جفرا نيوز -
جفرا نيوز/ بقلم: الدكتور محمد ابوعمارة
وأثناء ركوبي السيارة ذاهباً إلى المدرسة وإذ بأحدهم يطلق زاموره ويكأنه يطلق زامور الخطر الذي يسبق الغارات (توووووووووت)
-نظرت إليه: صباح الخير، شو مالك!!
-يا رجل إنت حمار في حد بيطلع بهاي الطريقة.
-حسب علمي لأ أنا إنسان وعلى كلن أنا آسف مع إني لسه ما تحركت من مكاني ولكن مش عارف ليش الزلمة عصب (وتنمر) علي!!
المهم أكملت طريقي نحو المدرسة وأنا في غاية الإنزعاج من الأزمة الشديدة وكثرة الزوامير وكثرة المتسابقين وخاصة أولئك الذين لا يلتزمون بقوانين السير والناس المكشرة واللي بتصيح على بعض ووسط هذا الإنزعاج لفتتني إحدى الفتيات التي أكملت مكياجها على الإشارة الضوئية ويكأن لا أحد حولها!
... وصلت باب المدرسة وإذ بأبي صابر يحتد بالكلام مع أحد أولياء الأمور، هرعت نحوه بسرعة ...
-أبو صابر طول بالك... ما تصرّخ!!
-يا دكتور هذا الرجل بيتنمر عليّ !! بحكيله لو سمحت حرّك سيارتك وبيحكيلي : ما ظل عليّ إلا إنت تتفلسف!! يعني شو قصده!! لأني بشتغل بواب ولوني أسمر بيتنمر عليّ!! والرسول –صلى الله عليه وسلم- حكى: "لا فرق لأبيض على أسود إلا بالتقوى"...
-لا حول ولا قوة إلا بالله، حقك علي يا أبا صابر، امسحها بوجهي المره هاي وأنا باخذلك حقك إن شاء الله...
-بس يا دكتور والله هذا الحكي ما بيصير أنا أتبهدل على الصبح وليش لأني بقوم بشغلي ؟
- خلص يا أبا صابر مشيها وطول بالك يا رجل …
- يعني دكتور بالله عليك أنا أسمر؟
- لأ إنا أشقر يا أبو شقرة يسعدلي قلبك الأبيض مش مهم اللون المهم القلب الأبيض وضحكنا سويًا…
وفي هذه الأثناء كان ولي الأمر قد غادر المكان... دخلت إلى المدرسة وأنا مغتاظ جداً من ردة فعل ولي الأمر، إن كان كلام أبو صابر صحيحاً!! وما أن وصلت مكتبي وإذ...
-دكتور
-نعم
-أم آدم مصّره تشوفك عندها ملاحظة ...
-خليها تدخل
وتدخل ام آدم...
-صباح الخير دكتور
-أهلاً أم آدم... كيف الأحوال؟!
-والله يا دكتور مش كويسة أبداً أبداً !!
-له له ليش؟!
-يا دكتور هل إنت بترضى إنه مدرسة بأكملها تتنمر على إبني آدم!!
-معقول، ليش طيب وشو صاير!!
-دكتور، أولاد صفه بيتنمروا عليه، أساتذته بيتنمروا عليه مرافقة الباص بتتنمر عليه حتى مدير الطابق بيتنمر عليه!!
-مش معقول اللي بتحكيه يا مدام، ما بقي غير تحكيلي إنه الحيطان بتتنمر عليه ! هل يعقل إنه مدرسة كاملة مركزة مع آدم وجايين عشان يتنمروا عليه؟!
-طبعاً ما رح تصدق ما إنت لازم تدافع عن فريق عملك، هيك حكولي عنك حسبي الله عليك وعلى كل ظالم!
-أم آدم إنت هيك عم تتنمري عليّ، ما بسمحلك!
-ولا بتسمحلي، مدير مابده يسمع إلا المدح والتبجيل روح شوف شو اللي بيصير في الصفوف عندك بعدين تعال تفلسف علينا!!
-يا بنت الحلال، طيب شو صاير؟! انت ليش زعلانه لهالدرجة!!
-حكيتلك أنه المدرسة كلها تنمر وحضرتك مسخف الموضوع كتير!
-طيب شو الموضوع بالتفصيل؟! ومين اللي تنمر على آدم بالزبط؟!
-محمود
- مين محمود؟
-محمود الأهبل اللي راسه بيشبه المربع
- عيب ما بيصير تحكي هيك لأنه هذا بحد ذاته تنمر!
- مشيها يا دكتور الكل بيحكيله هيك
- تفضلي كملي كلام بدون تنمر
-كل يوم الصبح محمود بيتنمر على آدم، وآدم لمن يشتكي على محمود كلكم بتوقفوا مع محمود ضده وما حد بيسمع كلامه ناس بيحكوا لأنه أبو محمود صاحبك وناس بتحكي إنه شريك بالمدرسة.
-ناس بتحكي شو بدنا بكلام الناس
- هاي أغنية دكتور
- جد! طيب خلينا نحكي مع مربية الصف والمرشدة النفسية ونحل المشكلة .
وأثناء حديثتا وفجأة تقتحم سيدة مكتب الإدارة
-دكتور ليش حاط حواليك أسوار شاهقة يا سيدي احنا جايين نشوفك، وحقنا نحكي معك وال هذا كيف لونك وزير تربية مش خلقة مدير مدرسة شو كان عملت !وليش حاط سكرتيرة مُزّة تمنعنا من الدخول لعندك وليش....
-يا ستي خليني أجاوبك سؤال، سؤال!!
-لا مش مهم، انا ما بستنى إجابة منك. أنا إبني تدمر عندك، نفسيته زي العمى!! والسكري والضعط عنده بالعلالي!!
-سكري وضغط، إبنك بأي صف!!
-إبني في الصف الثاني (جـ) والله والله كبرتولي الولد مية سنة!
وفجأة تصرخ أم آدم، وأنا كمان إبني في الصف الثاني (جـ)، شكله هاي الشعبة مظلومه، ومغضوب عليها ؟ليش يا دكتور حاطين ضد طلبة الصف الثاني (جـ)
-وتجيب أم محمود: فعلاً يا أختي أولادنا اتدمروا، نفسيتهم عدم ،الكل بيتنمر عليهم ولا حد سائل فيهم.. وما خفي أعظم ولسه لو أفضفض وأحكي اللي في قلبي بدي أيام وليالي
-آه والله يا أختي!! وأنا كمان بعرف خفايا وأسرار وفضايح ومصايب و
أتدخل أنا...
-وحدوا الله يا جماعة شو مالكم، فضايح ومصايب بالصف الثاني ! وشو هالصدفة اللي جمعتكم. سبحان الله، يلا خير خليكم تتعرفوا على بعض.. اللي على اليمين أم آدم واللي على الشمال أم محمود،
وهنا حدثت المفاجأة.... وصرخت أم آدم!!
-هو إنتٍ ام محمود والله لأقطع خبرك وخبر إبنك!! يا إم راس مربع!
-انت إم آدم!! والله لأقتص منك!! يا إم لسان طويل ، هذا مش منك من البوتكس اللي نافخه فيه وجهك …
وتهجم ام آدم وأم محمود على بعض وأقف أنا في المنتصف... عيب يا جماعة... وأتلقى لكمة من أم آدم على عيني كادت أن تفقدني صوابي ، تمالكت نفسي وصرخت يا جماعه الخير وحدوا الله وأتلقى رفسه من أم محمود على ظهري أسقطتني أرضًا وصوت المعركة يصل إلى عنان السماء وصراخي من الألم يعلو… وهنا أنقذتني السكرتيره سوزان التي حاولت فض النزاع وأمسكت أم آدم وخرجت بها إلى خارج المكتب وبقيت أم محمود والتي تتنفس بصعوبه كالخارجة من حلبة الملاكمة!! وأنا كنت لا أكاد أرى من لكمة أم آدم وعيني المتورمة؟ وأنا أفكر : ماذا سأقول لزوجتي عن عيني المتورمة ؟ ضربتني أم آدم ؟
-ليش ضربتك ؟ أكيد متحركش فيها بتستاهل الله لا يردك ؟
- لأ يا بنت الحلال موضوع تنمر مش أكثر !
تخيلت هذا الحوار ،،،،
-شو في يا جماعة... ليش هيك والله عيب عليكم...
- ما هي آدم ابنها هو سبب كره إبني للمدرسة..
- وتصرخ أم آدم كزااابه... ابنها محمود بيضل يتنمر على آدم ابني ...
وهنا طلبت مدير القسم والمرشدة إلى مكتبي وطلبت ماء للأمهات بعد أن هدأن وسألت المديرة والمرشدة عن طبيعة الخلاف الموجود بين آدم ومحمود فأجابتا انه خلاف تافه وأنهما صديقين.. وهنا طلبت أن يحضر لي آدم ومحمود والأمهات يترقبن ويصرخن :بلاش بلاش يا دكتور يضربوا بعض قدامنا …وأثناء ذلك دخل المكتب عندي طفلين يمسكان كل منهما بيد الآخر، وركض هذا نحو إحدى الأمهات والثاني نحو ألأم الثانية.. فهمت أن هذا آدم وذاك محمود ..
-محمود أنت زعلان من آدم...
-لا آدم صاحبي يا دكتور
-آدم أنت زعلان من محمود
-لا محمود صاحبي يا دكتور
ويتعانق الطفلان وعيوننا جميعاً ترقب الحدث... دكتور تسمحلنا نرجع لحصة الرياضة ؟
نظرت إلى الأمهات وقلت: أنتم من تتنمرون علينا وهؤلاء أطفال في الدقيقة الواحدة يختلفان ويتفقان أما تدخلنا نحن الكبار فيفسد الأمر ويزيد المشاكل ... وطلبت من الطفلين ان يعودا للحصة ،وقلت هيا،،، هيا قوما واصطلحا فقالت أم آدم
- خليها هي تيجي تعتذرلي بالأول
-فشرت عينك انا اعتذرلك يا إم البوتكس
وهجمت أم محمود على أم آدم وبدأت المعركة من جديد تركت أنا المكتب وأغلقت الباب وتركتهما يقتصّان من بعضهما البعض وذهبت لأشارك آدم ومحمود اللعب في حصة الرياضة...
*رئيس جمعية الكُتّاب الأردنيين