النسخة الكاملة

سليمان الطراونة..كيف أرثيك يا صديقي

الخميس-2021-05-07 01:37 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم الشاعر موسى الحوامدة - 
 

تتوقف الكلمات عاجزةً عن التعبير والتشكل، حين تكون الفاجعة بموت صديق وزميل ورفيق عمر وشريك زنزانة بحجم الدكتور سليمان الطراونة ..

تحدثنا معًا قبل شهر رمضان وروى لي معاناته مع المرض وكنت أثق بقوة إرادته وتخطيه لهذا الكابوس ولم يخطر لي أن تكون تلك آخر مكالمة بيننا والتي صحح لي خلالها معلومة مهمة ……

كنت أعرف أنه كان سببًا في خروجي معه من الزنزانة يوم 29-5 -1979 وقد فهمت أن والده الشيخ داود الطراونة ضغط على أحمد عبيدات حين كان مديرًا للمخابرات وكان قد تم اعتقال عدد من طلاب الجامعة الأردنية كان من بينهم سعود قبيلات وناهض حتر ومحمد طمليه .. وبعد عدة شهور من حبسنا في زنازن منفردة وافق عبيدات على الإفراج عن سليمان ولكنه قال لوالده لا بد ان نفرج عن طالب ثان معه من الضفة الغربية ..كان هذا قبل فك الارتباط ..هذا ما كنت أعرفه ..حتى كانت المكالمة الأخيرة مع الدكتور سليمان والتي عدنا فيها للحديث عن الجامعة والدراسة وسفره إلى سلطنة عمان وعلمه هناك ثم انتقاله مؤخرًا للعيش في ضاحية الرشيد ولما قلت له لا أنسى أنك كنت سببًا في خروجي من الزنزانة فسألني وهل تعرف لماذا تم الإفراج عنك معي في نفس اليوم قلت نعم لأن احمد عبيدات قال نفرج عن طالب من الضفة الشرقية وطالب من الضفة الغربية فقال لي د. سليمان ضاحكًا من قال لك ذلك قلت سمعت في الجامعة ولم يخطر على بالي أن أسألك، فقال لي لا وحياتك هذه معلومة خاطئة واسمع ما قاله لي والدي بالحرف ..قلت تفضل، قال رحمه الله: بعد أن ضغطنا على عبيدات للإفراج عنك يقصده سليمان قال له أحمد عبيدات اسمع يا شيخ داود إذا أفرجت عن ابنك اليوم وحده سوف يتهم بأنه يعمل معنا، هل تريد أن تسبب له مثل هذا الحرج وان تلبسه مثل هذه التهمة، فرفض والدي ذلك طبعًا، فقال له عبيدات: إذن دعني أبحث عن طالب معتقل معه معروف بوطنيته ولن يشكك أحد به وعلى هذا الأساس تم اختيارك ..وتم الإفراج عنا بعد فترة ..كانت يوم 29 أيار في مثل هذا الشهر ..

يا إلهي هل كان الدكتور سليمان ينقل لي ذلك كما حدث حقيقة أم شاء أن يشهد لي بهذه الشهادة التي تحمل ألف معنى ومعنى ..

وبعد هل تكفي الدموع لنعيك يا سليمان

هل تكفي الآيات للصبر

هل تكفي تلك الفلسفة التي تعلمناها وحاولنا ان نتعلمها لكي نتجرع الموت

هل تكفي هذه الأسر التي صنعناها وظل المستحيل قائما ولم نغيره

هل تكفي الأحلام تعويضا عن هزائمنا وخساراتنا

هل يحمل أبناؤنا ما حملناه من نار مقدسة بين ضلوعنا ..تلك النار التي أحرقت أرواحنا على كرامة مهدورة وبلاد مسلوبة وأعداء سفلة في كل الجهات والأمكنة

يا سليمان الشريف والنزيه والنظيف والراقي والنقي ..كيف تترجل قبل أن نكمل الحلم كيف تستسلم للموت قبل أن ننتصر عليه ونكبله بقيود العجز..

وداعًا ايها النبوي في زمن الخراب

وداعًا أيها العربي في زمن النكران …

وداعًا أيها النقي في زمن التلوث ..

ليرحمك الله وعلى روحك الطاهرة السلام.