جفرا نيوز -
جفرا نيوز/ بقلم: د. محمد أبوعمارة
حدثني أخي الدكتور طلال عن قصه طريفة حدثت معه أثناء طفولته وأحببت توثيقها مع بعض الإضافات....
في الحي الذي كنا نسكن فيه، كنا نمضي وقتاً كبيراً في اللعب في (الحارة) وكانت الحارات تتصارع وتتحارب وتتسابق في جميع الألعاب وتحاول كل حارة فرض سيطرتها على الأخرى وفي الحارة السفلى كان هناك أحد الأشقياء يسمى "علي البنص" (وكان يكنى( بالبنص) )نسبةلكبر كرشه وضخامة حجمه.
وكان علي البنص يعيث فساداً في الحارة فيضرب هذا ويهدد ذاك – فتوة الحارة- ويخاف منه أطفال الحارات المجاورة فلا أحد يقوى على صراعه، كيف لا وهو –البنص- ضخم الجثة اللي – إيده والضرب- و –قلبه ميت-
وفي يوم من الأيام حاول هذا الوحش الاعتداء على حارتنا، فوقفت له بالمرصاد وقلت له : والله غير أخلي إبن عمي عماد يربيك يا بنص!
طبعاً كان عماد ابن عمي هو الشخص القوي الذي لا يهزم من وجهة نظري، صاحب البطولات التي لا تنتهي، والقوي القادر على هزم عصابة كامله لوحده، عماد الذي تهابه الوحوش، عماد الذي يصطاد الأفاعي من حجورها، عماد....
ومن غير عماد يستطيع وضع حد للبنص!!
وعندما سمع علي البنص كلامي شهق وقال لي..
-مين يا خوي عماد ابن عمك والله لأذبحك إنت وياه! متى جاي ابن عمك خليني افعصه قدامك...
فقلت له:
-في نهاية الأسبوع رح يجي ويدعس عليك..
-يدعس علي والله لأدعس عليك وعليه ....
وانقض علي كالوحش ولولا رحمه الله التي جعلت هجومه علي يتزامن مع مرور جارنا أبو كامل الذي حال دون أن أكون فريسه لهذا -البنص-
ووقتها لم يكن عندنا تلفون في المنزل وكذلك لم يكن عند (دار عمي) تلفون... فلم استطع التواصل مع عماد، وكنت كلما أرى ( البنص )ينظر إلي ويفرك يديه ويقول وينه إبن عمك وينه ويقهقه ضحكاً
انتظرت لموعد زيارتنا الأسبوعية لبيت عمي فذهبت لمنزل عمي أبوعماد وعندما التقيت بعماد سارعت بإخباره بالقصة وكيف أن علينا أن نضع حداً لهذا (البنص) الذي يعيث فساداً في الحارات، وهنا تحمس عماد وقال لي..
-سأجعل هذا (البنص) يخسر نصف وزنه من ضربه واحدة، وسوف أجعل جميع الحارات تضحك عليه هذا النذل! وسأجعله عبرة لمن يعتبر
كم سررت لتلك الطاقة وبدأت اتخيل كيف أن عماد سوف يأتي ويهجم على البنص ويضربه ويمرمغه بالتراب هذا الوحش المفتري، وكيف سوف يطأطأ هذا البنص رأسه بعد أن يأكل القتلة من عماد
آن الأوان للقضاء على هذا البنص! واتفقنا أن يأتي عماد معنا عندما نغادر نحو منزلنا لنفاجأ البنص في عقر حارته!
وكانت هذه الخطط تمر دون علم أبي أو عمي، وبالفعل غادر عماد معنا إلى منزلنا وما إن وصلنا لم نستطع الانتظار ذهبت أنا وعماد إلى بيت (علي البنص) وطرقنا الباب فخرج لنا أخوه الصغير وقلنا له: بدنا علي وهنا خرج الوحش وكنت أنتظر ردة فعل عماد والبدء بالهجوم حسب ما اتفقنا وكنت أنتظر تلك اللكمات وأتوق لرؤية عيني البنص وهي تتورم ….ولكن عماد عندما رأى (البنص) بهذا الحجم قرر تغيير الخطة وقال....
-أبو الشباب أنتو ولاد حارة وحدة وما في داعي للمشاكل ...
وهنا صرخ البنص...
-هو هاد ابن عمك اللي هلكتنا فيه!
وقلت أنا هنا صارخاً: آه هوي... يلا يا عماد ، يلا أضربه
وعماد يغمز لي بعينه ويقول : طول بالك ، ويكمل وانت شب محترم يا علي وبدي اياك تعامل طلال زي أخوك الصغير!!
وهنا تقدم (علي البنص) مني ورفعني في الهواء وقال لعماد، زي أخوي ولا يهمك بس أنا بضرب كل أخواني وبدي أضرب طلال لأنه أخوي وقذفني في الهواء لأسقط بعيداً عنه وأركض وأفاجأ بأن عماد يركض أمامي ويقول لي: يا رجل ماحكيتلي أنه بنص لهالدرجه..
ركضنا تاركين (علي البنص) يضحك خلفنا بصوتٍ عالٍ وعماد يركض ويغمزلي بعينه ويقول الموضوع بده حكمه وعقل يا ابن عمي....
*رئيس جمعية الكتاب الإلكترونيين الأردنيين