جفرا نيوز -
جفرا نيوز - لم تكن حماس هي التي أطلقت العنان للمواجهة الأخيرة، وإنما استفادت فقط من التوترات المتصاعدة لإقامة القضية لاستبدال عباس. وأدى قرار إسرائيل إلغاء إجراء الانتخابات في القدس الشرقية، وخطوة عباس اللاحقة المتمثلة في إلغاء العملية برمتها، إلى سلسلة من ردود الفعل التي لم يتوقعها أي من الطرفين. ولو أن الانتخابات مضت قدُماً كما كان مخططاً لها، لكانت المواجهات في القدس الشرقية قد اشتدت، لكنها كانت ستظل سلمية على الأرجح. كانت ديناميات نشوب الصراع تتراكم منذ أن غزت إسرائيل غزة في العام 2014. وكانت تلك الحرب بمثابة نهاية لأي أمل حقيقي في التوصل إلى صفقة لإنهاء الصراع، الذي كان وزير الخارجية الأميركية آنذاك، جون كيري، يعمل من أجل تحقيقه. وبعد العام 2014، ساءت العلاقات بين كلا الجانبين وتضاءلت احتمالات تطبيق حل يقوم على مبدأ الدولتين تدريجياً.
* *
في وقت قريب ما، سوف ينتهي الصراع العسكري المحتدم الآن بين إسرائيل وحماس. لكن تداعيات هذه الجولة الأخيرة من المواجهة الإسرائيلية الفلسطينية -الضربات العسكرية الإسرائيلية في غزة، وهجمات حماس الصاروخية على المدن الإسرائيلية، وتصاعد العنف بين العرب واليهود- ستكون هائلة وطويلة الأمد. وفوق كل شيء، سوف تعزز الشعور بين الإسرائيليين، والفلسطينيين، ولدى معظم المجتمع الدولي، بأن البحث عن حل سلمي للصراع قد وصل إلى نهاية في المستقبل المنظور.
لم يكن الصراع الذي بدأ في أوائل أيار (مايو) مخططاً له. كان تتويجًا لخطوات متنوعة صغيرة، ولكنها مهمة، والتي لم تجعل من نشوب العنف أمرًا حتمياً لا مفر منه، على الرغم من ارتباطها ببعضها بعضا. ومع ذلك، أفضى مزيج من الدينامات السياسية المحلية الإسرائيلية والفلسطينية، والإخفاقات الدولية، والعلاقات المتدهورة بين الجانبين، إلى خلق الظروف الناضجة لإراقة الدماء.
مع ذلك، وبغض النظر عن طبيعتها العرَضية، فإن الجولة الأخيرة من العنف ستكون لها عواقب دائمة. سوف تخرج حماس من الصراع أقوى، بينما ستخرج السلطة الفلسطينية ورئيسها منه أضعف. وسوف يتراجع العنف بين عرب إسرائيل واليهود في نهاية المطاف، لكن تصورات العرب عن التمييز المنهجي الذي يتعرضون له سوف تنمو -وكذلك الاعتقاد بأن البحث عن المساواة داخل إسرائيل هو مسعىً غير مجدٍ بطبيعته. كما سيتوسع الدور الرمزي للقدس، ما يعمِّق الأبعاد الدينية للصراع. وبين العديد من الإسرائيليين والفلسطينيين، تشير هذه التطورات إلى العودة إلى مرحلة أقدم من الصراع. فقد عزز الأسبوعان الماضيان اعتقاداً بأن العلاقة بينهم هي -مرة أخرى- وجودية ومحصلتها صفر، وأن الدبلوماسية لحل النزاع هي مسعى عبثي لا طائل من ورائه، وأن العنف حتمي لا مهرب منه.
أزمة تتطور
تتكشف المواجهة الحالية عبر أربعة مسارح. فقد دمر القصف العسكري المتبادل بين غزة وإسرائيل البنية التحتية المدنية، وقتل أكثر من 200 فلسطيني، 30 في المائة منهم من الأطفال، وعشرة إسرائيليين على الأقل. وأثارت التوترات العرقية-القومية داخل إسرائيل أعمال شغب وعنف طائفي غير مسبوقة بين العرب واليهود. ويخوض الفلسطينيون، والشرطة الإسرائيلية، والجماعات القومية اليهودية المتطرفة، والمستوطنون، مواجهات في القدس الشرقية حول الوصول إلى الأماكن المقدسة الإسلامية وعمليات الإجلاء المخطط لها للعائلات العربية من حي الشيخ جراح. وفي الضفة الغربية، تصاعدت التوترات بعد أن قتلت القوات الإسرائيلية أربعة متظاهرين فلسطينيين وجرحت العشرات منهم في 18 أيار (مايو)، وهو يوم احتجاجات عارمة اجتاحت المدن الفلسطينية الكبرى. ومع ذلك، ما تزال التوترات هناك محتواة بفعل الجهود المشتركة للسلطة الفلسطينية وإسرائيل.
كانت هذه الدينامات قيد البناء والتراكم منذ أن غزت إسرائيل غزة في العام 2014. وكانت تلك الحرب بمثابة نهاية لأي أمل حقيقي في التوصل إلى صفقة لإنهاء الصراع، الذي كان وزير الخارجية الأميركية آنذاك، جون كيري، يعمل من أجل تحقيقه. وبعد العام 2014، ساءت العلاقات بين كلا الجانبين وتضاءلت احتمالات تطبيق حل يقوم على مبدأ الدولتين تدريجياً.
مع إدراك حقيقة أن تحقيق نتيجة سلمية أصبح مستحيلاً على المدى القصير إلى المتوسط، بدأ اليمين الإسرائيلي في تأكيد نفسه -خاصة بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة في العام 2016. وقد شجعت سياسات ترامب العديد من المحافظين الإسرائيليين، ومهدت الطريق لانتهاج سياسات متطرفة في عدائها للفلسطينيين. وبدأ المستوطنون الإسرائيليون بالتوسع في مناطق جديدة من الضفة الغربية، وشرعت إسرائيل في مصادرة الأراضي الفلسطينية وهدم المنازل بشكل روتيني على الطريق. وبحلول 2019-2020، بدأ العديد من الإسرائيليين في المطالبة بضم مساحات واسعة من الأراضي الجديدة من دون منح حقوق متساوية للمواطنين الفلسطينيين. وكان مما زاد الأمور سوءاً على سوء شروع العديد من الدول العربية أيضًا في تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، وإبرامها في نهاية المطاف ما تسمى بـ”اتفاقات إبراهيم” في العام 2020. ومع انحسار تضامن الدول العربية مع القضية الفلسطينية، شعر الفلسطينيون أنفسهم بأنه يتم التخلي عنهم بشكل متزايد.
كانت هذه الضغوط ظاهرة بشكل خاص في القدس. فبعد اعتراف واشنطن في العام 2017 بالمدينة كعاصمة لإسرائيل، زادت إسرائيل من وتيرة الضم غير القانوني، وكثفت جهودها لتغيير الوضع الراهن في الأماكن المقدسة في المدينة القديمة. وقامت الشرطة الإسرائيلية بتقييد وصول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى، وحاولت إسكات الأذان، وبدأت في إتاحة الوصول لأعداد أكبر من اليهود الإسرائيليين. كما تحركت السلطات الإسرائيلية لإجلاء عرب القدس الشرقية من منازلهم، وشرعت في تكريس أجندة يهودية قومية دينية مهيمنة في جميع أنحاء المدينة.
وفي داخل إسرائيل نفسها، اتخذ الجناح اليميني الذي اكتسب شجاعة جديدة أيضًا خطوات من أجل تهميش المواطنين العرب الإسرائيليين. ونظر الكثيرون في هذه المجموعة الأخيرة إلى ما يسمى بقانون الدولة القومية للعام 2018 -الذي يعلن إسرائيل وطناً تاريخياً للشعب اليهودي، ويؤسس اللغة العبرية كلغة رسمية فقط، ويؤكد أن المستوطنات اليهودية هي "قيمة قومية”- على أنه وسيلة أخرى للتمييز ضد عرب إسرائيل لصالح اليهود الإسرائيليين. وبعد ذلك بعامين، تم التصويت في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) لإسقاط تعديل مقترح كان ينبغي أن يضيف المساواة للأقليات إلى القانون، ويقلل من فرصة استخدامه لإضفاء الشرعية على التمييز القانوني ضد عرب إسرائيل. ويقوم السياسيون اليمينيون، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بالتحريض بشكل روتيني على نشر مشاعر الكراهية والخوف ضد عرب إسرائيل وممثليهم في الكنيست. وعلاوة على ذلك، يؤدي الارتفاع الهائل في معدلات الجريمة في المجتمعات العربية إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية-الاقتصادية الحاضرة فيها مسبقاً.
كما ابتليت السياسة الفلسطينية بسلسلة من الانتكاسات الخاصة بها أيضاً. فعلى مدى الأعوام العديدة الماضية، قوضت السلطة الفلسطينية بشدة ثقة الجمهور في قدرتها على الحكم. وبعد عدم إجراء أي انتخابات عامة منذ العام 2006، أضرت السلطة الفلسطينية بسيادة القانون، وأضعفت القضاء، وقلصت الحريات الإعلامية، وضيقت المساحة المتاحة للمجتمع المدني حيث فقدت المنظمات الكثير من استقلالها عن الحكومة. وكات النتيجة هي زيادة السخط العام، والمطالبات الساحقة لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بالاستقالة. ولم يكن سلوك حماس في قطاع غزة أفضل. ولأنه متحرر من ضغط المبادئ الدستورية والأعراف وسيادة القانون، كان هذا الحكم يزداد قسوة باطراد.
مسار تصادمي
قبل نحو أسبوعين، اصطدمَت أخيرًا هذه الديناميات الإسرائيلية- الفلسطينية، والداخل-فلسطينية المتعارضة. وكان السبب الأول والأكثر وضوحًا في هذا الاصطدام هو السياسات التي انتهجتها إسرائيل تجاه الأماكن الإسلامية المقدسة في البلدة القديمة بالقدس، ومعركتها الديمغرافية ضد الفلسطينيين في بقية القدس الشرقية المحتلة. وقد مهد هذا الاتجاه الطريق لوقوع مواجهات صغيرة خلال شهر رمضان بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية والمتطرفين اليمينيين اليهود في البلدة القديمة حول التغييرات في الحرم الشريف (جبل الهيكل) والوصول إلى باب العامود.
وثمة نقطة اشتعال أخرى كانت حي الشيخ جراح في القدس الشرقية. ففي نمط يتكرر في جميع أنحاء المدينة المحتلة، واجه العديد من السكان الفلسطينيين إخلاءً وشيكًا من منازلهم من قبل المستوطنين اليهود. واحتشد سكان القدس الشرقية وفلسطينيون آخرون والعديد من عرب إسرائيل للرد على هذا الإجراء، وأطلقوا سلسلة من الاحتجاجات المحدودة وغير العنيفة في الأساس.
وهناك عامل اشتعال آخر، هو القرار الإسرائيلي بمنع إجراء الانتخابات الفلسطينية، التي كان من المقرر إجراؤها في 22 أيار (مايو)، في القدس الشرقية -على الرغم من التزام إسرائيل بتسهيل هذه الانتخابات بموجب شروط اتفاقيات أوسلو التي تم التوصل إليها في العام 1993. ويبدو أن القرار الإسرائيلي لا علاقة له بالانتخابات نفسها (أعلنت إسرائيل أنها لا تنوي التدخل في العملية ككل). بدلاً من ذلك، نُظر إلى هذه الخطوة على أنها محاولة لتقويض مطالب الفلسطينيين بالقدس الشرقية المحتلة، على الرغم من أن إسرائيل كانت قد اعترفت بالفعل بهذه المطالب في ثلاثة انتخابات سابقة. وقد تبين أن هذه الخطوة الإسرائيلية كانت الأكثر صلة بتوقيت المواجهة الحالية.
في ما كان، ظاهريًا، ردًا على القرار الإسرائيلي، قرر عباس إلغاء انتخابات السلطة الفلسطينية المقرر إجراؤها في أيار (مايو) جملة وتفصيلاً، ووعد بإجراء هذه الانتخابات بمجرد موافقة إسرائيل على التراجع عن خطتها الأصلية بشأن فلسطينيي القدس. لكن هذا القرار أدى إلى مضاعفة التوترات الفلسطينية الداخلية فحسب. ورفضت جميع القوائم الانتخابية الفلسطينية والمرشحون الآخرون تقريباً هذا القرار، بما في ذلك حماس. وقد اشتبهت معظم الأحزاب في أن الدافع الحقيقي وراء هذا الإلغاء هو إدراك عباس أنه سيخسر السباق وسيضطر إلى تقاسم السيطرة على البرلمان مع ثلاثة منشقين بارزين عن فتح: محمد دحلان؛ ومروان البرغوثي؛ وناصر القدوة. وجادل معارضو عباس بأنه يجب على الفلسطينيين ألا يمنحوا إسرائيل حق النقض (الفيتو) على انتخاباتهم. وبدلاً من ذلك، فضلوا إجبار إسرائيل على قبول التصويت في القدس الشرقية من خلال الحملات الانتخابية غير العنيفة وحملات تسجيل الناخبين في المسجد الأقصى وغيرها من المساجد والكنائس وبعثات الأمم المتحدة والبعثات الدبلوماسية.
كان المحفز الأخير لجولة العنف الحالية هو عدم قدرة حماس على تشكيل تحالف مشترك ضد إلغاء عباس للانتخابات، على الرغم من المعارضة الواسعة له. وعلى الرغم من أن المجموعة مدت يدها إلى قوائم انتخابية أخرى للحصول على دعمها، إلا أن أياً منها لم ترغب في أن يُنظر إليها على أنها حليفة لحماس. وقد وجه ذلك ضربة قوية لاستراتيجية حماس على المدى الطويل. وكانت المجموعة قد سعت، من خلال إعادة دمج نفسها في العملية السياسية للسلطة الفلسطينية من خلال الانتخابات، إلى استعادة شرعيتها وتحرير نفسها من عبء حكم قطاع غزة.
مع وجود هذه الاستراتيجية في حالة يرثى لها، تولت قيادة أكثر تشدداً زمام الأمور في حماس. وأتاح تصعيد الشرطة الإسرائيلية في الأقصى وعمليات الإخلاء الوشيك في الشيخ جراح الفرصة لتحقيق هدفين: الأول هو معاقبة عباس وجعله غير ذي صلة سياسياً. والثاني هو معاقبة إسرائيل على سياساتها المعادية للفلسطينيين في القدس الشرقية وعلى قرارها تعطيل إجراء الانتخابات في المدينة. وبتحقيق هذين الهدفين، سعت حماس إلى أن تثبت للفلسطينيين والآخرين أنه بينما يهرب عباس من معركة على القدس، فإن حماس ستقف مع سكانها. وفي واقع الأمر، كانت المجموعة مستعدة للمخاطرة بخوض الحرب في غزة للدفاع عن مدينة القدس والمسجد الأقصى. وفي نهاية المطاف، في 10 أيار (مايو)، أصدرت حماس إنذارًا نهائيًا: إذا لم تسحب إسرائيل أفراد الشرطة والجيش من المسجد والشيخ جراح، فإن الجماعة ستهاجم. وبعد دقائق من انتهاء المهلة، بدأت حماس في استهداف البلدات الإسرائيلية بصواريخ أطلقت من قطاع غزة، وهو ما أدى إلى غارات جوية إسرائيلية انتقامية.
آفاق السلام
لم تكن حماس هي التي أطلقت العنان للمواجهة الحالية، وإنما استفادت فقط من التوترات المتصاعدة لإقامة القضية لاستبدال عباس. وأدى قرار إسرائيل إلغاء إجراء الانتخابات في القدس الشرقية، وخطوة عباس اللاحقة المتمثلة في إلغاء العملية برمتها، إلى سلسلة من ردود الفعل التي لم يتوقعها أي من الطرفين. ولو أن الانتخابات مضت قدُماً كما كان مخططاً لها، لكانت المواجهات في القدس الشرقية قد اشتدت، لكنها كانت ستظل سلمية على الأرجح. وكانت حماس، وفتح، والقوائم الانتخابية الأخرى ستكون منشغلة جداً بتعبئة ناخبيها ضد الشرطة الإسرائيلية والمستوطنين المتطرفين. ولم تكن حماس لتخاطر بشن حرب في غزة، والتي ربما توقف استعداداتها الانتخابية، وتقضى بالتالي على فرصتها في إعادة الاندماج في العملية السياسية الرسمية. لكن الساحة كانت، من دون الانتخابات، مهيأة للعنف.
كيف ستؤثر المواجهة الحالية على آفاق تحقيق السلام على المدى الطويل؟ على الجبهة الإسرائيلية الفلسطينية، ربما يكون حل الدولتين قد تلقى ضربة قاتلة. فبالنظر إلى الجهود الإسرائيلية لتهميش عباس والسلطة الفلسطينية، لن يكون من السهل إبقاء الضفة الغربية خارج الصراع القادم -أو حتى الصراع الحالي. ولن يكون التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية كافياً لاحتواء النيران المتصاعدة. وبالنظر إلى الخطاب الدائر حول الضم، لن تكون أي حكومة يمينية إسرائيلية مستعدة -أو قادرة على تجديد الانخراط في عملية سياسية تتطلب مفاوضات مع قيادة السلطة الفلسطينية، حتى لو كان الأمر يتعلق بخطوات تدريجية صغيرة.
وعلى الصعيد المحلي، سوف يتمكن عباس من البقاء في منصبه فقط طالما كان قادراً على منع إجراء الانتخابات. ولكن، مع تزايد السخط الشعبي، تتضاءل قدرة أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية على إدامة السيطرة وتهدئة السخط العام. وقد تجد السلطة الفلسطينية نفسها هدفاً لجمهور غاضب. وسوف يخسر عباس والسلطة الفلسطينية والحركة الوطنية الفلسطينية الثقة القليلة التي ما يزالون يحتفظون بها. وستكون الانتخابات والإصلاحات السياسية هي الوسيلة الوحيدة لجعل النظام شرعيًا وخاضعًا للمساءلة مرة أخرى. ويجب على أولئك الذين يرفضون إجراء الانتخابات لأن عباس سيخسر أو لأن العملية قد تضفي الشرعية على حماس أن يأخذوا العواقب في الاعتبار. لن يكون تجاهل المشكلة والإبقاء على حماس محاصرة في قطاع غزة حلاً قابلاً للاستدامة.
لا ينبغي أن تكون هناك أي أوهام إزاء دور المجتمع الدولي هنا. في أحسن الأحوال، يمكن للدول العربية وغيرها، بما في ذلك واشنطن، المساعدة على إدارة الصراع فقط من خلال جعل الوضع الراهن مستدامًا. ومع ذلك، لن تكون لديهم القدرة -أو الإرادة السياسية- لإجبار إسرائيل على احترام القانون الدولي، أو إجبار عباس والسلطة الفلسطينية على احترام معايير الحكم الرشيد. وعلى الرغم من صعوبة الأمر، يجب على الإسرائيليين والفلسطينيين أن يفعلوا ذلك بأنفسهم.
*د. خليل الشقاقي: أستاذ العلوم السياسية ومدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في رام الله، فلسطين. منذ العام 2005 عمل زميلاً رئيسياً لمركز كراون لدراسات الشرق الأوسط في جامعة براندايس في الولايات المتحدة. أنهى دراسة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة كولومبيا في نيويورك في العام 1985 ودرّس في جامعات فلسطينية وأميركية عدة. عمل بين الأعوام 1996-1999 عميداً للبحث العلمي في جامعة النجاح الوطنية في نابلس. أمضى صيف 2002 زميلاً زائراً في معهد بروكنغز في واشنطن العاصمة. أشرف على إجراء أكثر من 200 استطلاع للرأي العام الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة وعلى العشرات من استطلاعات الرأي المشتركة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ترأس في الفترة ما بين 1998-1999، مع د. يزيد الصايغ، فريقاً من 25 خبيراً فلسطينياً في شؤون بناء مؤسسات السلطة الفلسطينية. وتم نشر النتائج في تقرير أصدره مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك تحت اسم "تقوية مؤسسات السلطة الفلسطينية” في العام 1999. وأجنبياً، تركز اهتماماته البحثية على قضايا عملية السلام وعملية بناء الدولة والرأي العام والتحول نحو الديمقراطية وأثر التطورات الفلسطينية الداخلية على عملية السلام. وهو الكاتب المشارك لتقرير "مقياس الديمقراطية العربي” وعضو لجنة الإشراف على "الباروميتر العربي” اللذين يرصدان الإصلاح العربي.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Fighting in Gaza Marks the Start of a More Violent Era: The Search for a Two-State Solution is Over