جفرا نيوز -
جفرا نيوز - سمير حباشنة**
لن تكون كما لما تكنْ ، أمكانية حقيقية واقعية ، تؤدي الى قطيعةبين الشقيقتين سوريا و الأردن ، فنحن أهل الشام و أهل الهلال الخطيب ، ورثة لبلاد ما تفكفكت عبر التاريخ .. إلا أمس القريب ، بداية هذا القرن بفعل فاعل حبيث.
و لأننا أبناء ” أمة واحدة ” نعيش اليوم ذات الواقع بكل أشكاله و تعبيراته ، و لنا نفس التطلعات و الأشواق ، و لأن الذي بيننا من عوامل اللقاء المعنوي و المادي يفوق كثيراً عوامل الفرقة الهامشية و اللحظية ، التي تزول ببزوال اسبابها الطارئة، فأن اللقاء السوري الأردني هو العودة الى واقع الأصل الدائم و مغادرة الأستاثناء المؤقت ..
أنه في حقيقته لقاء شعب واحد فُرض عليه أن يكون بدولتين و هو لقاء تحكمه أرادة تسكن في وجداننا ، أرادة إحياء مشروعنا العربي الذي أُسقطت كل محاولات بناءه بفعل عوامل ذاتية ” بفعل أيدينا "، و عوامل موضوعية خارجية ،ترى باللقاء العربي تهديداً لمصالحها مع أن المشروع العربي ، أنساني النزعة لا يحمل ضغينة للآخر، و ليس في أجنداته الأضرار به .. مشروع يدعمه التاريخ و تحكمه الجغرافيا و الثقافة و الحضارة ، و يحمل كذلك مبررات المصالح المادية المشتركة .
أن التقارب الأردني السوري كما مع بقية أقطارنا في الهلال الخصيب إضافة الى مصر ، تقارب له ضروراته الملحة التي لا غنى عن تحقيقها ، من أجل حياة أفضل للجميع . فأقتصاداتنا الصغيرة ، يمكن أن تبني أقتصاداً كبيراً منتجاً، و بالتالي قادر على تلبية أحتياجات شعوبنا ، شريطة أن نبتعد بالأ قتصادعن تقلبات و هموم السياسة ،و تمكين عناصره البشرية و المادية من ا|لأنسياب بسهولة بين هذا الأقطار .
ولنا في التجربة الأوربية أكبر أثبات على ذلك ، فأوربا و بعد الحرب الكونية الثانية، لعقت جراحاتها و تجاوزت أنهار دم أبناءها الذي سال مدراراً و بالملايين ، و سعت نحو بناء أقتصاد واحد ، دون أن تُعيق ذلك ، عند الخلافات السياسية القديمة ، أو التي تنشأ بين دول الأتحاد الأوربي ، فأوربا تبني أقتصادها و بعملة أوربية ، دون أن تؤثر فيه الخلافات و التباينات السياسية ،
بل و أن أوربا و برغم من الخلافات السياسية العميقةمع روسيا ، فأن خط الغاز الروسي لا يتوقف ..
و أن الخلافات الأمريكية الصينية و على ضخامتها هي مثال صارخ على أن العلاقات الأقتصادية و إنسياب البضائع تُمثل مصالح مشتركة لا يجب أن تعطلها السياسة .
اليوم الأردن يقترب بسرعة نحو الشقيقة سوريا ، حيث نأمل أن تكون من ثمرات هذا اللقاء مبادرة من شأنها الأسراع في ترتيب البيت السوري و إدماج القوى السياسية المعارضة في جسم الدولة ، و أقصد تلك التي لم تتورط بالعنف و القتل كذلك . والأردن يسعى مع الشقيقين العراق و مصر، الى بناء تحالف سوف يقود بالضرورة الى تأسيس كينونة عربية تغادر مربع الخلافات القديمة .. و التي أدت بنا الى أن نصل الى هذا المستوى المتدني من العلاقات العربية ، و التي قادت الى ضعف عام ، عانت منه دولنا الكبيرة و الصغيرة الغنية والفقيرة .. دون أستثناء .
لذا أملنا كبير أن نرى سوريا و قد أستعادت حضورها في الحياة العربية. و أن نري تحالف الشام الثلاثي و قد أصبح سداسياً بوجود سوريا و لبنان و فلسطين .. هذا دون أن نسقط أهمية أستئناف مجلس التعاون الخليجي لنشاطه و أهمية أعادة بناء الأتحاد المغاربي، و أهمية التدخل العربي بين الأشقاء في الجزائر و المغرب لتجاوز خلافاتهما ، على قاعدة عزل نقاط الخلاف و إبقاءها في دائرة محدودة لا تعيق تقارب الأخوة في شتى المجالات .
وبعد .. عندما قال أجدادنا الأوائل في الأتحاد قوة .. فأنهم لم يجانبوا الصواب .
وهنا نتمنى لسوريا الشقيقة التعافي و لعلاقات الأردن و سوريا المزيد المزيد من التقدم ، ذلك أن الظفر لا يخرج من اللحم.
و الله و مصلحة العرب من وراء القصد
*كاتب ووزير اردني سابق