جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب - الإعلامي العميد المتقاعد هاشم المجالي .
...............
عندما يفرض أحد المحافظين على أحد المواطنين الذي ارتكب مخالفة تستوجب الحبس أو إجراء إداري ، ثم يستبدل المحافظ العقوبة البدنية بعقوبة اجتماعية تهذيبية ، تتمثل في تنظيف المسجد والدوام على الصلوات في الجامع ، فهذه عقوبة إبداعية كان الغاية منها الإصلاح والتهذيب النفسي والأخلاقي ، والرجوع إلى المسجد الذي يجعل المخطئ والمذنب يتوب ويُلوِم نفسه ثم يستغفر الله عن ذنوبه ، ويفكر كثيرا قبل أن يرتكب أي مخالفة أخرى .
لقد كان تعليق وتعقيب معالي وزير الداخلية على إجراء ذلك المحافظ في اللقاء الذي جرى مع معاليه ضمن سلسلة اللقاءات التي يجريها ملتقى النخبة مع مسؤولي الدولة ، هذا الملتقى الذي يضم الكثير من القامات العلمية والثقافية والإجتماعية والأمنية .
ففي هذا اللقاء الذي جرى صباح يوم أمس السبت في مبنى الوزارة مع معاليه ، قام بعضا من الحضور بإمتداح المحافظ على اجرائه والإطراء عليه أمام الوزير ، والذي عَقّب بدوره على هذا الإجراء بأن المحافظ قد اجتهد ولكن كان اجتهاده غير صائبا ، حيث قام بتحذيره من عدم اتباع هذا الإجراء مستقبلا ، وكان سبب ذلك اللوم من معاليه لعطوفة المحافظ ؛ بأن الصلاة في المساجد لا يجب أن تكون عقوبة بأي حال من الأحوال ، فهي عبادة خالصة لله تعالى تّقدّم طواعية من الإنسان المؤمن بالله ، حتى ولو كانت في خدمة دور العبادة سواء كانت مساجد أو كنائس فهي يجب أن تكون تطوعية ولا يجب أن تكون عقوبة للمخطئين ، فهذه أعمال يؤجر عليه الإنسان من الله تعالى اذا ما قام بها من تلقاء نفسه وتطوعا .
كما وتم خلال لقاءنا مع معاليه التطرق لكثير من الأمور الغير منطقية والقرارات التي تصدر عن الحكومة سواء كانت هذه القرارات تعنى بالشأن الصحي أو التعليمي أو الثقافي والفني ، والتي تْفقد مصداقية الحكومة وتعمل فجوات كبيرة من انعدام الثقة بها ، والحق يقال بأن معاليه كان ديبلوماسيا وواقعيا ومتعاونا بأجوبته على هذه التساؤلات ، والتي كانت بعضا منها كافية ، والإجابات الأخرى كانت من باب أن الحكومة معرضة لارتكاب أخطاء في أتخاذ بعض قراراتها ، وقد يحصل هذا في كل دول العالم سواء كان المتحضر منها أو النامي .
لقد كان معاليه متعاونا ومرنا ومحاورا جيدا و دبلوماسيا إيجابيا ، وكانت له محاولات جاهدة لإعطاءنا بعضا من الاجابات الوافية والكافية لبعضا من الأسئلة .
والحقيقة اقول أن معاليه الذي هو ابن القرية والعشيرة الأصيلة وهو أيضا من صفوف وتربية وتدريب القوات المسلحة الباسلة ، لقد كان جريئا وصريحا وواضحا ، وكان يتكلم بحس الجندية والعقيدة الوطنية القتالية للجرائم والمجرمين ، وأنه سوف يتصدى بوزارته للفساد والمفسدين ، وعنده الإستعداد أيضا للعودة إلى الخنادق وارتداء الفوتيك والبسطار مرة أخرى اذا ما لزم الأمر واقتضى الحال .
لقد كان معاليه يتكلم بحس الوطنية والإنتماء للوطن والقيادة الهاشمية والإخلاص في مهمته ، والأهم من كل ذلك أنه يوَزِن أعماله في ميزان الرضى الإلهي والإخلاص الوطني ، فهو حقا رجلا يخاف الله ويتّقيه في قيامه بكل أعماله .
تحية محبة وعطرة ممزوجة بشرف الجندية والزمالة والأخوّة لتلك الجباه السُمر العالية ، واتمنى من الله تعالى وعلى جلالة الملك ان بجعل كل المسؤولين في هذا الوطن من صنف المتقاعدين العسكريين الذين يٌقدِّرون معنى الوقت ويعرفون قيمة الوطن والمواطن .