النسخة الكاملة

قوة حماس السيبرانية الأشباح التي تطارد الإسرائيليين !

مهدي مبارك عبد الله

الخميس-2021-09-23
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - مهدي مبارك عبد الله

الحرب في قطاع غزة لا تهدأ والمقاومة لا تتوقف ففي السماء طائرات ورقية حارقة وبالونات مشتعلة تسببت باندلاع عشرات الحرائق التي كبدت المزارعين الإسرائيليين خسائر فادحة بعشرات الملايين وعلى وجه الارض يرابط اكثر من 70 ألف مسلح متأهبين لأي توغل بري إسرائيلي محتمل ناهيك عن الالاف الصواريخ المدمرة التي تنتصب جاهزة للانطلاق نحو عمق المدن الاسرائيلية

وفي باطن الارض تتوزع الانفاق الملغمة التي اعجزت الطائرات والدبابات والمراقبين وفي البحر كوماندوز مدرب يترقب الانزال او الهجوم وتسلل الى شواطئ اسرائيل وحتى في العالم الرقمي يتربص قراصنة حماس بالعدو ويطاردون الاسرائيليين كأنهم اشباح دون اطلاق أي رصاصة على الرغم من أنهم لا يزالوا هواة الا ان كل ذلك وغيره الكثير يشكل تهديدًا حقيقيًا على امن إسرائيل

يذهب الجندي الإسرائيلي لمناوبته العسكرية بالقرب من حدود قطاع غزة وهو لا يدري أن تطبيق اللياقة البدنية الموجود على هاتفه المحمول هو في الواقع بوابة نشطاء حركة حماس للدخول إلى أسراره الشخصية وتحديد أرقام هواتف الجنود الإسرائيليين ثم ارسال طلبات صداقة اليهم ودعوتهم لتنزيل بعض التطبيقات على متجر جوجل والتي تحتوي على فيروسات مثل حصان طروادة الذي ظهر قبيل افتتاح دورة كأس العالم في عام 2018

في الظاهر لا شيء كان يدعو إلى الشك والارتياب لكن حين ثبت الجنود الإسرائيليون هذا التطبيق على هواتفهم اصبحوا عرضة لتسجيل جميع مكالماتهم وهوياتهم ومواقعهم واختراق جميع ملفاتهم بل تشغيل الميكروفون والكاميرا في أي وقت وتسجيل ما يحدث في محيطهم دون علمهم ما يفتح ثغرة أمنية خطيرة من خلالهم تمثل سيل جارف من المعلومات المجانية

ورغم نجاح فنيو الجيش الاسرائيلي وبعض الباحثين من مختبر شركة سيمانتيك في تل أبيب في إزالة التطبيق من على خوادم جوجل إلا أن وحدات الدفاع الإلكتروني للمقاومة اطلقوا تطبيق اخر اسمه مواعدة آخر كان اكثر تطور وتركيز حيث يستهدف الجنود تحديدا وهكذا وصلت حماس إلى قلب القواعد العسكرية الإسرائيلية المحصنة دون التسلل اليها او مهاجمتها والأخطر أنها تمكنت في بعض الحالات من تصوير ما كان يحدث في تلك القواعد دون أن يعلم الجنود أن هواتفهم مخترقة وتوجه من الخارج

هذه التطبيقات يمكنها أن تعرض للخطر الشديد أية معلومات عسكرية يكون الجنود على مقربة منها أو تكون في مرمى هواتفهم حتى ان حماس حاولت اختراق الطائرات بدون طيار والكاميرات التابعة للجيش الإسرائيلي واستخدمت مقاطع الفيديو التي تسجلها لتحديد مواقع التجمعات العسكرية وهو ما ساعدها في شن هجمات صاروخية أكثر دفة وتدمير

وبالرغم من جهود الجيش الاسرائيلي المتواصلة عبر فرع الحرب الإلكترونية في مواجهة الاختراق الذي أحدثته حماس والذي وصف بالكبير من خلال عملية ( فخ العسل ) في شباط 2020 والتي استخدمتها للإيقاع بالجنود الإسرائيليين عبر الدردشة على منصات الرسائل حيث إصابت هواتف مئات الجنود الإسرائيليين ببرامج ضارة أرسلها نشطاء حماس على الإنترنت كما حاولت مرات عديدة جمع معلومات عن الجنود من خلال استخدامها لحسابات مزيفة على الشبكات الاجتماعية وهو ما وصِف بأنه أحدث حلقة في سلسلة الهجمات السيبرانية المستمرة التي تشنها حماس ضد اسرائيل والتي تعجز عن مواجهتها

حركة حماس بقليل من الإمكانات وكثير من المرونة والتركيز على التطور التقني في تحميل البرامج الضارة واستخدام الرسائل النصية بدلًا عن الفيديو أو المكالمات الصوتية جعلت كل جندي اسرائيلي مستهدف حتى ان بعض الجنود اعترفوا إنهم ظلوا على اتصال مع نشطاء في حماس لمدة عام كامل وهم يظنون أنهم يتواصلون مع نساء حسناوات يغازلوهن

ينشط جهاز الأمن العام الاسرائيلي (الشاباك) في المراقبة وتولي مسالة الدفاع السيبراني لكنه يرفض دائما التعليق على أي جانب من جوانب هذا النشاط او الدخول في الكثير من التفاصيل الدقيقة لكنه لم يخفف من المخاوف بشأن قدراتها الإلكترونية المتواصلة وهذا هو النهج ذاته الذي تتبعه كافة الوكالات الإسرائيلية العاملة وبالمثل تحرص حركة حماس على عدم منح أي تفاصيل حول أنشطتها خاصة بعد تمكن الجيش الاسرائيلي من تدمير مبنى يعمل فيه نشطاء للحركة في أيار2019

الهجمات الإلكترونية من قبل حماس تعددت من مهاجمة البنية التحتية المدنية الأساسية والإضرار بجودة حياة المواطنين الإسرائيليين وتعطيل عمل محطات الطاقة وحركة الموانئ والطائرات إلى اعتراض الاتصالات الآمنة والتدخل في العمليات العسكرية الجارية وصولًا إلى السرقة والتجسس لادق التفاصيل والمعلومات

تعمل اسرائيل وبشكل مستمر على توجيه رسائل طمأنة للرائي العام الاسرائيلي تحت عنوان موجه حول ( إرهاب حماس ) عبر الإنترنت تتفاخر فيها بيقظة جنود جيش الدفاع الإسرائيلي وان هجمات حماس لم توقع أي ضرر على أمن إسرائيل لكن حقيقة ما يلقي في روع القارئ الإسرائيلي هي مشاعر مختلفة تثير القلق والخوف بصورة أكبر
تعتبر حماس من اكثر المنظمات غير الحكومية تطورًا في مجال الأمن السيبراني ويمكنها من تطوير قدراتها باستخدام الأدوات المتاحة على شبكة الإنترنت فيما يسمى بالعالم المظلم وكذلك على الشبكة العادية حيث لا توجد حدود وبالتأكيد هناك الالاف من الثغرات

الهجمات الإلكترونية التي تستهدف إسرائيل لم يعد الهدف منها يقتصر على إغلاق المواقع الإلكترونية أو تشويهها رغم انها مزعجة وتتسبب بأضرار ملموسة وتحتاج الى خبرة تقنية عالية لمواجهتها بعدما أصبحت تغطي جميع الزوايا والأغراض والمجالات


يعترف مصدر موثوق في القطاع السيبراني الإسرائيلي ان نجاحات حماس حقيقية وان عناصرها يعرفون كيفية إغراء المستخدمين بالنقر على جميع أنواع الروابط ويقومون بتنزيل جميع أنواع الأشياء على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم ثم يقتحمون الأنظمة التي لم تحدث خوادمها بصورة دائمة وهو ما وضع قوة الردع الإسرائيلية في مأزق كبير ومستمر
على مدى العقد الماضي ازداد استخدام الجهات الفاعلة والمختلفة لما يسمى بحرب ( المنطقة الرمادية ) لتحقيق مزايا سياسية واقتصادية وعسكرية مع تقليل نسبة المخاطر وتجنب الانتقام وقد اشرف على اعدها ( عومير دوستري ) الباحث النشط في معهد القدس للاستراتيجية والأمن

تعتمد وسائل حرب المنطقة الرمادية التي تشمل الحرب الإلكترونية التي تشنها الجهات الفاعلة مثل حركة حماس على الغموض الذي يتيح لها ميزة استراتيجية تمكنها من إنكار مسؤوليتها عن الهجوم أو على الأقل حصره في نطاق ضيق ومعظم التقارير المختصة تشير الى أن حركة حماس انخرطت في حرب المنطقة الرمادية ضد إسرائيل خلال الفترة ما بين آذار 2018 والشهر ذاته من عام 2019

من اكبر المعضلات التي تواجهها إسرائيل في هذا النوع من الحروب تتمثل في ضرورة تحقيق التوازن بين الرد على هذا النوع من الهجمات وفي الوقت ذاته الحفاظ على استراتيجية الردع وهو امر صعب يجعل اسرائيل لا تعرف من أين ستأتيها الضربة القادمة ومع تكرار الهجمات الإلكترونية التي تحمل بصمة حماس يخشى الإسرائيليون أن كل ما واجهوه حتى الآن ليس سوى ( قمة جبل الجليد ) وهم يرتقبون بقلق تكرار هجمات مستقبلية ربما تستهدف أفرادًا أو مؤسسات أكثر حساسية أو هشاشة باستخدام وسائل أكثر تطورا تقنيا

الحقيقة التي باتت تدركها إسرائيل وحماس الآن أكثر من أي وقت مضى هي أن الهجوم السيبراني يمكن أن تكون له آثار مدمرة ليس فقط في العالم الافتراضي بل أيضًا في العالم الواقعي لدرجة قد تشل حركة الدولة وتعرض مواطنيها للخطر الجسدي المميت

وما يزيد الموقف الاكثر غموضا هو إمكانية أن يكون مصدر الهجمات ليس من قطاع غزة ولا الضفة الغربية التي تشترك في البنية التحتية للإنترنت مع إسرائيل مما يجعل من السهل للغاية تعقب المهاجمين بل من المرجح أن يشارك في هذه الهجمات نشطاء حماس الذين يعيشون في الخارج وبعشرات الآلاف من الدولارات فقط ممكن لحماس الحصول على قراصنة من دول أوروبا الشرقية وآسيا للقيام بهجمات إلكترونية على مستوى عالٍ للغاية اتجاه اسرائيل وجنودها وبطريقة مستقلة وبعيدة عن الشك والاتهام

يذكر انه من اهم العناصر الحمساوية التي ساهمت في تطوير وتفعيل مفهوم الامن السيبراني المقاوم الشهيد الأردني جمعة عبد الله الطحلة ( أبو مجاهد ) الذي كان المسؤول المباشر عن الأمن السيبراني والتطوير العلمي في كتائب القسام والذي استشهد في 30 رمضان الماضي في معركة سيف القدس بعدما استهدفته احدى الطائرات الحربية وقد قالت سلطات الاحتلال بعد استشهاده انه كان المسؤول الاخطر في مجال تحسين دقة توجيه صواريخ المقاومة

mahdmublat@gmail.com