جفرا نيوز -
جفرا نيوز/ بقلم: الدكتور محمد أبو عمارة
شعر أبوالعبد بالسعادة الشديدة بعد شرائه تلك الثلاجة التي كان يحلم بها هو وزوجته أم العبد، وأخيراً سينعمون بأطعمة طازجة وماء بارد يخفف عنهم حرّ الصيف .
وبالفعل كان أبو العبد يتابع العروض التي تقدمها تلك الشركة إلى أن علم عن عرض كبير لهذه الثلاجة وبخصم مائة دينار عن سعرها السابق ولكن العرض لمدة يوم واحد ! فما كان من أبو العبد إلا أن ذهب وإشترى الثلاجة ذات الحجم الأكبر وهاهو الأن ينتظر وصولها بفارغ الصبر ...
وبالفعل رن هاتفه الجوال إيذاناً بإستقبال تلك الثلاجة العملاقة وجاء موظفان من تلك الشركة لتسليمه إياها، واستلم أبو العبد الثلاجة وطلب منهم نقلها إلى شقته التي تقع في الطابق الثالث من تلك العمارة التي يسكن بها في ذلك الحي الشعبي، وهنا كانت المشكلة !!! فالعمارة لا تحوي مصعداً، ودرج تلك العمارة لا يتسع لتلك الثلاجة الضخمة، لذلك لم يستطع هو ومن معه من الشركة بإدخال الثلاجة إلى العمارة وهنا استل موظفا الشركة نفسيهما وغادرا الموقع لأن مهمتهما هي تسليم الثلاجة ليس إلا. وهنا احتار ألى العبد في كيفية إدخال الثلاجة إلى المنزل فطلب من ابنه عبد الله استدعاء أعمامه وتشكيل فريق لإدارة الأزمات فاستدعى عبد الله عمه جواد وكان مهندساً معمارياً وطرح عليه المشكلة، فإقترح المهندس جواد أن يحضروا رافعة وأن يزال شبك الحماية الموجود على النافذة من جهة الشارع وأن يهدم ما تبقى منها لكي تتسع للثلاجة وبعدها تدخل الثلاجة إلى المنزل وبعد ذلك يعاد بناء النافذة وإعادة الشبك الحرامي لمكانه وتكلفة هذه العملية تقريبًا لا تزيد عن ألف دينار !
وهنا كان هناك جار بسيط لأبي العبد يعمل في عدة أعمال بسيطه ليعيل اسرته الكبيرة، وقال: أبو العبد أنا عندي الحل، فقاطعه أبو العبد قائلاً أسكت يا أبوصقر فلا تتحدث بوجود المهندس وبعدها جاء أخوه الآخر يوسف وكان يعمل طبيباً، وقال له: أقترح أن تعمل قفصاً حديدياً للثلاجة وأن تبقيها في الشارع وأن يكون هناك لها قفل وكلما احتجتم لشيء ما عليكم إلا أن تنزلوا وتأخذوه منها وتكلفة ذلك لا تزيد عن المئتي دينار ولكن ربما نحتاج لحارس يقف عند الثلاجة خوفًا من أن يعبث بها أطفال الحي وهنا ستزيد التكلفة لأن راتب الحارس تقريبًا ٣٠٠ دينار وقد نحتاج لشفت صباحي وآخر ليلي . ومرة أخرى حاول أبوصقر مقاطعتهم بالكلام إلا أن ألى العبد قال له : لا تتكلم بوجود الطبيب فمن أنت يا أبوصقر لتفكر بوجود هؤلاء العقلاء.. وبعدها جاء أخوه الثالث
يونس وكان يعمل في مجال العقار، وبعد أن درس الموقع جيداً اقترح على أبو العبد أن يشتري شقة أخرى تقع في الطابق الأرضي وأن يبيع شقته الحالية وذلك حتى يستطيع استغلال الثلاجة وذلك لن يكلفه إلا بيع منزله الحالي وأخذ قرض من البنك لشراء
شقة أخرى والأمر لن يكلف سوى تقريبًا وحسب سعر العقار ٣٠ ألف دينار ليس إلا !
هنا حاول أبو صقر الكلام إلا أن أبو العبد منعه مرة أخرى لأنه ينتظر ما تبقى من الحكماء والمتعلمين من اخوانه، فغادر أبو صقر المجلس وهو يتمتم يالله لو أنه سمع مني لكنت جعلته يستبدل تلك الثلاجة بأخرى من نفس المعرض أصغر حجماً وبها نفس الإضافات والمواصفات وأقل سعراً لكانت حُلّت المشكلة بدون أي تكاليف... بل بتوفير مبلغ كبير من المال!!
قصة أبو العبد والثلاجة انتهت !ولكنها بحاجة منا للتأمل، فنحن في الأردن نعاني من سوء اتخاذ القرارات لعدم فعالية فريق مواجهة الأزمات المالية أو لعدم الأخذ بآرائه إن وجد، ولكن لو أصغى كل صاحب قرار إلى من هم دونه ممن يعانون من المشكلة لوجد عندهم الآف الحلول السهلة ففي ذهن كل مواطن أردني حَلٌ لكل مشكلة يواجهها على الأغلب وبمجموع تلك الحلول نعمل لحل المشاكل الأكبر، ولكن أصحاب القرار بعيدون عن نبض الشارع وعن فكر الشارع وعما يهم الشارع لذا تجد أن الحلول التي يطرحونها دائماً لا توافق الشارع ولا تناسب مطالبه وأن حلولهم دوماً لا تجد إلا جيب المواطن لتستل منه أي عجز لأي موازنة، تلك الجيب التي أعيتها كثرة المطالب وثقبتها يد الحكومة ...
نحن شعب منتم ومحب لبلده ولكن يجب أن وآخر قرار يشبه قرار ثلاجة أبو العبد هو تقديم التوقيت الصيفي !
تؤخذ القرارات دون استثناء لرأي المستفيد والمتأذي الوحيد من هذه
القرارات.
وأبوصقر ... أو الشارع الأردني لديه دوماً الحل ولكن هل من مستمع؟ لرأي أبوصقر؟!
*رئيس جمعية الكتاب الإلكترونيين الأردنيين