جفرا نيوز -
جفرا نيوز - نايف المصاروة.
كنت قد كتبت قبل نحو شهر تقريبا، مقالا في عدة صحف إلكترونية محلية وعالمية، تناولت فيه أهمية المياه، ومفهوم الأمن المائي، وضرورة حفظ مصادرنا المائية، وضعف الرقابة عليها، وانعدام المسؤولية شعبيا ورسميا، والعبث الخارجي، وبعض معالم حروب المياه، والدور الصهيوني للسيطرة على مصادر المياه في المشرق العربي إما بشكل مباشر او بالوكالة.
بالأمس القريب كشف النقاب عن جملة من الجرائم منها ما هو إعتداء على المال العام المخصص لمشاريع المياه، اذ تبين أن هناك فساد مالي كبير يصل الى اكثر من '' 12''مليون دينار، من قبل موظفين كبار في بعض الجهات الرسمية، وقد تم تحويل الملف الى الإدعاء العام.
وخبر آخر اذ قال وزير المياه انه تم ضبط اعتداء وسرقة المياه في منطقة جنوب عمان، من قبل شخص ذو خلفية عشائرية!
لا أدري ماذا يقصد بخلفية عشائرية، وما الدافع الى الإشارة الى العشائرية في جرم سرقة المياه، ولا يشار لها في جرائم سرقة المال العام!
ولا زلت أسأل واتساءل، لماذا لم يتم تحويل حالة او حالات الضبط والتلبس بجرم سرقة المياه الى القضاء في حينه وحتى الآن ، وما هو المانع ؟
وقبل نحو اسبوعين تقريبا او أقل بقليل، طالعتنا بعض وسائل الإعلام أيضا بخبرين مؤلمين، الأول.. صادر عن وزارة المياه، مفاده أن الوضع المائي في المملكة حرج!
وأن المخزون المائي في السدود انخفض بشكل كبير ، نظرا لانخفاض الهطول المطري خلال العام الحالي؛
وأن الوزارة ستقوم بتكثيف الجهود في مراقبة الشبكات والحد من الفاقد المائي ووقف الاعتداءات على مصادر المياه، '' الوزارة ستقوم '' ، ولا أدري اذا قامت أم بعد، كما ذكر الخبر بأن الوزارة.. تقوم بإعداد خطة طوارئ للتعامل مع الصيف، بهدف تأمين المياه للمواطنين, وأن المواطن يجب ان يدرك أن الوضع المائي غير مريح، ولابد من التعامل مع المياه بمسؤولية.
والخبر الثاني.. أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وافقت… وأكررها للتأمل.. وافقت على طلب الأردن الحصول على إمدادات إضافية من المياه، بعد مماطلة طويلة من رئيس حكومة الكيان، بنيامين نتنياهو لتزويد الاردن بحصصه المائية الإضافية الذي طلبها وفقا لإتفاقية وادي عربه.
وبحسب المراسل السياسي لموقع "واللا”، باراك رافيد ، أن نتنياهو كان قد عطّل على مدى أسابيع وبشكل متعمد ، تحويل المياه الإضافية إلى الأردن ، وأشار الموقع إلى أن نتنياهو يستخدم نقص المياه في الأردن كورقة ضغط على السلطات الاردنية.
وبموجب اتفاقية وادي عربة، تزود إسرائيل الأردن بما يصل إلى 55 مليون متر مكعب سنويا من مياه بحيرة طبريا ، يتم نقلها عبر قناة الملك عبد الله إلى عمان، مقابل سنت واحد (الـ100 سنت يساوي دولار) لكل متر مكعب.
وفي عام 2010، اتفق الأردن والكيان الصهيوني، على إضافة 10 ملايين متر مكعب مقابل 40 سنتا لكل متر، وهو السعر المقرر أيضا للإمدادات الإضافية التي وافقت إسرائيل عليها.
اعود الى الخبر الأول، واقول.. بما اننا في الأردن نعتير من أفقر عشر دول في العالم، هكذا يقال… ونحصل على حاجتنا من المياه من مصادر تعتمد في تجديد مخزونها على الأمطار، التي أصبح معدل هطولها متقلبا بفعل عوامل التغير المناخي، ويعتبر نهر الأردن وحوض اليرموك والديسه، من أهم مصادر المياه في الأردن.
وأكرر القول.. بأنني اراقب منذ سنوات، حوادث الاعتداء على مصادر المياه وخاصة الجوفية منها،وهو امر مؤلم ومشاهد، وما يؤلم اكثر أن بعض مؤسسات الرسمية ، او تلك التي اوكل اليها امر رعاية وادارة شؤون قطاع المياه والمحافظة عليها، وما اكثرها بعد ان "فرخت كشركات تحت عدة مسميات” ، هي من تقع في الاخطاء القاتلة،منها مثلا ما جاء في تقرير ديوان المحاسبة في ص 151حول مكب الحسينيات، إذ يقع المكب على منطقة ذات حساسية عالية، لخطر التلوث على حوض مياه جوفية تبلغ مساحته 3900 كم2.
وأسأل وقد سألت سابقا… . بما ان المكب وقع سابقا، ولا يزال يقع حتى اللحظة، على حوض مياه جوفية، فأين الدراسات والتوصيات السابقة والرقابة الاحقة ،وقبل الشروع في إقامة المكب؟
وسؤال آخر.. بعد أن تبين أن هناك حوض مائي، وما احوجنا إليه، فالماذا لم تتخذ الحكومة إجراءات عاجلة، لنقل المكب إلى مكان آخر؟
وهناك ايضا مكب النفايات الواقع إلى الشرق من مدينة الكرك، والذي يقع بالقرب من منطقة اللجون، والذي يقع ايضا بالقرب من تجمع لأودية تصب في سد الموجب.
وعندي سؤال… ما هو السبب لتغير لون مياه سد الموجب الى الأسود؟
وأذكر.. أنه قبل نحو شهرين تسربت مياه عادمة… الى السيل المؤدي الى سد الوالة !
كما إنني اراقب منذ سنوات، حالات لإغراق بعض مصادر المياه، بالمياه العادمة او الملوثه، من خلال القيام بمشروعات الصرف الصحي، قرب تلك المصادر، كما في مجرى سيل الزرقاء والذي يبدأ جريانه من عدة ينابيع في نواحي مدينة عمان، وما يعرف بعين غزال ، وتمر عبر مدينة الرصيفه، ففي ايام الشتاء مثلا، يتشكل سيلا عارما، ولكنه يكون احيانا اسود اللون رائحته نتنه، او ما يكون في اوقات اخرى من فيضان للمياه العادمة (مياه الصرف غير الصحي )، التي تشاهد بكم كبير لتستقر في نفس الوادي الذي يتشكل منه سيل الزرقاء، والذي يصب في سد الملك طلال اكبر السدود في المملكة.
وقبل نحو شهر تقريبا، تم نشر خبر على بعض المواقع الإخبارية، من خلال تصوير فيديو، لهذا الواقع المائي المؤلم في مجرى سيل الزرقاء ، ومع الأسف لم تتحرك اية جهة مسؤولة للمعالجة، وللعلم لا يزال الوضع على ما هو عليه وزيادة.
والسؤال… هل هذه الاحداث والمخالفات، عادية ام انها متعمدة بفعل فاعل لزيادة فقرنا المائي!!
وسؤال آخر ايضا.. لماذا لا يزال لدينا ارتفاع في نسبة الفاقد المائي، وصلت إلى 55%،بحسب تقرير ديوان المحاسبة ، وان سبب ذلك هو ضعف الرقابة الميدانية، وقلة حملات التفتيش ..ضعف رقابة.. وقلة حملات تفتيششش!!
اذا كان لدينا عجز مائي، وصل الى الوضع الحرج، ومع هذا عندنا تلوث في مصادر المياه، وارتفاع نسبة الفاقد، اضف اليها ارتفاع قيمة المبالغ غير المحصلة، على الشركات والمستهلكين والتي تقدر بعشرات الملايين، بحسب تقرير ديوان المحاسبة، اذا اين دور وما هي مسؤولية، الوزارة وكل المؤسسات والسلطات والشركات التي تتولى رعاية شؤون قطاع المياه وإدارتها؟
ما ذكرته سابقا… ولاحقا ،وما ذكرته بأعلاه.. يقودنا الى العودة الى الخبر الثاني، وهو شراء حقنا المائي من عدونا الصهيوني!
ولا اريد ان اخوض ايضا في هذا المضمار المؤلم ، ولكن اشاره، رفض وممانعة إسرائيلية سابقا ولاحقا، لتزويدنا بحصتنا من المياه من بحيرة طبريا، ومماطلة في بيعنا للمياه، والسؤال.. ونحن نحتفي بالمئوية الثانية للدولة.. إلى متى سنبقى نعتمد على إسرائيل المحتلة لتزويدنا بالمياه؟
وأين الرد الرسمي على العبث الصهيوني، اولا بإعادة النظر بإتفافية السلام، وثانيا بوقف العمل بالخط الناقل للغاز المسروق من قبل الصهاينة، من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهل نعلم ما معنى ان نشتري ماءنا بنقودنا.. ومن عدونا!
وإشارة أخرى.. بكل تأكيد نحن في الأردن لسنا بمنأى عن الصراع على المياه ، فأحد عوامل اندلاع حرب الأيام الستة في عام 1967 كان محاولات إسرائيل تحويل نهر الأردن إلى خط أنابيب يحمل المياه من بحيرة طبرية إلى صحراء النقب.
وللعلم.. تحصل إسرائيل على نحو ثلثي مياه نهر الأردن، بينما يحصل الأردن على خُمسها، وسوريا على 15% فقط منها على الرغم من أن مياه النهر تنبع من سوريا، ولا يتسع المقام لسرد المزيد من مكائد بني اسرائيل في شان المياه بشكل خاص، وما آل اليه مشروع ناقل البحرين.
ختاما.. اقول إن تكرار حوادث تلوث او تلويث مصادر المياه، ليس بجديد… وليس الاول ولن يكون الاخير ، وأنا أجزم أن كل ذلك مفتعل وبشكل متعمد.
وإن المطلوب رسميا وشعبيا الحذر الشديد في التعامل مع ملف المياه، كما هو مطلوب ايضا بأن نكون على وعي أكثر، من حيث المحافظة على المياه، وضرورة حفظ وتطوير مصادرها.
كما أن الواجب يقتضي، ان تقوم الحكومة وبكل مؤسساتها، لوضع حلول عاجلة لمشكلة المياه، من نواحي توفيرها، والبحث العاجل عن مصادر أخرى ، والعمل على ايجاد السبل لتنويعها ، وبشكل يظمن للاجيال استمرارها.
كما يجب وبشكل حازم حماية مصادر المياه من العبث وإنعدام المسؤولية، وخاصة من بعض الجهات المسؤولة،والحرص الشديد من العبث الخارجي لتعطيشنا….!
وضرورة تعديل قانون المياه ، وتغليظ العقوبات ماليا وجزائيا على العابثين بشأن أمننا المائي ، فأمن المياه مطلب رئيسي لحياة الناس، كما هو مطلب الأمن للحماية من اللصوص واهل الإجرام.