جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب - بلال حسن التل
منذ ستة وأربعين عاماً وقد كنت في العشرين من عمري, وانا جزء من انتخابات نقابة الصحفيين الأردنيين، لم اتغيب عن أية دورة انتخابية من دوراتها, ليس بالتصويت فقط، ولكن بالمشاركة الكثيفة بالحملات الانتخابية وكواليسها، التي كان الكثير منها ومن اجتماعتها تجري في مكاتبي ،وخلال هذه العقود الطويلة كنت الاحظ أن الاهتمام بالقضايا الوطنية والقومية يتراجع سنة بعد أخرى لحساب القضايا الشخصية والمعيشية اليومية، إلى أن اختفى هذا الاهتمام نهائيا، وهذا مؤشر خطير على نجاح مخطط إشغال الأمة بهم "المعدة" وغذائها عن همومها الأخرى وخاصة السياسية منها, حتى عند أهل السياسة, فنقابة الصحفيين هي نقابة لمهنة ذات طبيعة سياسية لا لُبس فيها، بخلاف سائر النقابات المهنية الاخرى, التي يمكن إخضاع عملها السياسي للنقاش، فليس من صلب عمل الطبيب أو المهندس مثلا ، كتابة مقال أو تحليل او تقرير سياسي رغم كثرة الأطباء والمهندسين الذين برزوا كقادة سياسين، بينما ذلك كله هو صلب العمل الصحفي, لذلك فإن تراجع الاهتمام بالقضايا الوطنية والقومية في انتخابات نقابة الصحفيين على وجه التحديد مؤشر له دلالاته الخطيرة على مجمل اهتمامات المجتمع، لأن الصحفيين والإعلاميين هم مرآة الرأي العام وجزء أساسي من صُناعه وقادته, ولهم دور مركزي في توجيهه وترتيب أولوياته، وعندما تغيب الأولويات الوطنية والقومية عن انتخابات نقابة الصحفيين فإن ذلك يعني غياباً مزدوجاً فهو غياب عند الرأي العام الذي يمثل الصحفي مرآته العاكسة وهو غياب عند الجسم الصحفي, وهو أمر يعني في النهاية أن اهتمامات الرأي العام قد تغيرت وتراجع الاهتمام بالقضايا السياسية الوطنية والقومية, حتى لا نقول إنه لم يعد مباليا بقضايا الوطن والأمة وما يحاك لهما.
قضية أخرى كشفت عنها انتخابات نقابة الصحفيين ،هي عدم فوز النساء باي مقعد من مقاعد مجلس النقابة، رغم العدد المرتفع للنساء بالهيئة العامة لنقابة الصحفيين بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الشباب فيها كذلك, مما يعني كل ما قيل ويقال حول قضية المرأة في بلادنا هو مجرد كلام استعراضي لا أثر له على أرض الواقع, وأن البيئة الثقافية والفكرية في مجتمعنا لم تتغير لأن الجهات التي تعمل على هذا التغيير غير مُقنعة, أو أن الهدف النهائي لها هو ليس النهوض بالمرأة بل تخريب المجتمع, وهذه قضية تحتاج إلى مراجعة وطنية نأمل ان تلعب بها نقابة الصحفيين الأردنيين, وفي طليعتها الصحفيات دوراً مركزياً.
Bilal.tall@yahoo.com