جفرا نيوز- في الثلاثين من كانون الثاني عام 1962، زفَّ الراحل الملك الحسين، لأبناء شعبه وأمته، مولد نجله الأكبر جلالة الملك عبدالله الثاني، مستبشراً فيه سمة القائد الملهم الشجاع، لتبرهن الأيام عمق رؤية الراحل، ليكون حفيد هاشم على عهده مع تاريخ أجداده ومجدهم التليد.
نعم كان كما قالها الحسين: «ومثلما أنني نذرت نفسي منذ البداية لعزة هذه الأسرة ومجد تلك الأمة، كذلك فإنني قد نذرت عبد الله لأسرته الكبيرة ووهبت حياته لأمته المجيدة»، ليكون بحق، صوت الأمة وضميرها، المنافح عن عزتها وكرامتها، واثقاً بالله والتاريخ والأجدادِ، حاملاً وصاية جده الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه، على القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية.
وفي ذكرى ميلاد القائد الستين، نستذكر أنه ما هادن ولا استكان وكانت حربة جيشه مغروسة بنحر كل معتدٍ أثيم، وكان قوياً بالحق، مرفوع الهامة، وضّاء الجبين، بشعبه وجيشه وأجهزته الأمنية، وبصروح الوطن التي بناها الأردنيون بالكد والتعب والجد والإخلاص، ليكون الأردن رغم ما يحيطه من أزمات، منيعاً حصيناً، منعماً بفضل من الله وكرم، بأمن واستقرار وطمأنينة.
نعم يا سيد البلاد نبدأ العام الأول في المئوية الثانية من عمر دولتنا، مصممين على البناء على ما أنجزه الآباء والأجداد، لنكمل مسيرة التطوير، ونتجاوز ما نواجه من تحديات، بعزم لا يلين، وبإرادة صلبة، وبتخطيط مؤسسي سليم، وبرؤية واضحة.
ونقف مرفوعي الرأس ونحن نقرأ رسالتكم يا صاحب الجلالة إلى أبناء الوطن وبناته والتي شكلت مساراً واضحاً لمستقبل الأردن في إطار رؤية وطنية شاملة عابرة للحكومات يشارك فيها الجميع، وهي رؤية تتطلب جهوداً مكثفة تبني على مواطن القوة وتعالج نقاط الضعف، في التخطيط والتنفيذ، بما يرفع سوية الأداء في مختلف القطاعات، ويوفر الفرص والخدمات لكل الأردنيين.
هذا الوطن كما يؤكد سيد البلاد بُني بجهود من آمن به من أبنائه وبناته، وعملوا وكافحوا وتميزوا، وواجب الجميع اليوم البناء على جهودهم، وعلينا أن نتحدى أنفسنا وأن نتخذ أكثر القرارات جرأة وأصعبها بلا تردد، مستذكرين بهذه المناسبة العزيزة على قلوب الأردنيين، محطات مضيئة في مسيرة هذا الوطن، فكان الإصلاح متواصلاً بإرادة وطنية خالصة، قاده الملك بحكمة واقتدار في مسار الإصلاح السياسي والاقتصادي، وفي شتى مناحي الحياة، فنهض الوطن، وبقي سداً منيعاً رغم تعاظم الكروب، وحلكة الدروب، ورغم توالي الخطوب، وتبدل الأحلاف، وتقلب المحيط.
ورغم الظروف الاستثنائية التي تعيشها المملكة جراء جائحة كورونا، كان الملك يواصل مع أبناء شعبه مسيرة العطاء والإنجاز والبناء، وكانت أولويات جلالته تذهب نحو رفع مستوى معيشة المواطن والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة له، وكانت صحة المواطن وسلامته أولوية لدى جلالته وهو ما تجسد في خطواته ومتابعته لكل صغيرة وكبيرة منذ بداية أزمة كورونا، كما أنه رغم تلك الظروف الصعبة كان جلالته عاقد العزم على مواصلتنا لمسيرتنا الإصلاحية حيث أجرينا انتخابات مجلس النواب التاسع عشر، وتلاها تشكيل لجنة ملكية لتحديث المنظومة السياسية قدمت توصيات للحكومة وهي اليوم على شكل مشاريع قوانين يناقشها مجلس النواب.
لقد بقي الأردن بقيادة جلالة الملك، وطناً قوياً بعزيمة أبنائه وجيشه وأجهزته، في الداخل نبذل أصدق الجهود لرفعة وطننا، وفي الخارج متمسكين بثوابتنا في الدفاع عن القضية الفلسطينية والقدس، حيث يحمل جلالة الملك وصاية جده الشريف الحسين بن علي في حماية مقدساتها الإسلامية والمسيحية.
وعلى المستوى العربي، بقي الأردن حريصاً على تضامن أقطارنا العربية، داعياً على الدوام إلى ما يجمع ونبذ ما يُفرق، مثلما كانت بصماته على المتسوى الدولي بصمات تدعو إلى التسامح والمحبة والوئام، فكان الملك على الدوام يحظى بثقة الأسرة الدولية، لقاء مواقفه المعتدلة وأفكاره وخطواته ومبادراته الداعية إلى تحقيق الأمن والاستقرار والسلام.
نعم هي ذكرى عطاء وإنجاز وبناء، نستمد فيها من القائد، معنى الإخلاص والوفاء لهذا الوطن، مرددين ما قاله الحسين في يوم مولد القائد: «ولنبني هذا البلد ولنخدم هذه الأمة».
الدستور