاطئة، إلى جانب التغير المناخي الذي يشهد العالم، شاعت ظاهرة اختفاء النحل، والتي أثارت الباحثين لتفسيرها والوقوف على أسبابها.
يقول مربي النحل المهندس مؤيد بدر: قديما كانت تنتج خلية النحل الواحدة أكثر من 20 كيلو غراماً من العسل، أما حاليا فإنه لا يتجاوز انتاج العسل من الخلية الواحدة سوى ربع الكمية.
من ناحيته، يبين نقيب النحالين الاردنيين الدكتور محمد الربابعة، أن التغير المناخي ليس سوى شماعة نعلق عليه سوء الإدارة، فالتغير المناخي أمر موجود ولا نستطيع التحكم به، فهذا يعد فشلا كبيرا للأسف.
ويتابع: كما أننا نعاني من مشاكل العشوائية في تربية النحل، فلا يوجد دور لوزارة الزراعة لواقع المناحل أو إجراء مسوحات تظهر مدى انتشار الفيروسات في المناحل، ويعد «الفارو» الناقل الرئيسي للفيروسات والتي تسبب انهيار طوائف النحل.
ويلفت الربابعة الى أن قطاع النحل يعاني بسبب ضعف الإدارة، فمعظم النحالين لا يعلمون كيفية ادارة المناحل ولا يهتمون بتغذية النحل بعد انتهاء موسم القطف، وهنا تظهر المشكلة فيتعرض النحل حينها الى اجهاد غذائي يسبب انهياره لاحقا، فالتقصير من قبل النحالين سبب مهم.
وتشير الدراسات العالمية الى ان اكبر التحديات التي يواجه تربية النحل، هي الادارة غير السليمة للمناحل، فتكون وراء انتشار الآفات وتفشي الامراض، ومن الادارة غير السليمة عمليات ترحيل النحل غير الصحيحة للحصول على مراع اضافية، الا ان المشكلة تكمن في الاضطرابات التي تحدث للنحل اثناء وبعد عملية الترحيل وآليات تنظيمها وتضارب المصالح بين مربي النحل على المراعي المتميزة.
ويؤكد أن وضع النحالين لعدد كبير من المناحل في مواقع قريبة أو موقع واحد يؤدي إلى عدم حصول النحل على الغذاء الكافي وبالتالي ومع وجود الأمراض الفيروسية والبيكتيرية فإن انهيار خلايا النحل يكون حتميا.
ويذكر الربابعة أنه عادة يكون وضع النحل ممتازا ما بين شباط وحتى حزيران، لكن ما بعد ذلك تبدأ المشاكل الخاصة بالنحل والمناحل بالظهور في ظل درجات الحرارة المرتفعة في فصل الصيف والمنخفضة في فصل الشتاء، فيترك النحل لمواجهة مصيره وحده.
ويشير إلى عدم وجود مكاتب تنظيمية بين النحالين، فلا توجد اي آلية لمنع تقارب المناحل من بعضها بعضاً، فوزارة الزراعة لا تقوم باي شيء تجاه هذا الأمر، ولا يوجد أي قوانين يتم فرضها حيال ذلك، وبالرغم من أن العالم يشهد دعوات لضرورة زيادة اعداد النحل من خلال التوسع في تربية النحل في المناطق الحضرية لكن هذا الأمر ممنوع في الأردن، دون الالتفات الى ان النحل مهدد بالانقراض والاختفاء، وإلى أن 80% بالمئة من الاغذية التي نتغذى منها تعتمد على تلقيح النحل، داعيا إلى النظر إليه كقضية وطنية وأن يكون هناك قرار للحفاظ على النحل?
ويؤكد أن السنة الحالية كانت سيئة بالنسبة للمناحل، فتقدر نسبة اختفاء المناحل ما بين 60-70 % لدى النحالين، في حين يبلغ المعدل العام لانهيار طوائف النحل ما بين 40-50 %، لافتا إلى أن وصول نسبة الانهيار إلى 10% يعد أمرا طبيعيا ولا يعد مؤشرا على وجود مشكلة تستوجب حلها.
ويطالب الربابعة ان يكون قطاع النحل على أهم أولويات وزارة الزراعة، وتعديل التشريعات بما يتناسب وضرورة الحفاظ على النحل والمناحل وتبني قضية النحل والمناحل كقضية وطنية، وان يكون هناك مسح سنوي للأمراض التي تصيب قطاع النحل.
ويلفت إلى أنه لا يوجد أي قسم خاص تابع لوزارة الزراعة في المحافظات لمتابعة شؤون النحالين او عمل مسوحات وبائية في كل عام.
وتبين المهندسة الزراعية دعاء زايد، أن النحل قد يصاب بما يزيد على 18 فيروسا، ما يؤدي الى اضعافها حتى الموت.
وتلفت إلى أن «الفاروا » وبالرغم من مكافحته الا أن له دورا في نقل الأمراض الفيروسية بين افراد الطائفة الواحدة وبين المناحل الأخرى، وقد أظهرت نتائج المشاهدات التي أجرتها وحدة أبحاث النحل في المركز الوطني للبحث والإرشاد الزراعي في الماضي، أن نسبة كبيرة من الفاروا في الأردن أصبح لديه مناعة ضد المبيدات المستخدمة والمطروحة في الأسواق المحلية.
وبحسب النتائج لمسح المناحل عام 2020 الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة- وهي آخر احصائية- فان كمية العسل المنتج بلغت 326.3 طن، وبلغ عدد النحالين 1475، بالإضافة إلى أن هناك عددا من النحالين غير المسجلين.
ويتراوح سعر كيلو العسل في الاسواق من 15 الى 25 دينارا بحسب جودة العسل، ويقدر انتاج الخلية الواحدة من 150 دينارا الى 200 دينار.
ويبين رئيس قسم النحل في وزارة الزراعة المهندس خليل عمرو، أن هناك متلازمة امراض تصيب خلايا النحل وتسمى متلازمة تدهور الخلايا، لكننا محليا لم نلحظ هذه المتلازمة.
ويلفت إلى أن الوزارة الزراعة عملت على منع استيراد طرود النحل التي تأتي من مناطق موبوءة منعا لدخول هذه الأمراض ولكن لا تستطيع منع استيراد ملكات النحل لعدم وجود عدد كاف منها والتي قد تكون من سلالات غير متلائمة مع البيئة المحلية واكثر عرضة للامراض، وحاليا نطالب بأن يكون هناك ملف تعريفي لمصدر ملكة النحل وأن يكون منحل الملكة مرخصا.
ويذكر عمرو أن الأمراض الفيروسية لا يوجد لها علاج وإنما هناك تخفيف وادارة للمرض، وعلى النحالين استخدام المواد المواد المعقمة وادارة الخلايا بطريقة جيدة تقلل من إصابتها بالأضرار كتغيير ملكات النحل للحفاظ على ملكة فتية واستبعاد الملكات والخلايا الاكثر عرضة للاصابة للأمراض.
وعزا الاسباب الى تدهور المراعي نتيجة انخفاض معدلات الأمطار التي تؤثر على ديمومتها وكذلك الإدارة الخاطئة من قبل أصحاب المناحل، إلى جانب سوء استخدام المضادات الحيوية أو المبيدات المستخدمة في مكافحة الامراض والفاروا من قبل النحالين.
ويشار الى أن «الفاروا» هي جنس من المفصليات يتبع الفصيلة الفارواوية من رتبة متوسطات الفوهات، يهاجم طوائف نحلة العسل ويمتص دم الذكور والحضنة والشغالات، فيسبب خسائر كبيرة في الإنتاج، وكان الباحث الروماني (ماركوس فاروا) هو أول من أطلق عليه هذا الاسم، وقد كان مربياً للنحل، ويحمل الفاروا ثماني أرجل ويمشي شمالاً ويميناً ويتوقف كثيراً ويهرب من الضوء ويمكن رؤيته بالعين المجردة.