جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب ابراهيم عبدالمجيد القيسي
قبل 30 عام، وجه الراحل الملك الحسين بن طلال خطابا أسماه صرخة هاشمية عروبية، حذر فيها العرب والعالم من خطر تفكيك العراق، وقد تحقق كل ما حذر منه، لأن المصالح الفردية في طبقاتنا العربية الحاكمة تطغى على القومية، ومع ذلك نقول أن الأردن ثابت على موقفه الأخلاقي تجاه هذه الأمة.
وقبل حوالي10 أعوام، رفض الأردن الإنزلاق الى الفتنة السورية، التي تم دحرها ووأدها بعد خسائر سورية مؤسفة، وهذا موقف أردني أخلاقي آخر، اتخذه الأردن وتحمل تبعاته الكبيرة، ولم ولن يكترث لخسائره الوطنية حين يتخذ موقفا عروبيا أخلاقيا تجاه اي قطر عربي شقيق.
وقبل عامين تقريبا وفي إشارة لصفقة القرن التآمرية؛ قال جلالة الملك بأن الاردن لا يبيع مواقفه ومبادئه ودوره مقابل المال (100 مليار)..
وهناك عشرات المواقف بل ربما آلافها، التي تمسك الأردن خلالها بالمصلحة العربية الأخلاقية وبالمبادىء الهاشمية ولم يساوم أو يرضخ للتهديدات والاغراءات خلالها، ولم يقم يوما بمراجعة هذه المواقف أو إحصاء خسائره فيها، لأنه بلد (عنده أخلاق ولا يساوم عليها أحدا ولا يبيع أو يشتري فيها).
وقبل هذه المواقف جميعها وأثناءها وبعدها..الأردن هو البوابة الرئيسية للفلسطينيين مع العالم الخارجي، وهو البلد العربي الأكثر تضررا من احتلال «اليهود» لفلسطين، علاوة على كثير من التحديات السياسية الناجمة عن الورقة الفلسطينية التي لا يمكن فصلها عن الهوية الوطنية الأردنية، فاستمرار الاحتلال المجرم لفلسطين، يعطل الكثير من متطلبات ومراحل التطور السياسي في الأردن، بسبب الاعتبارات القانونية الكثيرة المتعلقة بالورقة الفلسطينية، ولن يغامر الاردن بالفلسطينيين المتواجدين في الأردن، دون تقرير حقهم بالعودة الى وطنهم، أي أن الأردن لا يمكنه التخلي عن الفلسطينيين وتركهم في مواجهة غير متكافئة مع أعدائهم وأعدقائهم الا بعد ان يحصلوا على دولتهم المستقلة..
يمكنني كأردني التعبير عن سعادتي وإعجابي بالصمود الفلسطيني المستمر، الذي حافظ على هوية هذا الشعب، وأبقى على فلسطين حية في وجدان العالم الظالم، وفي المواجهة الباسلة الجارية اليوم، والتي يسطر فيها الفلسطينيون ملحمة صمود جديدة، يقدمون خلالها دروسا للبشر كلهم عن كيفية التضحية وفداء الأوطان والتمسك بحقوقهم الطبيعية للحياة الحرة في اوطانهم، ويواجهون القتل والحرق والتدمير والتشريد والتمييز العنصري .. فالأردنيون كلهم فلسطينيون حتى تتحرر فلسطين ويعود كل فلسطيني من الشتات الى بيته وأرضه، ومع احترامي لكل الأشقاء العرب، فلا يوجد عربي يشعر ويتألم لألم الفلسطيني أكثر من الأردني، وهذه حقائق تاريخية يعرفها تراب فلسطين وتراب الأردن.
في الحدث الاجرامي الجاري في فلسطين كلها، الاردن يتمسك بموقفه الاستراتيجي والأخلاقي الداعم لفلسطين، وذلك رغم التحديات الجديدة التي يغفل عنها بعضنا، حيث ينسى هؤلاء بأن القابعين خلف الكواليس تزايدوا، وتجتاحهم كل الرغبة بأن يغلق الأردن الباب بينه وبين الدولة المجرمة المحتلة، لينتهزوا الفرصة ويجهزوا على ما تبقى من دور أردني لمساعدة الشعب الفلسطيني والتخفيف عنه وتقصير المسافة الطويلة بينه وبين العالم.
كثيرون يصمتون عما يجري في فلسطين نكاية بإيران، وبما يسمى (محور المقاومة)، وانتظارا لما سيتمخض عنه المشهد الإجرامي الدائر في غزة وغيرها من الأراضي الفلسطينية، ويتمنى هؤلاء لو ينجلي المشهد عن اختفاء الفلسطينيين وليست مقاومتهم البطلة فحسب، بينما الأردن يتسامى فوق كل هذه النكايات والمناكفات والحسابات، ويلتزم شعبيا وحكوميا بدعم الفلسطينيين، ويصرح بل يذكر العالم للمرة الألف بأن (لا استقرار ولا أمن للمنطقة وللعالم إن لم يستقر الفلسطينيون في دولتهم المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها القدس).
لو دققنا النظر قليلا سنلاحظ أن محاولات كثيرة جرت الأيام الماضية على الأرض الأردنية وخارجها، لمحاولة شق الصف الأردني الداعم لفلسطين، لكن الدولة ملكا وحكومة وشعبا يتسامون جميعا ويتحدون في دعم الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة ولن يسمحوا للمتصيدين في الماء العكر أن يصلوا إلى أهدافهم.
عاش الشعب الفلسطيني البطل، وعاشت فلسطين حرة عربية، و(القدس لنا).