جفرا نيوز -
جفرا نيوز -كتب ابراهيم عبدالمجيد القيسي
مضت سنوات طويلة نسبيا، واعلام الديوان الملكي يتوغل في الابتعاد عن اهتمام الصحفيين المهنيين، وكتاب الرأي، والعوامل التي أطالت هذا الغياب متعددة، نذكر من بينها تنامي تلك النزعة (الثورية) المنبعثة من زوايا معتمة، والتي تتبنى خطاب معارضة ما، تكرست في ذهنية كثيرين، لتلتقي وتعزز وتدعم نزعة موروثة أقدم منها متأصلة في نفوس العرب قبل الأردنيين، تنحو دوما لتجريم واتهام أي سلطة، ومن نافلة القول أن تكون نتائجها تغلغل الإشاعة وتمددها واشتداد عودها، في ظروف سيئة تبددت معها الحقيقة وضاعت الهيبة ..
كنا نهتم بالحدث الملكي ولا يمر اسبوع دون أن نكتب مقالة أو أكثر عن شأن أو حدث متعلق بعمل جلالة الملك، أو خبر صادر عن اعلام الديوان الملكي، حيث كانت الرسائل غزيرة، وتصل لفئات كبيرة من الناس والنخبة وجهات الرصد المحلية والخارجية، لكنني في السنوات الأخيرة ابتعدت قسرا عن الكتابة في هذا المجال، إلا ما جاء ضمن محاور الخطابات والتوجيهات والمبادرات الملكية، وسبب التراجع بل الحذر من الكتابة نابع أساسا من اعتراض شخصي على أداء اعلام الديوان، وهو اعتراض كتبنا عنه (أنا وزملاء كثر) أكثر من مرة، وانتقدنا سياسات من يديرونه آنذاك، بل كنت احاور الزملاء القائمين على إدارة هذه الدائرة، محاولا ثنيهم عن بعض الممارسات والإجراءات التي ستؤدي في النهاية الى ابتعاد الصحفيين المهنيين وكتاب الرأي (المحترمين) عن الاهتمام بهذه الدائرة الاعلامية ومتابعتها، وهذا ما حدث بشكل ملموس في السنوات الخمس الأخيرة.
برز لون (تهجمي) على الديوان وعلى شخص وخصوصيات جلالة الملك ومؤسسات الدولة الأخرى، وقلت تهجمي ولم أستخدم مرادفات المعارضة السياسية وخطابها، لأننا جميعا ندرك أن ذلك الخطاب غير سياسي حقيقة، فهو اتهامي تشكيكي يزخر بالإشاعة أو بالتفاصيل غير المهمة، لكنه خطاب تمدد أكثر لملء تلك المساحة التي تركها الصحفيون المهنيون، بل أصبح لدينا عامل جديد يمنعنا من التفاعل والكتابة أو حتى الدفاع، فالتهم جاهزة والأهم أنها تتجاوز عن النقد الموضوعي، وتصبح اتهامات شخصية وتشهير، ولا يمكن حلها الا بالتوجه للقضاء، إن هاجمك أحد أو مجموعة لأنك كتبت تدافع او توضح أو تكشف حقائق، تدحض الإشاعات العادية قبل الممنهجة الصادرة عن اجندات غير وطنية أو حتى خارجية..
كنت أحيانا ادافع عن عدم مشاركتي او كتابتي بالقول (شو علاقتي وشو مستفيد غير الاحراج..خلي فلان او علنتان يكتبوا )..
امس، قرأت خبر تعيين الزميل الاستاذ فهد الخيطان لإدارة إعلام الديوان الملكي، وحتى أكون صادقا وصريحا، (استغربت أن يقبل فهد بهذا الموقع) بعد أن جرى تصغيره وإبعاده تماما عن التأثير في السنوات الأخيرة، فأصبح لا يستوعب الا (أحجام ضئيلة من الإعلاميين وأشباههم)، لكنني أجبت على نفسي بأنه قد يكون هذا هو السبب لتعيين فهد، فهذه الدائرة تحتاج الى أن تستعيد أهميتها، وتمارس عملها في تسويق خطاب الدولة بشكل يستحق المتابعة والاهتمام ويحافظ على أخلاقيات وقيم مؤسسة العرش، وهذا ما أتمنى أن يحدث، وغير هذا سيكون بمثابة مغامرة قد تنعكس على الزميل وقبله على تلك الثقة بالدولة التي تراجعت وما زالت تمعن في الغياب.
لا يحتاج فهد الخيطان مني التحدث عنه إطراء ولا حتى حديث مجاملة، فهو زميل، أستاذ، متمكن وناجح، وهذا ما ننتظره منه، أن ينجح في مهمته، لأننا خسرنا كصحافة مهنية وكمواطنين من فقدان هيبة الدولة ومؤسساتها، والدولة كلها اليوم تعاني من انهيار الثقة، وحين نذكر أسباب هذا الانهيار فنحن نذكر اولا غياب الاعلام الوطني المهني، وإبعاد الزملاء المهنيين عن المؤسسات الاعلامية المهنية، وإسنادها لمن هم خارج الجسم الصحفي المهني، الذين لا يملكون أدوات المهنة، ولا حتى يتمتعون بثقافة وطنية مناسبة لتوجيه رأي عام أو إرشاده الى حقائق اردنية، يتغافل عنها كثيرون، ونحصد مزيد من عدم ثقة وضعف إيمان وولاء للوطن وللدولة.
اتمنى النجاح للزميل فهد الخيطان.