جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب ابراهيم عبدالمجيد القيسي
ليس مطلوب العودة الى ذلك المزاج السياسي الذي جعلنا نعيد النظر في منظومة التشريعات الناظمة للحياة السياسية، فهي ثقيلة على النفس، وقبلها وبعدها، نؤكد أن المملكة لم تتوقف يوما عن التطوير والتغيير والتحديث على هذه المنظومة، وإن توقفت في فترة ما، فلم يتوقف لا التعبير ولا التفكير في التغيير، لأنه يأتي في إطار التحسين، والارتقاء بالحياة العامة، وترسيخ الديمقراطية، التي تحتاج إلى مقدمات كبيرة وثقافة وممارسة لتنتقل الى مراحل أكثر تقدمية، تنال التوافق من كل الجهات الممثلة أو المكونة للمجتمع.
الإصلاح والتغيير؛ أو التحديث، ليس في الشأن السياسي فقط، فالتخلص من البيروقراطية على سبيل المثال، إنجاز عظيم، وكذلك نقول عن مجالات التعليم والصحة والتقاضي والصناعة والزراعة والاستثمار.. الخ آفاق الحياة العامة.
يجب أن لا نكتفي بتحديث التشريعات الناظمة للحياة السياسية، باعتبارها (الوصفة السحرية) لحل أزماتنا ومشاكلنا، سيما ونحن نلاحظ أن هناك (نزعات) مقيمة في كثير من القطاعات، تنزع لتنفيذ كل ما يحقق المصالح الخاصة بها.
كما نجد عدم استقرار في موضوع تشجيع الاستثمار، إذ تتسبب البيروقراطية في ارباك بعض المستثمرين، وتجهز على مستقبل مشاريعهم قبل ان تنطلق، ونجد كذلك جدلا وتأزيما في مواضيع غير اقتصادية، كمشاكل التعليم بشقيه المدرسي والعالي، وهناك قضايا عالقة، بسبب الجائحة تم وقف العمل على تطويرها وتحسين أدائها، بل وتعطيل العمل بالاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، وعدم متابعة مخرجات التعليم بمستوييه، والحديث يتصاعد جدليا حادا ومؤلما بسبب ارتفاع اعداد الخريجين الذين لا فرص عمل في تخصصاتهم، وكذلك يتزايد أعداد خريجي الثانوية العامة، دون التفات الى الطاقة الاستيعابية للجامعات.. وملفات أخرى كثيرة، توقفت متابعتها إذعانا لإملاءات الجائحة وعملا بأولوية الناحية الصحية.. لكننا يجب أن لا نقلل من أهمية بل خطورة تأجيل أو وقف العمل إذعانا لإملاءات الجائحة، لأننا سنكتشف بأن ما قبل الجائحة كان أفضل بكثير مما بعدها، وأننا سنكون أمام مشاكل جديدة معقدة لا يمكن حلّها.
هذه الظروف الاستثنائية ليست (جمعة مشمشية)، يستغلها كل صاحب مصلحة اعتقادا منه بان لا رقابة ولا مساءلة ولا نزاهة، ولن أقول بأن التاريخ هو من سيكشف التخاذل والاستغلال والاستثمار بهذه الظروف، بل سينجلي المشهد عن تأزيم أكبر، لن تنفع معه الخطابات والمبادرات الحكومية او القادمة من القطاع الخاص..
مطلوب إعادة النظر في كثير من التشريعات، فالإصلاح لا يقتصر على تشريعات سياسية، بل هناك ما يستحق التغيير والإصلاح أكثر مما تحتاجه السياسة.