جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب - بلال حسن التل
نرتكب في الاردن منذ سنوات خطأً قاتلاً، نعتقد أنه السبب الرئيس لكل مشاكلنا اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، ونظن استمرار هذا الخطأ سيقودنا إلى ظروف أسوأ مما نحن فيه، وإلى عاقبة وخيمة، فالدولة الأردنية التي تدعو إلى بناء مجتمع الإنتاج، تتناسى أن بناء المجتمع يتم على صورة بناء الإنسان في ذلك المجتمع، لذلك فإن أساس بناء المجتمع المنتج هو بناء الإنسان المنتج، وهو ما لا يتم في بلدنا، بل على العكس من ذلك فقد جرى خلال السنوات الماضية تنمية كل نوازع الكسل والاستهلاك لدى الإنسان الأردني، بصور مباشرة وغير مباشرة، خضوعاً لطلبات السوق وإعلانات وكلاء البضائع، وتنفيذاً لسياسات المصارف، التي تعود معظم ملكيتها لغير الأردنيين، لذلك فإن فرص بناء مجتمع الإنتاج تتلاشى يوماً بعد يوم.
كما تطلب الدولة من الأردني أن يكون موضوعياً ومنصفاً، وأن لا ينساق وراء الإشاعات المغرضة، كما تطلب منه عدم الميل إلى التطاول خاصة على رموز الوطن، وعدم اعتماد أسلوب القدح والذم عند ممارسته للنقد، في الوقت الذي تترك فيه كل أدوات تنمية نوازع عدم الإنصاف، وأدوات الذم والقدح مسيطرة وناشطة في ضخ الإشاعات والمعلومات الخاطئة إلى عقل الإنسان الأردني، وفي المقابل تهمل بناء وجدان وضمير الإنسان الأردني، من خلال إهمالها لأدوات بناء هذا الوجدان، بل وأكثر من ذلك فإنها لم تكتفي بالإهمال، بل أنها سلمت مهمة توجيه الوجدان وقبله العقل لمنظمات تعمل بالتمويل الأجنبي، وتخدم أجندات لا تصب في بناء الإنسان المنتج، ولا ووجدانه، بل إنها تمزق إنتمائه لقيم مجتمعه وثقافة هذا المجتمع ونسيجه.
الخطأ القاتل الذي ترتكبه الدولة الأردنية هو أنها تقلب سلم أولوياتها، وطريقة عملها، فتضع الآليات قبل الأهداف، وتقدم الاقتصاد على الاجتماع، والأهم من ذلك فإنها تهتم بمعدة الأردني، وتهمل عقله ووجدانه، رغم أن الوجدان هو الذي يحدد طبيعة الإنسان، ويحكم سلوكه وتصرفه حتى إتجاه معدته, ويحدد إذا ماكان إنساناً منتجاً ومنتمياً وموضوعياً أو عكس ذلك.
كثيرة هي صور ممارسة الدولة الأردنية للخطأ القاتل، المتمثل بإهمالها لبناء الإنسان، وأول ذلك ووجدانه، غير أن أبرز هذه الصور وأخطرها إهمالها للثقافة ومضامينها, وكذلك إهمالها لوسائل الإعلام الناقل الرئيس للخطاب الثقافي،المتمثل بالكتاب نثراً وشعراً، وبالمسرح والأغنية والأوبريت وقصص الأطفال وأدبهم، فالخطاب الثقافي ووسائل الإعلام الإيجابية هي التي تبني الإنسان المنتج والمنتمي، ومن ثم المجتمع المنتج، وهي كلها مهمة في بلدنا لذلك لن يكون هناك خروج من أزمتنا الاقتصادية، بل ستتفاقم أوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية،إن لم نسارع على تصحيح سلم أولوياتنا.
Bilal.tall@yahoo.com