جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم الإعلامي العميد المتقاعد هاشم المجالي .
لقد علمتنا الحياة ان عمر الإنسان يكون ما بين عيش وحياة، فالعايش يولد ويكبر جسده ويموت ويفنى وتنتهي ذكراه بمجرد وفاته ، اما الأحياء فإنهم حتى لو ماتت أجسادهم وفنيت فإن ذكراهم تبقى خالدة في عائلاتهم ومجتمعاتهم والتاريخ .
ولهذا عندما اراد الله تعالى ان يَصِف حال الشهداء فإنه قال عنهم بأنهم الأحياء الذين عند ربهم يرزقون ، فهم الذين تُخلد ذكراهم ولا تتنسى تضحياتهم ويكونون دائما قدوة للأجيال التي تأتي من بعدهم .
الفارس المرحوم ابو سهل عبدالهادي باشا عندما تستذكره خيول الفرسان في ميادينها والاطفال في العابها والشباب في عطائها والنساء في دعائها ، وينم نسج حياته كأنموذج في تاريخ الأردن المعاصر بأنه الرجل الذي كان قد ذهب الى العراق واقفا بالباص من اجل دراسة الهندسة ، وعندما تشهد عليه الناس بأنه كان مبدعا في كل موقعا كان قد استلمه ، فليس سهلا ان تجد شخصا يحول أعدائه وخصومه الى اصدقاء ومناصرين له .
المرحوم الذي كان ضابطا في سلاح الهندسة ثم مديرا للسلاح ثم رئيسا لهيئة الأركان المشتركة ثم سفيرا بواشنطن ومديرا للأمن العام ووزيرا للاشغال ثم مؤسسا لأكبر حزبا وطنيا يحمل اجندة وطنية خالصة ، ومن ثم نائبا بالبرلمان لعدة مرات ورئيسا لمجلس البرلمان لعدة دورات ، فهل هذا الفارس ينتسى او ان هذه الشخصية لا تخلد في الذاكرة والتاريخ ، لا والله إن ابا سهلا حيّ فينا لم يمت وحيّ في تاريخنا لن يموت حتى وان فنى جسده في التراب .
المرحوم بإذن الله أبو سهل هو عبارة عن ملحمة واسطورة كفاح لطالب علم وضابط بالجيش وديبلوماسيا مخضرما وضابط أمن عام دائما مبدعا وبرلمانيا محاربا من اجل الحقوق و الديمقراطية .
المرحوم ابو سهل كان بطبعه يحب الاستدلال بالأرقام والحقائق في كل خطاباته واستنتاجاته ، وكان خلوقا مؤدبا بكل تصرفاته ، وموهوبا مبدعا بكل مناصبه ، وشجاعا مقداما بكل قراراته .
والله لو أن المرحوم ابو سهل كان في غير هذا المحيط لكان رجل دولة لا يٌتخلى عنه ولو حتى دقيقة واحدة ، ولكان مستشارا إيجابيا في كل قرارا وطنيا .
المرحوم بإذن الله كان رجل دوله قد قدم جل عمره وشبابه في خدمة الدولة ولكن للأسف أن الدولة قد تخلت عنه في شيبوبته وأواخر عمره ،لا بل حتى انها شمتت به وحاربته وهو المصدوم والموجوع ، وبالرغم من كل ذلك كان يتمتع بأخلاق الفرسان حيث بقي َ وفيا للقيادة وللوطن ولنفسه وعائلته ، ولكن وفاءه هذا الذي قوبل بالجحود والنكران والحرب الظروس عليه فقط لانه كان رجلا له كاريزما الزعامة والفخامة وأخلاق الفرسان ، بالرغم من انهم أيضا حاربوه بحزبه الوطني بكل معنى الكلمة، وبرزقه على انه مليارديرا ولكنه مات وهو مديونا يفاوض على بيع منزله ليقوم بسداد ديونه البنكية وتكلفة علاجه المرضية .
واخيرا اقول للمرحوم بإذن الله ابوسهل،،،،
إن الفرسان حتى لو تخلت عنها الدولة واركانها فان التاريخ والأرض والشعر والمغيرات قدحا لن تتخلى عنهم .
اللهم ارحمه واغفر له واجعله من أهل الجنة وكل موتانا أجمعين يا رب العالمين .