جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب عوض ضيف الله الملاحمه
ما حصل خلال الأحد عشر يوماً الفائته ، هّزَّ العالم ، وقلب موازينه واولوياته ، وعادت القضية الفلسطينية الى الواجهة بعد تهميش استمر لاكثر من اربع سنوات ، حتى الرئيس بايدن وضعها في ذيل قائمة اولوياته ، لكنها عادت بقوة مفاجئة .
وددت كمتابع ان أوجز النتائج التي تمخضت عنها (( معركة سيف القدس )) . وسوف اتناولها بتحليل متابع ، تحليلاً ، عقلانياً ، منطقياً لانني اود استخلاص الدروس المفيدة للقضية طبعاً ، لكنني لن أُصدِرَ حُكماً . ومنطلقي من هذا النظر بعقلانية بعيداً عن الانفعال او التشدد ، لاننا كعرب احياناً ( بنطيش على شِبر مَيه ) . لن أُقلل مما حدث كنتاج للمقاومة ، كما سأكشف صلافة ودموية العدو .
المقدمة اعلاه ضرورية ، وليست حشواً ابداً . وهنا أبدأ . بالنسبة للعدو الصهيوني : ١ ) قدراته العسكرية جبارة ، لا بل هائلة ، ليست عدداً وعُدة فقط ، بل تقنياً وتكنولوجياً . ٢) الكيان ، نُسمية كياناً لانه مُصطنع وغير شرعي ، لكنه في حقيقة الأمر دولة قوية ، ديمقراطيتها - لشعبها - تزيد من قوتها . ٣) قوتها الاقتصادية هائلة ، حيث يبلغ الناتج المحلي الاجمالي بحدود ( ٣٥٠ ) مليار دولار امريكي ٤) قوتها التصنيعية هائلة ومتطورة .. الخ .
لكن :- ١) جيش العدو وشعبه مهزومون داخلياً لانهم يعرفون ان الارض ليست ارضهم ، وان اهل الارض متمسكون بها . ٢) اليهود عامة يعرفون ان الله حكم عليهم بالشتات في الارض لانهم عصوه . ٣) رئيس الشاباك يقول : ان المجتمع الاسرائيلي يشهد انقساماً خطيراً يتهدد الكيان . ٤) رئيس جهاز الامن العام السابق / يورام كوهين : اكد ان حماس حققت نصراً (( توعوياً)) قاضياً على اسرائيل . كما قال ان عرب ال ٤٨ لم ينسوا قضيتهم . ٥) حصل شجار بالايدي داخل كنيس يهودي يدعون فيه الى الخروج من ارض فلسطين ويعتقدون ان موعد اللعنة على اليهود قد حان . ٦) زاد نشاط حركة ناطوري كارتا المعارضة للكيان وهم يدعون في صلاتهم لزوال اسرائيل ويعتبروها دولة ارهابية تقتل الاطفال والنساء وتستولي بالقوة على فلسطين ، وان اليهودية ترفض الصهيونية . ٧) إهتزت معنويات جيش العدو ، حيث ظهر طيار يتحدث بانفعال شديد في اجتماع عسكري : ويقول : ارسلتموني للقتال لوحدي ، وعندما قصفت مستشفى لم تعترفوا باصابتي ، وانه يبول على نفسه ليلاً من الصدمة .
ونورد هنا ما تحقق للمقاومة :- ١ )برلمانية ايرلندية قالت : القول بان اسرائيل تدافع عن نفسها فُحش ، اسرائيل نظام ابارتايد ، وارتدى البرلمانيون كمامات تحمل العلم الفلسطيني . ٢) النجاح في قصف البارجة التي كانت تقصف غزة ، وهذا تطور ممتاز . ٣) إضعاف شعبية السلطة الفلسطينية التي فرّطت بالقضية وانزال المفتي من على المنبر ، والهتاف ضدها . ٤) مظاهرات عارمة في كل مدن العالم ضد العدو وتأييداً للفلسطينيين . ٥) المتظاهرون البريطانيون هتفوا بتواطؤ بريطانيا مع الكيان ، وطالب برلمانيون بعدم تصدير السلاح للكيان . ٦) غالبية الذين تظاهروا في البلاد العربية والاجنبية من الشباب الذين لم يتفاعلوا مع القضية سابقاً . ٧) ضغط بايدن على نتنياهو لوقف الحرب ، بسبب الضغوط الشعبية والدولية . ٨) التهديد الباكستاني والتركي بقصف الكيان بالطائرات ( إذا صَحَّ) . ٩) تحرك فلسطينيو ال ٤٨ . ١٠) إسقاط صفقة القرن . ١١) مطالبة ( ١٢٩ ) عضواً من الكونغرس الامريكي بعدم تصدير السلاح للكيان . ١٢ ) الحرب الاخيرة دفنت الوطن البديل . ١٣) إحياء القضية الفلسطينية شعبياً ورسمياً . ١٤ ) الصحفي الصهيوني الشهير / جدعون ليفي قال / إقتحامنا لمسجدهم غلطة كبرى ، نحن في ورطة كبرى . ١٥) إعتذار شركة الفيسبوك لانحيازها للعدو ، ومهاجمة الكثيرين لها على مستوى العالم ، مما أدى الى انخفاض تقييمها الى درجة خطيرة بلغت ( ١,٩ من ٥ ) ، مما اجبرها على التخفيف من الانحياز العدو . ١٦) الاذاعية الامريكية الشهيرة / كيم إيفرسون ، هاجمت الكيان بحديث اعلامي معمق يستند على مشاهداتها الخاصة . ١٧ ) رغم بدائية صواريخ المقاومة الا ان هناك تطوراً من ناحية : المسافة المقطوعة ، وتحسن الدقة في التصويب ، والقدرة على مواصلة كثافة الاطلاق . ١٨) الرعب الذي احدثته الصواريخ لدى المستوطنين بسبب بقائهم لاوقات طويلة في الملاجيء ، بدل حياة الترف والرفاهية والأمان . ١٩) ما حدث سيشجع على الهجرة المعاكسة ، حيث نُشر عن مغادرة حوالي ( ٦,٠٠٠ ) مستوطن عودة نهائية الى اسبانيا خلال ايام . ٢٠) ستنخفض اعداد الصهاينة القادمون الى الكيان . ٢١ ) اغلاق مطار بن غوريون لأيام . ٢٢) انخفاض قيمة الشيكل اكثر من ٢٠٪ . ٢٣) إرباك القبة الحديدية في البداية مما ادى لفشل في الاطلاق ، ثم تبين عدم قدرتها على مواجهة كثافة صواريخ المقاومة . ٢٤ ) سقوط قتلى وجرحى للعدو عسكريين ومدنيين . ٢٥ ) جريدة ها آرتس تقول في افتتاحيتها بان الشعب الفلسطيني من افضل شعوب الارض ، هبوا للدفاع عن حقوقهم بعد اكثر من ( ٧٠ ) عاماً ، انهم فعلاً اصحاب الارض . ٢٦ ) لأول مرة تُحدِث المقاومة توازن الرعب ، وصراع الارادات .
لكن :- ١) تم تدمير اكثر من (١٨,٠٠٠ ) مسكن في غزة . ٢) اكثر من ( ٨٠٠,٠٠٠ ) مواطن غزي بدون مياه . ٣) تدمير اكثر من ( ١,٠٠٠ ) متجر . ٤) حوالي (٢٧٠ ) شهيد ، و ( ٨,٠٠٠ ) جريح . ٥) تم اعتقال حوالي ( ٢,٤٠٠ ) من فلسطينيي ال ٤٨ . ٦) غزة لا زالت محاصرة ومدمرة . ٧) استمرار الانتهاكات للمسجد الاقصى . ٨) الشيخ جراح ما زال محاصراً ومهدداً .
وددت ان اشير الى خطأ ارتكبه عدد من قيادات المقاومة عندما يكررون مسميات مثل : مواقعنا العسكرية ، والعسكريين ، كما صرحوا بان الشهداء من العسكريين ( ٨٠ ) عسكرياً .. الخ . هكذا مسميات تحدث ضرراً بالمقاومة امام شعوب العالم وتعزز مقولة العدو والامريكان وغيرهم بان العدو من حقه ان يدافع عن نفسه . انتم مقاومة ، انتم ثوار ، ولستم دولة تملكون جيشاً ، والمقاومة لها مسميات مثل : مواقع ، خلايا ، جيوب ، عناصر ، قواعد للمقاومة .. الخ .
لم اهدف من السرد تعزيز مفهوم الانتصار من عدمه ، لانني لا اود ان أقحم قناعتي على القاريء ، خاصة ان هدفي من هذا المقال خدمة المقاومة ، ولنحصل على تقييم عقلاني يخدمها ويعزز ثباتها وقدراتها والالتفات الى الاخطاء لتجنبها ، وإبراز الايجابيات وتعظيمها . راجياً الأخذ بالاعتبار انه لا يمكنني الإحاطة بكل جوانبها وانعكاساتها ، وانما اورد إضاءات على قدر استطاعتي . وهنا اطرح للحوار : - هل ما حققته المقاومة إنتصاراً بمعنى كلمة إنتصار !؟ واذا كان انتصاراً ، هل حقق متطلبات الانتصار بالمفهوم العسكري !؟ أم ان الانجاز ليس اكثر من صد او دحر للعدوان على القدس وتخفيف الضغط على اهالي الشيخ جراح ؟
على صعيدي الشخصي انا مبسوط ، وفرحان ، وفخور بما انجزت المقاومة ضد الكيان . واتمنى ان تكون فرحتي مستندة الى تقييم عقلاني استشرافي . وفي النهاية الانتصار للاحرار .